mardi 14 juin 2022

 اللهجة_الجزائريّة

🇩🇿
"من المعروف في مؤلفات المسلمين الذين كتبوا عن الأندلس أن أهل هذه البلاد لا يهمزون، إذ لا ينطقون الهمزة بحيث يلفظون "البئر": "البِيرْ"، ولا يقولون :نأكل" بل "ناَكُلْ". كما كان الأندلسيون غير آبهين ببعض صيغ النحو والصرف، وتجاوزت هذه "العدوى" حدود بلادهم، إذ يستخدم أهل المجال الثقافي الجزائري بصورة عامة صيغة المتكلم الجمع بدلا من المفرد عند الحديث عن أنفسهم كأفراد، إذ يقولون: "نْرُوحْ" و"نَلْعَب" وليس "أروح" و"ألعب" أو "نرتاح" بدلا من "أرتاح"، و "نَمْشِي" بدلا من "أَمْشِي".
كما حُوِّر استعمال حرف الجر "في" بإلصاقه مباشرة بالاسم المجرور بعد نصب حرف الفاء وحذف يائه، كأن نقول: فَالْبْلاَد"ْ وليس "فِي البْلاَدْ"، أو "فَالدَّارْ" بدلا من "فِي الدَّارْ"...
كذلك، من خصائص اللسان العامِّي الأندلسي استخدام حرف الكاف أو التاء في بداية الفعل المضارع، وهي عادة ما زالت موجودة ليومنا هذا، فيما اختفت في جهات أخرى. وفي منطقة بني يَدَّرْ في جيجل في الشرق الجزائري تُستعمل الكاف في جهات والتاء في جهات أخرى بحيث يُقال "كَيَلْعَبْ" أو "تَيَلْعَبْ"، وهما حَرْفَان وظيفتُهما تبدو أقربَ إلى حَرْفِ التَّوْكِيد....
...........
كذلك تشترك في استخدام عبارة "فَايَنْ"، اختصارا لـ: "فِي أَيْنَ"، كالقول "فَايَنْ كُنْتْ"، كلٌّ من طنجة وغرناطة، على الأقل من بين البلدات والأرياف الأندلسية، وتلمسان وندرومة ومدينة الجزائر، على الأقل إلى غاية القرن 19م، ولو أن هذه الأخيرة نَزَعَتْ إلى نُطقها "فِينْ" (كالقول "فِينْ كنْتْ") .
وتكاد تنطبق القاعدة ذاتها على "فَايُوقْ" أو "فَايْوَقْ" التي تُختَصَر بها جُمْلَة "فِي أَيِّ وَقْت" و"مْنَايَنْ" التي تَختَضِرُ "مِنْ أَيْنَ" وتشترك في استخدامها كل من الأندلس والحواضر والأرياف "الأندلسية"، وأيضا "عْلاَيَنْ" التي هي في الأصل "على أين" التي صادفها ويليام مارصي في طنجة وجهات أخرى من المغرب بما فيها جنوب البلاد، وقال إنه لم يعثر عليها أبدا في الجزائر .
كان أهل غرناطة يقولون لإحدى آلات الإيقاع الأساسية في الأجواق الموسيقية وهي "الطَّرّْ": "الطَّار" حسب المستشرق الكبير دُوزِي. واليوم، بل ومنذ قرون، غالبا لازلنا ننطقها في مدينة الجزائر وتلمسان وندرومة بنفس الطريقة الغرناطية، أيْ "الطَّارْ" .
وكما كان أهل الأندلس، على الأقل في مملكة غرناطة، يميلون إلى استخدام عبارة "زُوجْ" أكثر من "اثْنَان" ، فإن الظاهرة ذاتها سيطرت منذ قرون على الكثير من حواضر وأرياف منطقة المغرب العربي التي تُقاطِع تقريبا عبارة "اثنان" وتكاد لا تستعمل سوى "زُوجْ" كما هو الحال في مدينة الجزائر ....
.........
توجد صيغة كلامية غير معروفة في المشرق العربي، لكنها شائعة جدا في القُطر الجزائري، وهي "شْحَالْ" التي تَخْتَصِرُ الجُمْلَة "آشْ حَالْ" التي تُعدُّ بدورها صيغة موجَزة لـ: "أيّ شيء حال"، ومعناها "كيف الحال" أو "كَمْ"، حسب السياق الذي تَرِدُ فيه هذه الصيغة الاستفهامية.
وفيما تَغِيبُ هذه الجُمْلَة عن كلام المشرق، فإن الراهب الإسباني بيدرو دي آلكالا( pedro de Al cala) يفاجأنا في قاموسه حول لغة أهل غرناطة العامِّيَّة الصادر في بداية القرن 16م بتأكيده شُيوعَها في الوسط الاجتماعي الغرناطي في عهده.
وكتب هذا الرَّاهب الكاثوليكي "آش حال" بالحروف اللاتينية بهذا الشكل في قاموسه: #axhál ، مع العلم أن حرف "X" يُنطَق "ش" في مثل هذا السياق في اللغة الإسبانية. وعند شرح مدلولها، قال بيدرو دي آلكالا إنها تعني بالإٍسبانية "#Cuanto"، أيْ: كَمْ.
ويليام مارصي يبدو مقتنعا أن "شْحال" أو "آشحال" من مظاهر التأثير اللغوي الأندلسي/الموريسكي في المنطقة المغاربية ....."....
وفي نهاية المطاف، أقول هذا هو سر "غرابة" لساننا العربي، من وجهة النطر المشرقية، في الجزائر ..إنها الأندلس التي لم تكف أبدا عن العيش في أعماق أعماقنا؛ في ألسنتنا، في سُحناتنا وتقاسيمنا، في جيناتنا، في أمثالنا وحِكمنا، بل وحتى في الصحون المنضودة على موائدنا، وفوق سطوحنا في أعراسنا وأفراحنا...لكن أيضا حتى في طقوس موتنا وفي مقابرنا....



Aucun commentaire: