mardi 21 juin 2022


المدية : بايلك التيطري بلاد الأساطير و العجائب و المعجزات
تقع المدية في الأطلس التلي على بعد 88 كلم تقريبا جنوب الجزائر العاصمة، وتتربع على مساحة قدرها 8700 كلم2 وعلى ارتفاع أكثر 900 م من سطح البحر. وتشترك ولاية المدية في الحدود مع العديد من ولايات الوسط فمن الشمال ولاية البليدة و الجنوب ولاية الجلفة و من الشرق ولاية البويرة و المسيلة و غربا عين الدفلى و تسيمسيلت.
ولاية ما إن تدخلها حتى يتملكك جو من الرهبة و الخوف و الاحترام لشموخ جبالها و حسن طبيعتها هذه هي الحقيقة التي وقفنا عليها بأم أعيننا، فبمجرد عبور منطقة الشفة السياحية التي تخلب الأنظار تستضيفك الحمدانية بجبالها الشامخات و منعرجاتها الصعبة و بمواقع الراحة و مواقف السيارات و المحلات التي غطت المنطقة و بحسن الاستقبال الذي حضينا به من طرف سكانها، جلسنا و تأملنا و اقتنعنا بأن المدية أو بايلك التيطري بلاد الأساطير و العجائب و المعجزات......... فتعالوا معي لأسرد لكم ما رأيت.
المدية مدينة تاريخ و حضارة
يقدر عمر المدية بأكثر من ألف عام وفقا للمؤرخين و المخطوطات التاريخية فالمدية أو كما كانت تسمى بايلك التيطري يعود تأسيسها إلى عهد قديم جدا حوالي 350ه، بحيث قال أحد المؤرخين :"المدية مدينة عتيقة، وأن المدية سبقت بني زيري و أنها أقدم من أشير ..." فقد تداولت عليها الكثير من الحضارات و سكنها الكثير من السكان و الشعوب، ولعل الشيء الملفت للانتباه هو تشابه النمط العمراني بين المدية و تلمسان و حتى أسلوب المعيشة ، تقع ولاية المدية في الأطلس التلي و تتربع على مساحة قدرها 8700 كلم مربع و على ارتفاع 920م على سطح البحر و تبعد عن العاصمة ب 88 كلم و عن البليدة بحوالي 40 كلم، و هذا ما جعلها ولاية إستراتيجية و تضم إداريا 64 بلدية و 19 دائرة، و تتربع على أعلى قمم جبال الأطلس التلي لتحيط بها الجبال من كل جهة.
و اختلف المؤرخون و الباحثون عن أصل كلمة المدية فراح بعضهم يقول أنها اسم لأميرة رومانية كانت تحكم المدية و قال البعض الآخر أن بعض القبائل العربية الصنهاجية التي سكنت المنطقة أطلقت هذا الاسم على المدينة و التي تعني في اللغة العربية الفصحى المدينة ، لكن بما أنه كان للصنهاجيين لهجتهم الخاصة فقد أطلقوا عليها اسم " لمدونة" و هو اسم مشتق من كلمة المدينة، سكن المدية الكثير من الأعراق لعل أبرزها البربر و كانت تمثل الحد الجنوبي بالنسبة لقبائل " زواوة" ثم سكنها الصنهاجيون كما سلف الذكر و قد هاجروا من اليمن إلى بلاد المغرب قبل ظهور الإسلام كما سكنها الرومان و حكمها الوندال و مر بها العرب في فترة الفتح الإسلامي.
و يطهر من خلال التاريخ أن المدية لم تكن مدينة مهمة كثيرا في التاريخ القديم و يبدأ تاريخ المدينة في العهد الروماني الذي دلت الحفريات على وجود المدينة الرومانية التي كانت تسمى " ميديكس" و هذا بالقرب من الموقع الحالي للمدينة ، و أعاد بلكين الزيري بنائها في القرن 950م، مع مدينتي مليانة و الجزائر على أنقاض المدن القديمة.
باليك التيطري أسطورة من قصص ألف ليلة و ليلة
لعل ما جعلني أصف المدية بهذا الوصف هو تربعا على قمم جبال الأطلس التلي، كانت هذه المعلومة الوحيدة التي أمتلكها عن الولاية في رحلتي إليها، توجهنا نحوها انطلاقا من الجزائر العاصمة عبر البليدة و بالضبط من منطقة الشفة التي سحرتني فعلا، و الشيء المثير للدهشة و المفرح في آن واحد هو ازدحام الطريق عن أخرها و من كلا الجانبين فبعد سنين عجاف مع الإرهاب هاهي المنطقة اليوم تتعافى من جروحها و تفتح أبوابها لكل محبي الهدوء و المناظر الخلابة ، فقد من الله عز و جل على المنطقة كل مقومات السياحة الطبيعية، فمن الجبال الشاهقة إلى الشلالات الهدارة إلى الوديان السيارة و ازدحام سفوح مرتفعاتها الصخرية بقردة "المكاو" التي تتزاحم على صدقات السواح لتظفر بلقمة تسد بها الجوع، و الأنفاق التي جعلتها تشبه كثيرا منطقتي جيجل و خراطة فسبحان الله مصور هذا الجمال، و غير بعيد عن الشفة تدخل المدية من باب دزاير أي الحمدانية التي تربعت في أسفل واد "موازية" و غزتها العائلات الجزائرية يكل تنوعها و اختلاف انتمائها و سرقت لنفسها لحظة من السكينة التي يمنحها المكان لكل طالب أمان و بالمجان، لتنطلق بنا السيارة في مرتفعات و منعرجات لندخل المدية التي زينت كل شوارعها بالصخر المنحوت و سقوف منازلها بالقبب البيضاوية و أو المثلثة على شكل هرم و بلون أخضر استمدته من الطابع "المورسكي" الذي جلبها لنا المسلمون الفارون من الأندلس.
رغم ما كتبة إلا أن وصفي لن يعطي المدينة حقها و أترككم مع مقولة أحد العلماء الألمان الذين وصفوا المنطقة و هو العالم " هــ. ومال سان " بترجمة الدكتور أبو العيد دودو تحت عنوان : أضواء على مدينة المدية " حيث وصفها قائلا : تقع مدينة المدية على بعد 45 كلم من البليدة و يبلغ ارتفاعها 3300قدم أي 920 م و كانت في السابق عاصمة تيطري و لها نفس المكانة و الأهمية السياسية التي كانت لمدينة وهران و قسنطينة. أما الطريق الذي يؤدي إليها من البليدة فهو من المناظر الخلابة التي يقدمها الريف الجزائري لعشاق المناظر الجبلية الطبيعية الساحرة حيث يمكن مشاهدة قردة و عديد من الحيوانات البرية في محمية الشريعة. المدية المدينة المقدسة في نظر الأجانب، مع مقارنتها ببلدة مقدسة في ايطاليا..."، حيث يقول :" و المدية تعتبر عند المسلمين "لوريتو" الإسلام فهي تشبه البيت المقدس، في ذلك الحج الايطالي الشهير.." ، اذن فالمدية بحق بلاد الأساطير و العجائب و المعجزات، حيث يقول ذات المصدر : '" أن المدية و هي الأخرى قد حملتها الملائكة كما تقول الأسطورة من البلاد القديمة عبر الفضاء، و وضعتها على سفح الأطلس".
عبد الرؤوف حموش



 

Aucun commentaire: