samedi 12 mars 2011

تاريخ الجزائر القديم

الجزائر قبل العصور القديمة
الجزائر اسم لمدينة عرفت قبل مجيء العرب باسم Ecosiomme ولم تكن تطلق على وطن مترامي الأطراف إلا منذ العصر العثماني حيث أخذ العثمانيون من المدينة عاصمة لمملكة ذات حدود مقررة فاشتق اسم الوطن من اسم عاصمة دولته وهذا المعنى الحديث جزء من وطن عرف قبل مجيء الفنيقيين باسم "ليبية" وهو عبارة عن طرابلس وتونس، الجزائر ومراكش، ثم انسلخت الجزائر وما ولاها غربا من هذا الاسم وكان الجغرافيون واليونانيون واللاتينيون يقسمون هذا الوطن إلى ثلاثة أقسام :
1. ماسيسيليا : سهول سطيف، برج بوعريريج، الجزائر و وهران.
2. ماسيليا (موريتانيا الشرقية): قسنطينة، غرب تونس.
3. جيوتيلي : الصحراء.
وأطلق الرومان تسمية "المورينيين". أما مفهوم البربر فيعني بالنسبة للمفهوم اليوناني الروماني : الإنسان الأجنبي الذي لا يتكلم اليونانية والرومانية. واطلق العرب على الشمال الإفريقي أو على البلاد التي تقع غرب البلاد المصرية وقسموا المغرب إلى ثلاثة اقسام :
4. المغرب الأدنى : برقة، تونس، طرابلس، شرق الجزائر.
5. المغرب الأوسط : من بجاية شرقا إلى وادي ملوية غربا، وعليه يشمل وسط و غرب الجزائر وجزء من شرق المملكة المغربية.
6. المغرب الأقصى : من وادي ملوية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا.
أصل السكان :
البشر كلهم من آدم عليه السلام، وهلك جمع منهم في الطوفان في عهد نوح عليه السلام ولم ينج منهم إلا من ركب السفينة ولم يبق منهم إلا أبناؤه، واتفق المؤرخون على أن أبناء نوح الذين تفرعت عنهم جميع الأمم : سام، حام، يافث. وقد ذكر ابن خلدون في أبناء يافث قطبال ثم ذكر الأمم المتفرعة عنه فقال : «وأما قطبال فهو أصل الصين من المشرق والرومان من المغرب ويقال أن أهل إفريقيا قبل البربر وأن الإفرنج أيضا منهم وأن أهل الأندلس قديما منهم» ولكنه يذهب برأي آخر كونهم من أبناء "مازيغ بن كنعان" بالرجوع إلى حادثة وفد شمال إفريقيا حين صرح أعضاؤه أمام الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتح مصر إذ اعتبروا أنفسهم أمازيغ وليسوا بربرا، ويمكن تصنيف البربر إلى تيارين: التيار الأول يعتمد على الرواية والنقد. أما التيار الثاني فيعتمد على الخلقة والصنائع.
التيار الأول : - فرقة تقول أن البربر نشأوا في المغرب وليسوا منقولين من وطن آخر ومنهم أفلاطون.
- فرقة تقول أنهم من ولد نعمان بن حمير بن سبأ أي أنهم عرب ومنهم المسعودي.
- فرقة تقول بأنهم من الفرس وفارس من سام، ويقول مؤرخ بيزنطي عاش في القرن السادس للميلاد بأنهم من العبرانيين، وهذا ما ذهب إليه الطبراني.
التيار الثاني : يوجد في كثير من البربر عرض الأكتاف ضيقي الخصر وهذه الصف معروفة عند قدماء مصر، يوجد فيهم الشقر بالجبال (جرجرة والأوراس) وهذه الصفة نجدها في إيطاليا وأوربا، ويوجد كذلك سمر اللون معتدلي القامة، سخوني الطبع وهذه الصفات توجد في اسبانيا، إيطاليا، جنوب فرنسا (مارسيليا).
أما من ناحية الآثار فقد وجدت أواني طينية وشم عليها تماثيل عثر على مثيلاتها في قبور مصرية ولكن يوجد نظيراتها في صقلية ومالطا ووجدت بناءات للمعابد يقول البيروني أنها تشبه معابد أوربا الغربية.
البربر ليسوا أمة مستقلة وإنما هي مزيج من أمم شرقية وغربية وحد بينها الوطن.
الحياة الاجتماعية عند البربر القدامى :
ينقسم البربر إلى جذعين : البرانس و البتر.
البرانس هم سكان الحضر يعيشون على الزراعة.
البتر هم سكان البدو يعيشون على الترحال.
اتصف البربر بالشجاعة وحب العمل والكرم والتمسك بالحرية، ويقول المؤرخ اليوناني ستيفاني في كتابه "التاريخ القديم لإفريقيا الشمالية" إن أخلاق لبربر وعوائدهم لفتت أنظار المؤرخين والباحثين القدماء سجلوا لهم خصوصيات ومنها «أنهم مجتمع تسوده الطهارة ولعفاف ولهذا كانوا يصلون إلى عمر طويل محتفظين بصحتهم البدنية، فهم لا يأكلون اللحم (الخنزير) إلا قليل منهم رغم تربيتهم للمواشي كما نجدهم لا يربون الخنزير».
ويعرف أنهم عاشوا على زراعة القمح والأشجار المثمرة والزيتون كما عاشوا على تربية البقر، كانوا يعبدون الجماد ويقدسون الشمس والقمر ،الكبش والثور ويتخذون لها تماثيل، وكان لهم إله شبيه بآلهة مصر (آمون) ومظاهره تتمثل في كبش أقرن، وكان للبربر طقوس لدفن موتاهم وذلك بوضعهم في حفر مربعة لشكل في الصخور وكان مدخلها عموديا تسمى بالحواميت وكان اتجاه القبور نحو الشرق (الشمس).
المنازل : وجدت آثارها في الأماكن المرتفعة والكهوف على مقربة من السيول (المياه) ومن المنازل المكتشفة منزل قرب معسكر ومناماوال أخرى بوهران،سعيدة، سطيف، تبسة.
الملبس : لباسهم كان من جلود الحيوان واتخذوا زينتهم وحليهم من بيض النعام والأصداف، وكانت رؤوسهم غير مكشوفة يدل على ذلك وجود تماثيل حجرية تشخص إنسان ذلك العصر مكسو الرأس بالجلد أو الريش.
المطعم (الطعام) : كان من البقول وبعض الأشجار الطبيعية.

الوجود الفنيقي في الجزائر 880 – 146 ق م
يعتبر الفنيقيون أمة سامية هاجر أبناؤها من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام واستقروا في مدينة صيدا وصور (لبنان) وهم منسوبون إلى وطنهم فينيقيا وهي قطعة مستطيلة تطل على البحر وهم أمة قليلة ولكنهم تركوا آثارا جليلة وكانوا بطبيعة وطنهم بحريين تجاريين وهم أول أمة دخلت مصر حيث عقدوا مع الفراعنة اتفاقا تجاريا يسمح لهم بنقل البضائع من مصر والتجارة بها في جزر البحر الأبيض المتوسط، فأصبحوا يشقون بمراكبهم هذه الجزر وينقلون إلى حضارات الشرق ومن مراسيهم : بايبلوس ببيروت صيدا وصور، وكانت تجارتهم مع الليبيين مقايضة يأخذون منهم الأنعام والصوف والجلود والعاج ويدفعون لهم عوض ذلك أقمشة مصبوغة بالحمرة وأسلحة وأواني من زجاج، ثم أسسوا بالسواحل مراكز يستريحون فيها ويصلحون سفنهم اهمها : حضرموت (سوسة) هابونة (عنابة – بونة) إجلجلي (جيجل) صلداي (بجاية).
تأسيس قرطاجنة :
تتعدد الأساطير حول التأسيس ولكن الأرجح أنها تأسست سنة 814 ق م وأن المؤسس امرأة تدعى عليسة ديدون (الفارة) وسياق الأسطورة أنها من بيت الملك، تزوجت كاهنا ولها أخ، وبعد وفاة الملك ورث ملكه فقتله أخوها طمعا في ملكها إلا أنها احتفظت بمال زوجها وفرت إلى شمال إفريقيا حيث اشترت من البربر مكان قرطاجنة على الخليج التونسي وبلغت أوج عزها في القرن الرابع إلى أواخر الثالث قبل الميلاد. ولما تأسست أطلق على السكان اسم البونيقيين ومن المدن التي تم تأسيسها: بونة، روسيكادا(سكيكدة)، شولو(القل)، إجلجلي، شرشال، دلس، تنس، أغادير (المغرب) ميلية، طنجة، بنزرت.
وفي الحقيقة فإن الفنيقيين الذين أسسوا دولة قرطاجنة لم يكن هدفهم إخضاع واحتلال موانئ شمال إفريقيا بالقوة وإنما كان هدفهم إقامة مراكز تجارية والتعاون مع سكان المنطقة وعليه فإن الحكم القرطاجي كان متساهلا متسامحا مع الأهالي. ولم يعمل قادة قرطاج على التخلص من زعماء العشائر ورؤساء القبائل وإنما حاولوا الاندماج في المجتمعات المحلية وازدادت أواصر التعاون والمحبة بين الفنيقيين والأهالي عن طريق الزواج والعمل المشترك في المشاريع التجارية (استخراج النحاس، صناعة الرصاص والحلي، نحت الحجارة، طريقة البناء)
ديانتهم : وثنيين يعبدون الشمس والقمر، يتخذون للشمس تمثالا يسمى (بعلا) وللقمر تمثال يسمى (ستارتي) وكانوا يقيمون لهما تمثالين بكل مدينة من مدنهم. فالشمس عندهم إله السماء والأرض يتوسلون برضاه بتقديم القرابين وأكثر ما تكون من أبناء الملوك، والقمر إله الحب والجمال كانوا يمثلونه بصورة امرأة بيدها حمامة، ولما نماوالوا ليبيا تأثروا بعقائدهم فأخذوا إله آمون وسموه (بعلامون) وعبدوه حسب تقاليدهم.
1. ويمكن تلخيص أسباب سقوط قرطاجنة وانهيارها في النقاط التالية :
2. الانقسامات السياسية التي كانت تمثل مصالح عرقية واقتصادية متضاربة.
3. اهتمام الدولة بالربح والتجارة وإهمال الجوانب الحيوية الأخرى.
4. المعاملة السيئة في الفترات الأخيرة للأهالي بالإضافة إلى الغرور الذي أصبح سائدا في الأوساط الارستقراطية.
تدخل حكام روما في شؤون الإمارات المتواجدة في شمال لإفريقيا وانتهاجهم سياسة فرق تسد قصد إضعاف العشائر وتقليص نفوذ قرطاجنة والتمهيد للاستيلاء عليها وهذا ما تم بالفعل خلال الفترة الممتدة من 149– 146 ق.م.

الاحتلال الروماني
انتهت الحرب البونيقية بالقضاء على مملكة قرطاجنة وتخريب العاصمة واستولوا على التراب الأصلي وأطلقوا عليه مملكة الرومان بإفريقيا وجعلوا على هذه الولاية واليا، ولم تكن الجمهورية الرومانية تطمع في توسيع الولاية في أول الأمر لكن إيطاليا ضاقت بأهلها بسبب استحواذ طبقة الأغنياء على أراضيهم وجلب العبيد (3 ملايين)وأصبح عدد كبير من الإيطاليين لا أراضي لهم ولا عمل، حتى كان بروما أكثر من 400 ألف لا عمل لهم سوى التجول في الأزقة، ولرفع هذه الأزمة قررت الجمهورية إرسال أولئك الفقراء إلى الولايات الرومانية فجاءوا إلى قرطاجنة بـ 6000 إيطالي، وبعد واقعة "الطابوس" 46 ق م. استعمر الرومان شرق نوميديا وأطلقوا عليه اسم "نوميديا الجديدة" أما موريطانيا الشرقية (سطيف) فقد بقيت تحت يد أمراء بربريين إلى أن حكمها "يوبا الثاني" الذي مهد الوطن للرومان وشجعهم على امتلاكه، وفي سنة 42 م ألحقت موريطانيا بروما نهائيا وبذلك تم للرومان الاستيلاء على الوطن الجزائري، ولم يتقدموا إلى الصحراء، كما لم يخضع البربر الساكنين بالجبال لروما، ومن خضع منهم كان يشن الثورات ضدهم.



حدود الرومان في الجزائر :
في بداية القرن الثالث كان الحد الروماني مارا جنوب الأوراس ثم يصعد شمالا فيمر بناحية بوسعادة فيشمل الحضنة بجهتها الغربية ويمر ببوغار، تيهرت، تلمسان، مغنية، واعتمدت روما في فتح الشمال الإفريقي على ثلاثة أشياء :
السياسة : كانت تزكي نار الفتنة بين ملوك البربر وتحارب أبطالهم.
الجند الروماني : كانوا معروفين بالإخلاص والطاعة والصبر وكانوا يحاربون وقت الحرب ويشتغلون بالفلاحة وقت السلم.
تجنيد البربر :
جمهورية المدن الخمسة :
كانت سيرتا عاصمة الملوك النوميديين (ميلة، روسيكادا، شولو، كوبكلوم –جميلة- ) وكانت في أول الأمر قلاعا حربية ثم أخذ عمرانها ومن القرى التابعة : أورسيكادا، هيستار (بني زياد بقسنطينة)، صدار، وعلى القرى رؤساء منخرطون في سلك موظفي سيرتا، وكما كان لسياسة هذه الجمهورية رجال كان للديانة كذلك رجال وهم أقسام:
1. رجال الدين
2. لقائمون على الهيكل بذبح قرابينه وتقديمها للنار ولا يكون إلا من أهل بيت شريف.
3. المراقبون للأعمال الدينية.
4. العرافون لمعرفة الأمور الغيبية
5. المرشدون وهم الذين يقومون بإرشاد العامة إلى وجوه العبادة.
وقد كان السكان في هذه الجمهورية على طبقتين:
الطبقة الأولى : طبقة الديكرونون (الرجال الثلاثة) يختارهم الحكام.
طبقة العظماء: وهم من كان عضوا بمجلس الشيوخ أو قائدا وبلغ درجة تسمح له بالركوب CHEVALIER.
لجنة الأعضاء الخمسة: وهم من كان له مرتبة أهل الطبقة الثانية.
العرافون.
رجال الشرطة.
أمناء المال البلدي.
ويشترط فيمن يكون عضوا بهذا المجلس زيادة على كونه من أهل الحقول أن يكون نظيف السيرة ذا مال وأن يكون عمره 30 سنة فما فوق.
المدن الرومانية :
تنقسم إلى خمسة أقسام:
1. المدن البحرية وهي تجارية.
2. المدن العسكرية يسكنها الجنود.
3. المدن الفلاحية أكثر من يسكنها البربر.
4. عواصم أولية وثانوية يسكنها كبار الولاة.
5. مدن النزهة وهي لاصطياف الأسر، ومن هذه المدن (جميلة، تيبازة).
وكان من عادة الرومان إذا أرادوا تعمير مكان خطوا به خطين أحدهما من الشرق إلى الغرب والآخر من الشمال إلى الجنوب ثم يجعلون شكلا مربعا حول نقطة التقاء الخطين ويتخذون ذلك المربع مساحة للقرية ويحيطون هذه الساحة بدكاكين وأقواس جميلة وتقام في هذه الساحة الحفلات وتجرى بها الانتخابات وتقرأ على الأمة القرارات، كما اعتنى الرومان ببناء المسارح والملاعب والهياكل الدينية.
الديانة الرومانية :
كان للرومان آلهة عظمى وأخرى صغرى خاصة بالأسر والمناماوال، وكانوا يعبدون القوى الطبيعية والنار والموتى من أسلافهم، وكانوا يمثلون أرواح الآلهة في الديدان فيطعمونها، ومن آلهتهم العظمى جوبيتار (كوكب المشتري) وهو إله المطر، وجينون junon آلهة النور والزواج. وللالهة معبد مشترك بروما. وهناك آلهة للحرب والخلافة والتجارة والأخلاق ويبلغ عدد الآلهة 160 إلها يستعينون بها ويستغيثونها في جميع شؤونهم حتى قال أحدهم "وطننا مملوء بالآلهة حتى أن وجود إله أيسر علينا من وجود رجل".

حياة الرومان :
كانت حياتهم حياة بساطة لا رفاهية فيها حتى أن من عظمائهم من كان يحرث بيده، وحتى بعد استيلائهم على الأوطان بقوا فلاحين وبقيت الصنائع والفنون بيد غيرهم من الأحرار والمماليك، ولكثرة انشغالهم وشدة عنايتهم بكسب الثروة صاروا أقل الأمم حبا في الملاهي، وكانت ملابسهم خشنة وتكثر نساؤهم لبس الحلي وظهور الزينة وصبغ الشعر وطلاء الوجه، وللخاصة لباسهم، فالشيوخ لهم قمصان ذات حواشي حمراء، والأحرار لهم حلة بيضاء وهو رداء يبلغ طوله 9 أذرع، ومساكنهم كانت خشبية ثم ترقوا في العمارة فتفنوا في البناء بالحجارة كما لم تكن لهم نوافذ لعدم معرفتهم بصناعة الزجاج، وكان الضوء معدوما ليلا في مدنهم، وبقوا على بساطتهم إلى أن تمكنوا من الاستيلاء على الأمم فأخذوا عن اليونان وأهل المشرق الملابس الرقيقة وزينوا البيوت بالتماثيل والرخام وفرشوها بالزرابي.
الرومان وعلاقتهم بالبربر:
لعل القائد الإفريقي الوحيد الذي خاض معارك طاحنة ضد الرومان هو يوغرطة حيث أنه ناضل حتى وفاته لإيقاف الزحف الروماني، وبدأت المناوشات بينه وبين الرومان عندما حاولوا تقسيم الدولة النوميدية إلى ثلاث دويلات، فقاومهم وانتصر عليهم سنة 116 ق م. ونجح في توحيد نوميديا، وأصبح حاكما لسيرتا سنة 12 ق.م. لكن الرومان استعملوا ضده أسلوب المخادعة للتخلص منه وهكذا استعملوا صهره أي والد زوجته الذي توسط بين يوغرطة وقادة روما ولكنه ألقى القبض عليه وسلمه إلى الوكيل المالي وذلك سنة 106ق.م. ووضع في سجن على شكل متر بقي فيه إلى أن مات جوعا يوم 07/01/104ق.م.
وقد ساعد حكام روما على تطوير الزراعة وتوطيد الأمن وتنويع وسائل الإنتاج وإحياء أراضي جديدة وتنظيم الأسواق ولكن النظام الروماني الذي بدأ قويا يوم كان يعتمد على قاعدة شعبية تحول إلى نظام إقطاعي أين الثراء محسور في فئة كانت شغوفة بجمع التحف الثمينة. ونتيجة لهذه الأوضاع والأزمات والاضطرابات الداخلية تشجع رجال البربر على الثورة بالإضافة إلى ضربات الوندال، ولكن التصفية النهائية كانت من طرف الفاتحين العرب.

الفتح العربي الإسلامي:
هناك حديث عن مفهوم الفتح أو الاستعمار، ويقصد بالفتح نشر دين الله ورفع كلمته أما الاستعمار فيقصد به البحث عن مجالات جديدة ويندرج تحت الفتح أسباب أخرى وهي حماية ظهر الدولة الاسلامية وطرد البيزنطيين من المنطقة ووضع حد لنشر المسيحية واليهودية، وقد تم الفتح على مراحل :
المرحلة الأولى : حملة عمرو بن العاص : بعد أن قضى على الهيمنة البيزنطية في مصر واصل زحفه نحو طرابلس ولم يلق مقاومة من طرف القبائل البربرية، ولكن الخليفة عمر بن الخطاب أمر برجوع الفاتحين إلى مصر لكي لا يتعرض الجيش لهجومات البيزنطيين المتمركزين في تونس
المرحلة الثانية : حملة عبد الله بن سعد (644) : انطلق بجيش قوامه 20.000 (ابن خلدون نفى ذلك وقال 4000) في خلافة عثمان فالتقى بجيش البيزنطيين، وعرض على البربر اعتناق الاسلام أو دفع الجزية، ورفض القائد فدارت معارك بين الجيشين وهلك فيها القائد البيزنطي،ومع ذلك رجع عبد الله بن سعد ويعلل المؤرخون هذا التراجع بتخوف القائد المسلم من البيزنطيين، وعلله البعض الآخر بتخوفه من ضياع الغنائم.
الحملة الثالثة : حملة معاوية بن خديج (666) : توقفت الفتوحات الإسلامية في جميع الجهات شرقا وغربا بسبب الفتنة التي حصلت على الخلافة، ولما تولى معاوية الخلافة استؤنف الفتح وقام بتعيين معاوية بن خديج واليا علة مصر وكلفه بفتح المغرب، فتقدم بجيش كبير خاض معارك مع الجيش البيزنطي ولكنه تراجع نحو الشمال تخوفا من الهزيمة.
الحملة الرابعة : حملة عقبة بن نافع (670) : قام بحملة ناجحة على شمال إفريقيا أدت إلى استقرار نسبي في المنطقة وقام بتأسيس مدينة القيروان التي أصبحت فيما بعد قاعدة لانطلاق الفتوحات في منطقة المغرب العربي، ولكن تم عماواله حيث وشي به للخليفة بأنه استولى على الغنائم.
الحملة الخامسة : حملة أو مهاجر دينار(674) : هو أول قائد مسلم يدخل الجزائر، حيث واصل فتح المغرب العربي، فقام بفتح نوميديا واتخذ من ميلة (ميلوم) مدينة جديدة لعملياته خلافا لسيرتا، واستمر في فتح المنطقة إلى أن بلغ نواحي تلمسان فاغتيل وتراجع الجيش.
الحملة السادسة : حملة عقبة بن نافع الحفيد (682) لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة ولى عقبة على إفريقيا، وواصل الفتح حتى المحيط الأطلسي، وأثناء عودته قتل بالقرب من بسكرة في كمين نصبه له كسيلة الذي توجه إلى القيروان واحتلها.
الحملة السابعة : حملة زهير بن قيس البلوي (688) : أمره الخليفة عبد الملك بن مروان باستئناف فتح المغرب فخاض هذا الأخير معارك مع الجيش وانتصر على كسيلة ولما كان في طريقه نحو العودة وقع في كمين فقتل ومن معه (13 فارسا).
الحملة الثامنة : حملة حسان بن نعمان (696 – 701) : ولي حسان على إفريقيا سنة 696، فدمر حصون البيزنطيين ثم مقر القرطاجيين 698 وهرب كل البيزنطيين نحو أوربا، وواصل حملته على نوميديا فحاصرته الملكة البربرية الكاهنة وزعزعت جيشه وانسحب حسان إلى برقة وبقي فيها خمس سنوات، وفي هذه الثناء قامت الكاهنة بتخريب البلاد فنقم البربر على ملكتهم، ولما عاد حسان سنة 701 انضم إليه عدد كبير من البربر، وأدركت الكاهنة نهايتها فأرسلت بولديها إلى حسان اللذين ولاهما على البربر، ودارت معارك بينه وبين الكاهنة وسقطت سنة 702 بالقرب من تبسة (بئر العاتر) ورجع حسان إلى قرطاجنة وطرد باقي البيزنطيين ووضع القاعدة الأساسية للدولة الإسلامية في المنطقة.

آثار الفتح العربي الإسلامي :
يرجع عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو في كتابه سوسيولوجية الجزائر انسجام البربر مع العرب دون غيرهم إلى العوامل التالية :
التنظيم القبلي أو العشائري : فالبربر مثل العرب منظمون وفق نظام عشائري يتناسب مع بيئتهم الطبيعية وكانت كل قبيلة تنسب إلى أب أو جد واحد (النظام الأبيسي) بمعنى أن الرابطة بين أفرادها هي رابطة الدم، فأفراد القبيلة هم بنو فلان والكلمة المرادفة لكلمة ابن في العربية هي آيت وظلت بعض القبائل تستخدمها حتى بعد أن تعربت مثل قبيلة آيت عباس، أما عن رئيس القبيلة أو شيخها فيطلق عليه أمغار.
اشتراكهم في النسق القيمي : البربر مثل العرب يمجدون الشجاعة والكرم والمروءة والمحافظة والتمسك بالحرية.
اشتراكهم في النشاط الاقتصادي (الزراعة والرعي) : يتفاوت نشاطهم حسب البيئة

أهم آثار الفتح العربي الإسلامي على المنطقة :
1. انتشار الدين الإسلامي في كل المنطقة وتراجع أو زوال اليهودية والمسيحية، وأصبح البربر بعد اعتناقهم الإسلام أكثر أنصاره تعصبا له.
2. التركيبة الاجتماعية التي أصبحت تتشكل من سكان البربر والعرب الفاتحين الذين وفدوا على المنطقة بأعداد كبيرة فاقت السكان الأصليين بالإضافة إلى العرب البربريين بفعل المصاهرة.
3. انتشار اللسان العربي حيث أقبل البربر على تعلم اللغة العربية ليتيسر لهم حفظ القرآن الكريم ، كما ساهمت البعثات التي أرسلت بها الخلافة من معلمي القرآن والفقه مساهمة كبيرة في نشر اللغة العربية وتعليم القرآن وبناء المدارس والمساجد.
4. توحيد القبائل البربرية واختلاطهم بالفاتحين المسلمين الوافدين من شبه الجزيرة العربية.
5. على المستوى السياسي أصبحت المنطقة جزءا مكملا ومساعدا للعالم الإسلامي ، ويظهر ذلك في مشاركة البربر في نشر الإسلام وفتح الأندلس والمشاركة في الحروب الصليبية.
ولكن التعصب القبلي أدى إلى ضعف دولة المغرب العربي والذي اتسم بظهور دويلات صغيرة وضعيفة بالإضافة إلى تضاعف الهجمات الصليبية على المنطقة.

الدويلات الإسلامية في الجزائر
على يد حسان تم فتح العرب حربيا وسياسيا ودينيا، ولكن معاوية أضاف المغرب إلى ولاية مصر مما جعل الأمن يضطرب وكثرت الفتن وكادت جهود حسان تذهب هباء لولا أن تداركها مجيء موسى بن نصير الذي جند 19 ألف من البربر وأمر قائدهم طارق بن زياد بغزو الأندلس، فتوجه إليها سنة 92هـ، وأصبح المغرب والأندلس ولاية واحدة إلى أن دخل عبد الرحمن بن هشام بن عبد الملك الأموي إلى الأندلس سنة 138هـ، فاستولى عليها(واستقل)، وفي سنة 140هـ، تأسست سجلماسة (المغرب الاقصى)وكانت بها دولة بني مدرار. وفي سنة 144هـ تأسست مدينة تيهرت دولة الرستميين، وفي سنة 172هـ دخل إدريس الأكبر للمغرب الأقصى وأسس دولة الأدارسة. وكانت هذه الدول غير مرتبطة نسبيا مع الخلافة في المشرق.
الدولة الرستمية (160-296 هـ / 779-909 م):
مؤسسها عبد الرحمن بن رستم الذي بويع للخلافة (160 هـ) وهي دولة أباظية (مذهب من مذاهب الخوارج) سموا بالخوارج لخروجهم عن الإمام علي كرم الله وجهه. شهد من خلالها المغرب الأوسط ازدهارا في ميادين العلم والعمران والفلاحة والتجارة (مع السودان)، وقد اشتهرت فيها المكتبة التي كان يزورها الطلاب من كل ناحية، إلا أنها لم تهتم بالجانب العسكري وهذا ما سهل سقوطها على يد الشيعة العبيديين وهرب الاباضيون إلى ورقلة وغرداية.
أسماء لبعض العلماء
-أبو بكر بن أفلح - أبو اليقظان محمد بن أفلح - أبو حاتم سيف - أبو عبد الرحمن بكر بن حماد التيهرتي
الدولة العبيدية (297- 380 هـ/910- 993 م):
تنسب إلى عبيد الله المهدي وهو أول أئمتها، وكانت قاعدتها في تونس، ثم انتقلت إلى مصر حيث أصبحت تعرف بالدولة الفاطمية، وقد قامت على المذهب الشيعي ( شيعة الرجل من يتابعه ويناصره وهم من تولى بيعة علي بن أبي طالب وفضله على جميع الصحابة، وكان أشهرهم عبد الرحمن بن سبأ اليهودي، ثم كثرت الفرق فكان منها الزيدية، شيعة إدريس، الإمامية، الإسماعيلية والباطنية وهم القائلون بإمامة اسماعيل بن جعفرالصادق وهو المذهب الذي شاع بالجزائر) والدولة العبيدية مستقلة استقلالا تاما وحكومتها مطلقة فالإمام معصوم وتجمع له كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومع ذلك لم ينسجموا مع سكان إفريقيا فغادروها إلى مصر.
دولة الادارسة (178- 375هـ /788م – 1018) :
نسبة إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي الذي طمح إلى إنشاء الخلافة العلوية فتقدم وزحف على القابل التي كانت لا تزال تؤمن بالمجوسية، كما تمكن من نشر الإسلام بين القبائل البربرية التي كانت تدين بالنصرانية واليهودية ، فبسط نفوذه على المغرب الأقصى ثم اتجه إلى مدينة تلمسان، فأسس مسجد القرويين، وامتاز عهده باللامركزية في تسيير شؤون دولته.
الدولة الحماية (408-552 هـ / 1018-1152م):
تولى حماد بن زيري الصنهاجي شؤون إفريقيا بعد انتقال المعز بالخلافة الفاطمية لمصر، وكني بأبي الفتوح، فشيد مدينة (أشير) ،ثم أنشئت مدينة القلعة إثر اتفاق زيري الحماد، وشيد بالقلعة مباني ومساجد، وأحيطت بأسوار وأبواب، وأقبل عليها المسلمون من إفريقيا والمشرق، كالتجار والحرفيين والفقهاء، ثم انتقل الحماديون إلى بجاية وأسسوا فيها مراكز للإشعاع الفكري، وعاشت الدولة الحمادية طيلة حكمها في جو يسوده الرخاء.

الوجود التركي العثماني في الجزائر 1515-1830
أصبحت الجزائر عرضة للخطر المسيحي في القرن 14و15، فاستنجد سكانها بالأتراك المتواجدين في البحر الأبيض المتوسط (القراصنة)، ولبى الإخوة خير الدين وعروج الدعوة، وطردوا الاسبان، واستقر بذلك الأتراك في الجزائر.
النظام السياسي
مر حكم الأتراك في الجزائر بأربعة أنواع من الأنظمة بدأت بحكم :
باي لارباي
البشوات
الأغوات
الدايات. وفي هذا النوع هناك ديوان عام وديوان خاص، وهو شبيه بالنظام الحالي، الذي ينتخب خمسة موظفين سامين وشيخ الإسلام، هذا بالنسبة إلى الديوان الخاص الذي هو مجلس تنفيذي. أما الديوان العام في المجلس التشريعي من الأتراك. وكانت الجزائر مقسمة إداريا إلى أربعة مقاطعات:
الجزائر وضواحيها
بايلك الشرق (قسنطينة)
بايلك الغرب (وهران)
بايلك التيتري (المدية)
بالإضافة إلى بايلك الأوطان وهي قبائل يحكمها الشيخ.
وكانت توجد في الجزائر مناطق تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي مثل بلاد القبائل والمناطق الصحراوية، حيث كانت تخضع لرؤساء القبائل وتراقبها ثكنات عسكرية وتدفع ضرائب للسلطة، وكان النظام التركي لا يولي المناصب للجزائريين وكان مبنيا على القوة العسكرية.
النظام العسكري:
كان النظام العسكري مصنف إلى صنفين:
أ: اليولداش: القوة البرية عرف بأسلوبه الطاغي.
ب: الرياس البحرية: وهي العمود الفقري للجيش.
النظام الاقتصادي:
لم تكن الصناعة متطورة بالمفهوم الحالي، ارتكزت على الصناعات اليدوية مثل صناعة النسيج والأحذية والدباغة والخشب والزجاج ومواد البناء وصناعة السفن والأسلحة، كما اهتموا بصيد السمك، وكانت جل النشاطات الاقتصادية متمركزة بالمدن مثل الجزائر، المدية، وهران، تلمسان، قسنطينة ،عنابة، ففي تلمسان وحدها 500مصنع لصناعة النسيج والخشب والجلد والحديد، وكانت الصناعة المحلية منظمة تنظيما دقيقا، بحيث كان الحرفيون منخرطين في نقابات حسب التخصص، فنجد شارع الدباغين والنجارين، الحدادين، ولعبت الهجرة الأندلسية دورا إيجابيا في تحريك النمو الاقتصادي، فأنشئت مصانع للنجارة والحدادة والمجوهرات والنسيج، وأصبحت الجزائر تصدر إلى تونس والمغرب البرانيس ذات الجودة العالية. أما سكان الأرياف وهم الأغلبية (94%) يشتغلون في الفلاحة وتربية المواشي، وكانت الأراضي الفلاحية شديدة الخصوبة تدر منتوجات كثيرة ومتنوعة، بالإضافة إلى منتوجات زراعية صناعية لكن تبقى بسيطة كالقطن والزيت...، ولكن السياسة الجبائية المرتفعة قلصت نوعا ما من النشاط الفلاحي خاصة عندما نقصت الغنائم البحرية.
التركيبة البشرية:
كان المجتمع الجزائري متكونا من الأتراك وهم الطبقة الحاكمة، وتضم في صفوفها الموظفين السامين والجنود بالإضافة إلى الكراغلة والسكان الأصليين والسود والوافدين من الأندلس رفقة أقلية يهودية. وكان المسلمون على المذهب المالكي، كما تكونت طبقة بورجوازية تسكن المدن الساحلية وتملك أحسن المناماوال ويخدمها في بيوتها الأسرى العبيد من الأوربيين، كما كن لبعض العائلات اليهودية نفوذا كبيرا في الحياة الاقتصادية وخاصة التجارة الخارجية، سكان المدن 6% يعيشون في مدن مزودة بالمرافق العامة مثل العيون، الفوارات، الحمامات، المقاهي، المطاعم، الفنادق والدكاكين
.

لمذا سميت الجزائر بالجزائر

لمذا سميت الجزائر بالجزائر ؟؟؟ يُختلف في المرجعية التاريخية للتسمية، إلا أن المؤكد هو أن اسم البلد مستمد من اسم العاصمة فلماذا سميت العاصمة بالجزائر ؟- كانت أربع جزر مشرفة على ميناء الجزائر (الجزائر العاصمة) القديم، استولى على أكبرها المسماة بجزيرة الصخرة الإسبان سنة 1509 م وأقاموا عليها حسن البينون وجهزوه بالمدافع فأصبحت القصبة نواة المدينة تحت رحمتهم فاستنجد أهل المدينة بالإخوة بربروس واستطاع خير الدين مع الجزائريين ودعم من الدولة العثمانية من طرد الإسبان فقام بجلب الحجارة الضخمة من راس تمنفوست المقابل لخليج الجزائر ردم به الفواصل بين الجزر مشكلا بدلك الأميرالية ( مقر قيادة القوات البحرية حاليا ،واتخد من المدينة عاصمة فسميت بعد ذلك مدينة ايكوسيوم (سماها الرومان بهذا الاسم قديما نسبة لاسطورة هرقل و التجار ) بمدينة الجزائر ثم اطلقت فرنسا هذا الاسم على البلد كله .

الرواية الثانية : تقول المصادر التاريخية أن بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية، حين وضع أسس عاصمته عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية إكوسيوم (Icosium) أطلق عليها اسم جزائر بني مزغنة نظرا لوجود 4 جزر صغيرة غير بعيد عن ساحل البحر قبالة المدينة. وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي.
وفي الأخير لي سؤال ،، هل كنت تعلم لماذا سميت الجزائر بهذا الإسم من قبل ؟؟ بصــراحــة
تعليق صريح وإجابة تاريخية حقة: إن كل ما ذكر من شرح لمعرفة ما معنى كلمة جزائر إنما هو هروب من الحقيقة التاريخية وتزوير للواقع والوقائع وما ذكر من بيان هو بعيد كل البعد عن كلمة جزائر نريد شرح كلمة جزائر وكما قال الأخ الجزائري وبكل صراحة واليك الشرح الحقيقي ولا تعثر فيه: ارتبطت مدينة وجدة منذ العصور القديمة بجارتها مدينة تلمسان التي كانت تعد حاضرة المغرب الأوسط، وويعود تأسيس مدينة وجدة على يد الزعيم المغراوي زيري بن عطية الذي استطاع أن يؤسس مملكة في المغرب الأقصى وكان في صراع مفتوح مع المنصور بن أبي عامر في الأندلس، والفاطميين وأنصارهم من الصنهاجيين في المغرب الأوسط. في هذه الظروف السياسية الصعبة، فإن زيري بن عطية -وحسب أغلب الروايات التاريخية- فكر في ضرورة توسيع مملكته شرق عاصمته فاس وحماية ظهره من كل الأخطار المحدقة به من الناحية الشرقية، لهذا قرر بناء مدينة وجدة في شهر رجب سنة 384 هـ / 994 م. وقد قام بتحصين المدينة عبر إحاطتها بالأسوار العالية والأبواب التي كان يتحكم الحراس في فتحها وإغلاقها. فتحها يوسف بن تاشفين بعساكره المرابطين في حملته في بلاد المغرب الأوسط سنة 1073. كما تبوأت مكانتها السياسية والإستراتيجية على عهد بني مرين الذين كانوا في صراع دائم مع أمراء بني عبد الواد المستقرين في تلمسان. عند انشغال أبي بكر بن عبد الحقفاس استغل يغمراسن بن زيان انشغاله بحصار فاس فسار يريد الاستيلاء على تازة، لكن أبا بكر التقى به عند وجدة وهزمه فعاد يغمراسن إلى تلمسان. . اشتعل المغرب الأوسط في هذه الآونة نارا سبب مهاجمة مرين على مراكز أعدائهم وخصومهم الملتجئين إلى تلمسان ,المحتمين بملوكها ,فنزل السلطان أبو سعيد المرينى مدينة وجدة واكتسح بسائط تلمسان. يروي ابن خلدون عن التخريب الذي طال المدينة سنة 670 هـ/1272 م بعد أن دخل السلطان أبي يوسف يعقوب المريني على وجدة وضعها كمدينة حدودية مع الأتراك في الجزائر عرضها لحروب عنيفة، وتخريب أسوارها التحصينية على عهد السعديينالعثمانيين. إسترجعها المولى إسماعيل من الأتراك سنة 1692، واستعادها الأتراك في القرن التالي. عين أبو القاسم الزياني سنة 1206 هـ /1792م كوالي على مدينة وجدة بالإكراه. مؤسس الدولة المرينية بمحاصرة مدينة الذين هبوا لاسترجاعها من وماهو واقعي وحقيقة و أقرب من الواقع القائد الفاتح والزائر للمغرب الأوسط آنذاك هوالقائد زيري بن عطية كان هذا القائد يزور بلدان المغرب الأوسط ويستقبله المواطنون مهللين فرحين جاء زيري...جاء زيري ...جاء زيري( هذه الكلمة بالعرية الفصحى )بمعنى قدم زيري من المغرب وبالعامية المغاربية الدارجة جا زيري ...جا زيري ...جازايري. وهذاالإسم الذي كان يتردد على كل الأفواه سمي كل الواطنين بالجزائريين.والعاصمة بالجزائر نسبة إلى القائد جازيري بن عطية لا أقل ولا أكثر ولاغير هذا فهو تزوير للحقائق وحتى ان كان التغيير لا زما لعدم الإنتساب لزير بن عطية فيجب على الذين غيروا الحقيقة ان يشرحوا ويفسروا ما معنى كلمة جزائر شرحا تاما دقيقا بدون لف ولا دوران و تغليط وتزييف لحقيقة التاريخ .وأما ما قيل من هراءات ولو...فهو بعيد كل البعد كل البعد عن الحقيقة ..

قيام الحكم العثماني في الجزائر

خضعت الجزائر منذ العقد الثاني من القرن السادس عشر الميلادي /العاشر الهجري جزئيا ثم كليا إلى الحكم العثماني واستمر ذلك إلى سنة 1830 م تاريخ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر. ولكن كيف كانت بداية الوجود العثماني؟ و ما هي الأطوار التي مر بها حكم العثمانيين للجزائر؟

3-1 بداية الوجود العثماني في الجزائر

لما كان الإسبان يغزون الشواطئ الجزائرية في مطلع القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي ، كانت طلائع غزاة البحر العثمانيين، ممثلة في الأخوة بربروس (1)عروج و خير الدين و إسحاق، و في آخرين ،قد وصلوا إلى الحوض الغربي للمتوسط، و أخذت تجوب عرضه جيئة و ذهابا، ملحقين بالسفن و الشواطئ المسيحية خسائر كبيرة ، متخذا من الموانئ التونسية التي أذن لهم السلطان الحفصي أبو عبد الله محمد، باستعمالها مقابل دفع الخمس من الغنائم و شروط أخرى)2(، منطلقا لها ،فذاع صيتهم، و انتشرت أخبار بطولاتهم في الغزو البحري، فتوجهت إليهم أنظار المجاهدين الجزائريين، و في مقدمتهم أبو العباس أحمد بن القاضي الزواوي الذي لما رأى قوة شوكة النصارى الكفار، و انتشار في المغرب، و ضعف المسلمون عن مقاومتهم، كاتب الترك، و عرفهم عزة هذه البلاد، لما يسمع من شدة الأتراك في المعارك، و نجدتهم في الحروب و المضايق ، وإرهابهم للكفرة فقصد بحسن نية، أن يرفعوا من عزة الإسلام ما انخفض،و يقووا من أمره ما ضعف، و قال : إن بلادنا بقيت لك ولأخيك أو للذئب ، فأقبل الترك نحوه مسرعين، و جعل هو يخص الناس على اتباعهم، و الانخراط في سلكهم ،و السمع و الطاعة لأميرهم عروج التركماني، الذي هو الباي فيهم ،فدخل الترك الجزائر و تلمسان.

و من هذا النص يستخلص أن تدخل أوائل العثمانيين في الجزائر، كان استجابة لطلب الجزائريين، ونجدة لهم، و مشاركة في الدفاع عن بلادهم، و تحرير ما وقع منها تحت الاحتلال الإسباني. و لكن عروج و جماعته من الأتراك، وغيرهم قبل أن يدخلوا إلى الجزائر أو إلى تلمسان، قاموا في سنة 918 /1512م بمحاولة لتحرير بجاية، لم تكلل بالنجاح، و فيها فقد عروج ذراعه. و لما شفي من إصابته و جدد بناء قوته خلال سنة 919/1513م، هاجم في السنة التالية )920/1514م( بجاية مرة أخرى، و لما باءت محاولته بالفشل، توجه الى بلدة جيجل، التي استولى عليها الجنويون بقيادة أندرى دوريا في سنة 919/1513م، لتحريرها بالتعاون مع أهاليها و سكان المنطقة المجاورة لها و ابن القاضي المذكور. و قد تمكن عروج من القضاء على حصن الجنويون، و تحرير البلدة التي أصبحت منذ ئد قاعدة له. و منها وجه هدية ثمينة إلى السلطان العثماني سليم الأول . وبذلك ابتدأت الصلة الرسمية مع العثمانين، و النفوذ العثماني في الجزائر .

3-2 توسع نفوذ العثمانيين

شرع عروج و خير الدين ثم من تلاهما في توسيع نفوذ العثمانيين في الجزائر انطلاقا من جيجل أول حاضرة لهم في الجزائر ، ثم من مدينة الجزائر ثاني المدن التي خضعت لهم. فعروج لم يلبث في جيجل مدة طويلة حيث تلقى دعوة من أهالي مدينة الجزائر، و أميرهم سالم التومي في سنة 922ه/1516م لتخليصهم من الحامية الإسبانية، التي كانت تضايقهم ،وتشل حركتهم، وتحول دون ممارستهم للغزو البحري ،فاستجاب لطلبهم، و هاجم الحصن الإسباني، بعد أن استولى على بلدة شرشال المجاورة، و لكن مدفعيته لم تستطع التأثير على الحصن القوى على أنه لم يكن يبعد عن المدينة بأكثر من 100م، و أنه ظل يقصفه ثلاثة أسابيع.

ولكن العلاقة بينه و بين سالم التومي لم تلبث أن ساءت بعد فشل هذا الأخير في القضاء على الحصن الإسباني. و تمكن عروج من قتله بعد أن استمال اليه العديد من أعيان المدينة بالهدايا و أعلن نفسه حاكما على الجزائر ثم تمكن من إحباط مؤامرة حاكها ضده بعض أهالي المدينة مع عرب المنطقة المجاورة (عرب متيجة، الموالين لسالم التومي) فأذعن سكانها. ولكن الإسبان لم يرتاحوا إلى الوضع الجديد في المدينة، فجهزوا حملة ضخمة في نفس السنة 922ه/1516 م للقضاء على خطر عروج قبل استفحاله، و إعادة الإمارة إلى ابن سالم التومي، كانت تتألف من 8000 مقابل نقلتهم 80 سفينة، بقيادة دييجو دوفيرا، ولكن تلك الحماة باءت بالفشل أمام خطط عروج الهجومية، التي مكنته من القضاء على 3000 ممن نزلوا إلى الأرض ، وأسر 400 منهم. و تضافرت العاصفة معه، فقضت على معظم قطع الأسطول بمن فيها غرقا في البحر.

وساعد هذا الانتصار الباهر الذي حققه عروج و جماعته ، بالتعاون أيضا مع سكان المدينة و عرب المنطقة المجاورة، على استقرار الأمر لحاكم الجزائر الجديد، و على مد نفوذه إلى مدن أخرى، ساحلية و داخلية، في مقاطعة الجزائر و خارجها، كدلس، و المدية، و مليانة، و غيرها. ثم توجهت أنظاره إلى الغرب الجزائري للقضاء على الحكام الزيانيين فيه، الموالين للإسبان، كسلطان تنس و سلطان تلمسان.

و قد تمكن من الانتصار على قوات سلطان تنس الكبيرة ، في المعركة التي جرت بين الطرفين على مقربة من نهر الشلف، في صيف 923/1517م و ذلك بفضل السلاح الناري الذي كان بحوزة قواته،و الذي لا مثيل له لدى قوات سلطان تنس، فاضطر هذا الأخير إلى الفرار إلى قاعدة ملكه. و لما وجد نفسه ملاحقا فر منها إلى أقصى الجنوب الجزائري، فدخلها عروج ثم تقدم إلي تلمسان، حيث كان السلطان أبو حمو الزياني الثالث الموالي للإسبان قد اغتصب الملك من ابن أخيه أبي زيان وأودعه السجن، و ذلك بعد أن تلقى دعوة من بعض أعيان تلمسان يرجونه فيها المسير إلى مدينتهم لتخليصهم من أبي حمو ، و إعادة أبي زيان الى الملك و تمكن عروج من تحقيق النصر على ابي حمو في المعركة التي دارت بين الطرفين، ففر هذا الأخير إلي فاس ثم إلى وهران، و من هذه الأخيرة توجه الى بلاط ملك إسبانيا شارل الأول، لطلب عونه. و دخل عروج تلمسان في رمضان 923 / سبتمبر 1517م، و استحوذ على الملك فيها، و قتل أبازيان بعد أن أعاد له الملك بضعة أيام و كذلك كل أفراد الأسرة المالكة إلا من فر منهم ،و المتعاطفين معهم من التلمسانيين و ذلك حسما لمؤامراتهم ثم جد في توطيد سلطته في المدينة ، و تحصينها .و كان قد أقام و هو في طريقه إلى تلمسان ـ حامية في قلعة بني راشد، التي تتوسط الطريق بين تلمسان و مدينة الجزائر لتأمين خط الرجعة إلى هذه الأخيرة ووصول الإمدادات إليه منها أو من الجزائر أسند قيادة تلك الحامية إلى أخيه إسحاق.و سعى إلى إقامة تحالف دفاعي و هجومي بينه و بين سلطان فاس محمد البرتغالي الوطاسي ضد النصارى، العدو المشترك، فرحب هذا الأخير بالعرض ووافق عليه. و بهذه الخطوات اطمأن عروج، و بقي في مدينة تلمسان الداخلية.

3-3 التدخل الإسباني في تلمسان و القضاء على عروج

لم ينظر الإسبان بعين الارتياح إلى النجاحات التي حققها الإخوة بربروس و الخطوات الكبيرة التي خطوها في طريق توحيد أجزاء الجزائر تحت سلطتهم، لأن خطرهم المتزايد سوف لا يتوقف عند تهديد مراكزهم على ساحل المغرب الكبير و على شواطئ إسبانيا نفسها و لذلك فقد كان رد فعلهم التدخل السريع الى جانب السلطان المخلوع أبي حمو الثالث، فقطعوا أولا خط الرجعة إلى الجزائر، بقضائهم على حامية قلعة بني راشد بما في ذلك إسحاق شقيق عروج وخيرالدين، ثم حاصروا عروج في تلمسان. و كان هذا الأخير يأمل في وصول المدد إليه من حليفه السلطان الوطاسي، و لما طال انتظاره حاول الفرار في اتجاه الغرب مع القليل من الأتراك الذين بقوا و الإسبان أدركوا بعد معركة عنيفة من القضاء عليه و على رفاقه في ماي 1518 وفي بني يزناسن. و أعاد الإسبان الملك في تلمسان إلى أبي حمو الثالث الذي قبل أن يدفع ضريبة سنوية لهم مقدارها 12000 دوكاتو 12 من الخيل و 6 من إناث الصقور، كعلامة عن التبعية . وبمقتل عروج وأخيه إسحاق و القوات التي كانت معهما، تعرض الوجود العثماني إلى هزة قوية كادت تقضي عليه ، و تقلصت من جديد أرجاء الدولة التي أخد عروج في إنشائها بعودة ابي حمو إلى مملكة تلمسان و حميدة العبد إلى تنس .

3-4 إنطواء الجزائر تحت لواء الدولة العثمانية

بويع خير الدين في مدينة الجزائر، خلفا لأخيه عروج، فشرع فورا في الإستعداد لمواجهة حملة إسبانية متوقعة، قد يشترك فيها حليفهم ملك تلمسان. و لم تكن توقعاته وهمية، إذ تحركت في صيف سنة 1518م/924، أي بعد شهور قليلة من مقتل أخويه عروج واسحاق، بقيادة نائب ملك صقلية، هيجو دومنكاد للقضاء على البقية من مدينة الجزائر، و أعوز قائد الحملة إلى سلطان تلمسان للتحرك بقواته إلى مدينة الجزائر، و لكن الجزائريين بقيادة خير الدين تمكنوا من القضاء على الحملة الإسبانية قبل أن يصل هذا الأخير، و لم يسلم من القتل أو الأسر أو الغرق في البحر إلا العدد القليل و في أعقاب هذا النصر الباهر، عزم خير الدين الرحيل إلى إقليم الروم، و ترك مدينة الجزائر للجزائريين و من ينتخبونهم منهم. و جمع أهل الجزائر كلهم وأعيانها من العلماء الصلحاء و المشايخ ليخبرهم بعزمه. و لكن هؤلاء أصروا على إقامته في الجزائر، ووافقوا على اقتراحه بصرف الخطبة إلى السلطان سليم العثماني، و ضرب السكة باسمه حتى يضمنون مساعدته، و تزويده لهم بما يلزمهم من الرجال وآلات الجهاد لحماية مدينتهم.

و كتبوا كما أمرهم خير الدين كتابا على لسانهم إلى حضرة السلطان العثماني المذكور يخبرونه بصرف طاعتهم إليه، و أنهم من جملة من تنفذيهم أحكامه، ويقع فيهم نقضة .وهو بتاريخ أوائل ذى الحجة سنة 925ه/أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر 1519م. وكتب هو كتابا آخر إلى السلطان سليم، الذي رحب بطلب أهالي الجزائر و خير الدين الانضمام تلقائيا تحت لوائه، و سر به كثيرا، لأنه كان متجاورا مع رغباتهم و مطامحه في مد نفوذه ليشمل كل العالم الإسلامي، و العربي، مشرقه و مغربه، حتى يكون أكثر قوة في صراعه مع أوروبا المسيحية، عسكريا و إستراتيجيا و اقتصاديا.

و يبدو أن السلطان سليم كان يخطط أصلا لبسط نفوذه على كامل شمال إفريقيا و الحوض الغربي للمتوسط، فقد نسب إليه قوله لأحد كتمة سره ...أن البحر الأبيض المتوسط هو عبارة عن خليج واحد يمتد إلى بوغاز سبتة، فكيف يليق أن تجتمع فيه مدن مختلفة، ثم أنهم لا يكونون تحت حكم الدولة العلية، فعدم الإجتهاد في بلوغ هذه الغاية المقصودة هو من قصور الهمة المزري بشأن الدولةإني آليت على نفسي و عاهدتها إن مد الله في عمرى،أني أحرمها الراحة و السكون، مالم أنشئ الأساطيل الكافية لنيل المرغوب ، و أستولى على ثغور البحر البيض المتوسط ...

و تذكر المراجع أن السلطان سليم بذل فعلا جهودا كبيرة لترقية البحرية العثمانية، لتحقيق فرصة ذاك. و تشير المراجع من جهة أخرى إلى تقديمه العون للأخوة بربروس، الذين كانوا يعملون في الحوض الغربي للمتوسط قبل انضمام الجزائر بشكل رسمي إلى الدولة العثمانية، و إلى اعتزامه المسير بنفسه إلى الغرب و لكن الأجل لم يمهله.

شيوخ القبائل

وقد أرسل السلطان سليم صحبة مبعوثي الجزائر إليه سنجقا، و كتابا إلى أهل الجزائر و خير الدين بقبول ما كتبه إليه، و أنهم ممن تشمله عنايته و تحرسهم رعايته، و بذلك غدت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، وأصبح خير الدين حاكما لها تابعا للسلطان العثماني . و قد أمد السلطان سليم خير الدين بالمساعدة العسكرية التي كان بحاجة ماسة إليها حيث أرسل إليه 2000 جندي و سمح بالذهاب إلى الجزائر لكل من يريد ذلك من الأتراك، ووافق أن يكون للإنكشاريين في الجزائر نفس الإمتيازات التي كان يتمتع به الإنكشاريون في عاصمة الدولة. فقصدها عدد آخر ، مما سمح لخير الدين أن يقيم حاميات عديدة في الغرب الجزائري منها مستغانم، و تنس، و مليانة و غيرها

4- أطوار الحكم العثماني في الجزائر

لقد مر الحكم العثماني في الجزائر بأربعة أطوار رئيسة أولها عهد البايلربايات 1519-1587، و ثانيها عهد الباشاوات 1587- 1659، و ثالثها عهد الآغاوات 1659-1671، و رابعها عهد الدايات1671-1830.

4-1 الجزائر في عهد البايلربايات

1519-1587 غدت مدينة الجزائر و توابعها منذ أواخر سنة 925ه/1519 تابعة للدولة العثمانية مرتبطة بها، دون أن تتجشم هذه الأخيرة عناء غزوها، كما حدث بالنسبة لبلاد الشام و مصر، و العراق و غيرها و تونس أيضا كما سنرى، و غدا خير الدين حاكما تابعا للسلطان العثماني ،إلا أنه كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر ،لا تقل عن سلطات الملوك، و إن كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر، لا تقل عن سلطات الملوك، وإن لم يكن رسميا إلا بايلربايا، أو أميرا للأمراء فيها و هو اللقب الذي حمله هو، و عدد من الحكام الأساسيين الذين خلفوه في حكم الجزائر في الفترة 1519-1587 م، التي تعرف بعهد البايلرباي. و قد كان السلطان العثماني يعين هؤلاء لحكمها لفترة غير محدودة بزمن و يختارهم غالبا من أكفاء الرجال الذين خدموا في الجزائر .

و غالبا ما كان بايلربايات الجزائر يرشحون لاستلام البحرية العثمانية ، وقيادة الأسطول العثماني أي منصبة قبو دان باشا. وقد نجح البايلربايات الذين تداولوا على حكم الجزائر في:

4-11 التصدي لمزيد من الحملات الإسبانية على مدينة الجزائر ، و شرشال و مستغانم و غيرها، و إفشالها، و إلحاق خسائر كبيرة بها ، جعلت الإسبان في نهاية الأمر في موقف الدفاع، لا الهجوم. و لا سيما بعد فشل حملتهم على الجزائر في سنة 1541م التي قادها الإمبراطور شارلكان بنفسه. و القضاء على حملتهم الموجهة ضد مستغانم في سنة 1558م بقيادة حاكم وهران الكونت دالكوديت.

4-12 النجاح في تحرير العديد من المواقع التي كان يحتلها الإسبان، و في مقدمتها :

صخرة الجزائر البنون في سنة 1529، و عنابة في سنة 1540 ، و بجاية في سنة 1555 . و الإخفاق في تحرير وهران ، و المرسى الكبير، لتخليص الإسبان فيها، و وصول المدد إليهم من جهة البحر .

4-1-3 النجاح في توحيد أجزاء كثيرة من البلاد الجزائرية ، التي كانت تابعة للمماليك، و الإمارات، الحفصية و الزيانية، وللأمراء و شيوخ القبائل المنشقين عنهم، وربطها بمدينة الجزائر التي اتخذوها حاضرة للبلاد كلها، بحيث غدت معظم أجزاء الجزائر الحالية من مشمولات حكمهم .

و قد وجدوا في سبيل بسط نفوذهم عليها مقاومة و معارضة من سلاطين بني زيان، و بني أبي حفص، و غيرهم، وكذلك من الإسبان ، و أخيرا من الأشراف السعديين حكام المغرب الأقصى، إلا أنهم تمكنوا من التصدي بنجاح للسعديين من الحملات الإسبانية ما تقدم، و الحفصية، و الزيانية، و السعدية، وغيرها و من التغلب على مقاومات الزعامات المحلية.

4-14 القضاء نهائيا على نفوذ الزيانيين في تلمسان ، وتنس و كل الغرب الجزائري و ذلك في سنة 1551م، و على نفوذ الحفصيين في الشرق الجزائري ، و المساهمة في القضاء عليه حتى في تونس نهائيا في سنة 1574.

4-15 العمل على مد نفوذ الجزائر، والدولة العثمانية إلى المغرب الأقصى، و النجاح في مرتين على الأقل في ضم فاس و ممتلكاتها و ذلك في سنة 1554 ثم في سنة 1576، و تنصيب سلطان موالي لهم فيها و هو ابو حسون الوطاسي في المرة الأولى، وعبد المالك السعدي في المرة الثانية.

4-16 النجاح شيئا فشيئا في إرساء دعائم الحكم العثماني في الجزائر، و الشروع في احداث تنظيمات إدارية فيها، و تقسيمات إقليمية جديدة بحيث أصبح الغرب الجزائري بايليكية قاعدته الأولى مازونة ثم معسكر و مستغانم قبل أن يستقر المقر في وهران بعد فتحها الأول و الثاني في القرن الثاني عشر ، و أصبح الشرق الجزائري بايليكته أيضا قاعدته مدينة قسنطينة.

و غدا القطاع الأوسط من البلاد و يتشكل من بايليكية التطري و قاعدته مدينة المدية في قسمه الجنوبي. و من دار السلطان في قسمه الشمالي الممتد من دلس شرقا و تنس غربا. وهذا القسم كان تابعا مباشرة للإدارة المركزية في مدينة الجزائر. وقد كان على رأس كل بايليكية باي تابع لحاكم الجزائر، البايلرباي، أو الباشا، أو الآغا، أو الداي ،و هي التسميات التي حملها حكام الجزائر خلال مراحل العهد العثماني في الجزائر .

وقد نشأ حكام الجزائر العثمانيون مؤسسات عسكرية ، و إدارية و دينية ، و عملية ساعدتهم على التحكم في زمام الأمور في الجزائر و سيأتي الحديث عنها كمؤسسة ديوان الجند و طائفة الرياس و المؤسسة القضائية الخ .

4-17 نجحوا في إيجاد سند لهم في مهمتهم من بين أهالي الجزائر، و المهاجرين الأندلسيين الذين وفدوا على الجزائر بكثرة في القرن 10ه/16. وحتى القرن 11ه/17م . وكان لحكام الجزائر الفضل الكبير في إنقاذ عدد كبير منهم من جحيم الاضطهاد الذي كانوا يعانون منه في الأندلس بعد سقوط غرناطة، و تنكر الحكام الإسبان للعهود التي قطعوها لهم ،كما نجحو في استمالة كثير من الأعلاج إلى صفهم بفتح أبواب العمل أمامهم و الإرتفاع إلى أعلى المناصب في الجزائر .و كان لكثير منهم الفضل في تحقيق النجاحات المذكورة أعلاه، و أولهم حسن آغا خليفة خير الدين على الجزائر الذي كانت له أياد بيضاء في الدفاع على مدينة الجزائر ضد حملة شارلكان، و في إعادة نفوذ الجزائر على المناطق المستولىعليها، و توسعه إلى مناطق جديدة . و العلج علي الذي مد نفوذ الجزائر في عهده إلى تونس ، و حسن فنزيانو و غيرهم .

وقد برز الأعلاج على الخصوص في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17م مما أرغم الدول العديدة على في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17 م مما أرغم الدول العديدة على طلب السلم مع الجزائر،و القبول بدفع إتاوة لها، و في المساهمة في الحملات العثمانية و المعارك البحرية للدولة العثمانية كالحملة على مالطة، و معركة ليبايني و غيرها.

و يمكن القول على وجه الإجمال أن خير الدين و خلفاءه البايربايات قد نجحوا في إرساء دعائم الحكم الجديد في الجزائر إلى حد كبير. وما لم يتحقق في عهد البايلربايات، أتم تحقيقها خلفاءهم في مراحل الحكم العثماني الأخرى هي عهد الباشاوات 1587-1659. و عهد الآغاوات 1659-1671 و عهد الدايات 1671-1830 قبل أن يخفق حسين داي آخر الدايات في التصدي للحملة.

المصادر و المراجع العربية

1 - ابن أبي دينار أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعينى القيرواني

المؤنس في أخبار افريقيا و تونس .تحقيق و تعليق محمد شمام،ط3، تونس 1967م

2- التنسي عبد الجليل نظم الدر و العقيان في شرف ابن زيان، أو الترجمة الفرنسية ليبارجيس باريس 1852.

3- جودت أحمد تاريخ جودت، ترجمة عبد القادر أفندي ،بيروت 1308

4- المجهول غزوات عروج و خير الدين،تصحيح و تعليق عبد القادر نور الدين الجزائر 1430 .

5- المدني أحمد توفيق حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر و اسبانيا 1492/1792 ط1 الجزائر 1968

6-الوزان الحسن بن محمد المدعو الليون الأفريقي وسط افريقيا تحقيق عبد الرحمان حميدة 1399

7- التميمي عبد الجليل رسالة من مسلمي غرناطة الى السلطان سليمان القانوني عدد 23 /1975م

8- مجلة التاريخ تصدر في الجزائر من مركز الدراسات التاريخية ناصر الدين سعيدوني/ نظرة حول الوثائق العثمانية بالجزائر عدد4/1977م.

9- سامح عزيز الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية ترجمة عبد السلام أدهم ط1 بيروت 1969م

10- العقاد صلاح المغرب العربي ط3 مصر 1969م

المصادر و المراجع بالأجنبية

F .BRAUDEL: la Méditerranée et le monde méditerranéen à l’époque de philippe11

,23 vol ,paris 1966.

HAEDO (F.DEIGOD): histoire des rois d'Alger. (Trad .H.DE GRAMMONT) Alger 1881

MERCIE (E): Histoire de l'Afrique septentrionnale, 3 vol , PARIS 1891.