vendredi 3 décembre 2010

المدية العريقة

فن الطبخ هو أحد مؤشرات العادات والتقاليد العريقة لمدينة المدية، يترأس قائمة الأطباق التقليدية اللمدانية طبق العصبان الذي يتوج الموائد في المناسبات، كالأفراح وفي الأيام العادية للأسر، ويطلق عليه في بعض المناطق اسم الدوارة أو البكبوكة، يستهلك في فصل الشتاء لاحتوائه على مواد دسمة. يعتبر العصبان الطبق التقليدي المفضل وبدون منازع لدى العائلات الحضرية للمدية، من بين العديد من المأكولات المحضرة في المطبخ التي تزين مائدة العائلات اللمدانية خلال شهر رمضان طبق المثوم (كريات اللحم) المقدمة مع شربة المقطفة المحضرة محليا بالكرفس والفول اليابس، يبقى العصبان يحتل المكانة الأولى ضمن الأطباق المفضلة المستهلكة في مدينة المدية.
هذا الطبق ذو أصول تركية عرف لأول مرة في المنطقة في أواسط القرن السابع عشر من طرف الجنود الإنكشاريين ذوي الأصول الصربية.
تبقى هذه العادة مستمرة ومتجذرة إلى يومنا هذا مع نفس نمط التحضير أما تشكيلة العناصر الأساسية المكونة لها فهي كرشة الخروف، الأحشاء، الأرز وكثيرا من أنواع التوابل.
تبقى أغلب العائلات اللمدانية تحافظ على هذا النوع من الطبخ التقليدي خاصة في المناسبات العائلية الكبرى مما يعكس شخصية أهالي المنطقة المتوارثة أبا عن جد عبر العصور ومختلف الثقافات والحضارات (البربرية، الرومانية، العربية والتركية)، حيث أن هذا التأثير تولدت عنه عادات وتقاليد خاصة بهذا النوع من الطبخ.
طبق العصبان يعرف في مناطق أخرى بتسميات مختلفة فبالنسبة للعائلات الحضرية "الدوارة" وعند سكان المناطق الريفية "البكبوكة" بطريقة تحضير مختلفة.
البلبول هو أيضا من أشهر المأكولات التي تختص بها المدية، يحضر عن طريق الخبز اليابس يهرس ويفتل كالكسكس ويضاف إليه الزعتر ويقدم كطبق بالسكر وهو ذو أصول تركية مفضل لدى سكان الحضر.
إلى جانب هذين الطبقين نجد أيضا الكسكس بأنواعه المختلفة فهناك ما يحضر بالمرق الأبيض أو الأحمر ويضاف إليه أحيانا الزبيب، ومنه ما يحضر بواسطة البازيلاء والفول (المسفوف) الذي يقدم باللبن أو الحليب وهذا النوع يطهى عند استقبال فصل الربيع.
هناك أطباق أخرى تحضر خصيصا بمناسبة إحياء بعض المناسبات ذات الطابع الاجتماعي أو الديني، أشهرها "الروينة" المعدة أساسا من القمح المحمص مهروس ومطحون ويضاف إليه السكر، ثم يعجن ليشكل في كريات كبيرة وتوزع في الوعدات والاحتفالات المحلية التي تسمى "المعروف".
كما لا ننسى الأطباق التقليدية لجنوب الولاية نذكر منها الكعبوش المعد من التمر والدقيق والسمن، الحموم وبوصلوع.

ترقية النشاط السياحي في ولاية المدية يمكن تحقيقه تدريجيا بإشراك كل الفئات المعنية وبهدف مشترك، كما أن ترقية السياحة لها نتائج ايجابية على كل القطاعات الناشطة في المنطقة وتعطي مصدر لخلق مناصب الشغل والتنمية المحلية.
إمكانيات الولاية الطبيعية، الثقافية والأثرية تؤهلها لجعل السياحة نشاطا محركا للتنمية، فمن وجهة نظر اقتصادية، يمكن للقطاع أن يؤدي إلى دفع ديناميكي ليس فقط لجلب العملة الصعبة لكن أيضا في مخطط النشاط (خلق مناصب شغل مباشرة ومتوقعة).
إحدى الإمكانيات لتنمية السياحة ترتكز على حماية مناطق التوسع السياحي بالأخذ في الاعتبار القيمة الطبيعية ومؤهلات الموقع المحدد مع إمكانية توسيعه واستعداده لزيادة التدفقات السياحة.
إن الولاية تطمح إلى التنمية والعصرنة وهي تفتح ذراعيها لكل من يرغب في إنشاء استثمارات مربحة ودائمة، وهذا بإتاحة الإمكانيات الطبيعية والاقتصادية الكبيرة الناشئة عن مناخ ملائم، بفلاحة ترتكز على زراعة الأشجار خاصة الكرز والسفرجل والتفاح وأيضا الكروم التي منها بعض الأنواع المشهورة التي تتواجد فقط في حوض المتوسط، تربية الدواجن....الخ.
جبالها وسهولها ذات الجمال الباهر، مواقعها الأثرية، الطبيعية، التاريخية والدينية، الفن المطبخي فيها، صناعاتها التقليدية، كما أن حسن ضيافة سكان المدية يجعلها وجهة ممتازة للزوار الذين يطمحون للراحة، الترفيه والاستكشاف.

في عهد الدولة الموحدية نبغ في هذه الناحية شخصية لها وزنها في الحقل الثقافي والعلمي وكان لها شان عظيم بين كبار العلماء وهو أبو محمد عبد الله الأشيري نسبة إلى بلدة آشير بالجنوب الشرقي من ولاية المدية ببلدية الكاف الأخضر ناحية شلالة العذاورة في سفح جبل التيطري والتي كانت عاصمة التيطري قبل تأسيس مدينة المدية.
كان امام عصره في الفقه والحديث والادب انتقل إلى الشام وسكن حلب الشهباء ففاق بها جميع علمائها كما قال ياقوت كان امام اهل الحديث والفقه والادب بحلب خاصة وبالشام عامة يتسابق الناس إلى الاخذعنه والتشرف بالانتساب اليه ويتفاخر الوزراء والملوك بمجالسته والاسترشاد بعلمه وارائه
استدعاه الوزير أبو المظفر عون الدين يحيى بن هبيرة وزير المقتفي وطلبه من الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي لاقراء الحديث وتدريس العلومه بدار السلام بغداد فسيره الملك اليه محفوفا بالاجلال والاكرام فاقرأ هناك كتاب الافصاح وعن شرح معاني الصحاح بمحضر الوزير مؤلف الكتاب نفسه وهو شرح يحتوي على عشرة كتب شرح بها الوزير احاديث الصحيحين وقد جرت للشيخ مع الوزير منافرة فتقاطعا ثم ندم الوزيرعلى موقفه هذا اتجاه الشيخ فاعتذر اليه واغدق عليه بره واحسانه ثم سار الشيخ من بغداد إلى مكة ثم عاد إلى الشام فمات ببقاع بعلبك سنة (561 ه) 1165 م
وهناك شخصية أخرى كان لها مجالها في ميدان العلم والثقافة وكان لها وزنها في بلاد الاندلس حيث مثلت عاصمة المدية آشير في تلك الربوع وهذه الشخصية هي الراوية الامام الحافظ موسى بن الحجاج بن ابي بكر الأشيري.

قبل أن يمتد النفوذ الروماني إلى المدية كانت تشكل جزءا هاما من مملكة نوميديا، التي كان على رأسها البربر الرافضين للوجود الروماني، وقد قاد الزعيم البربري تاكفاريناس ثورات عارمة ضد الرومان خاصة بمنطقة البرواقية التي جعل منها نقطة إستراتيجية في خططه الحربية.
وقعت المدية تحت وطأة الحكم الروماني في أواخر القرن الأول الميلادي لتأخذ بذلك اسم ادمدياس، وقد شكلت في هذه الفترة مركزا عسكريا رومانيا ومكانا لإقامة الجالية الرومانية، كما عرفت انتشار المخيمات العسكرية الرومانية ومما يدل على ذلك العثور على قلادات عسكرية تضمنت كلمات كتيبة وفيلق وهي مصطلحات استعملت في المعسكرات الرومانية قديما.
لمبدية LAMBADIA يبدو أنها ظهرت في القرن الأول الميلادي أو في القرن الثاني الميلادي على أكبر تقدير ولكنها لم تكن مدينة كبيرة ويغلب على الظن أنها كانت مدينة استعمارية تقيم فيها جالية رومانية مع خليط من الأهالي ليس مؤ كد قيام تعايش ووئام بين الجالية الرومانية وأهالي المدية من البربرالسكان الأصليين.
أصبحت المدية في نهاية القرن مدينة رومانية كباقي مدن موريطانية القيصرية مثل أوزييا (سور الغزلان) التي جعل منها سبتموس سوازيوس مستعمرة تسهل الانتقال نحو الجنوب والغرب كما شيدت مدينة رابيديوم Rapidium وتانارموزا Thanaramusa إذ شكلت نقاط مراقبة لمدينة المدية التي حوطت بأسوار ضخمة.
لا يعرف بالضبط أصل تسمية الرومانية LAMBADIA التي أطلقت على مدينة المدية في عهد الاحتلال الروماني، فحسب بعض المؤرخين الفرنسيين قد عثر على أثار تعود إلى الحقبة وذلك أثناء حفر أساس بناء المستشفى العسكري فعثر الفرنسيون من عسكريين وبنائين على رفات أي هياكل عظمية قديمة مع تحف وزهرية عليها صورة امرأة وفخار ونقود من البرونز وفانوسة لونها رمادي وبعد العثور على هذه الأثار قام مترجم الجيش الفرنسي ويدعى فرعون طالب بوضع جرد واحصائية شاملة للأثار الرومانية الموجودة على أنقاض مدينة لمبدية التي عثر على جزء منها تحت أساس وأنقاض المستشفى الذي شرع الفرنسيون في بنائه بالمدية بعدما تمت لهم السيطرة على المدينة في عام 1856 وقد طلب فرعون هذا من المراسلين حسبما جاء في تقرير لـ 1856 والمنشور بالمجلة الإفريقية R.A بأن يقوم المراسلون المختصون في عين المكان في المدية بكل جهد من أجل العثور على النقش الحجري الذي أشار إليه الجنرال دوفيفيي le Général Duvivier ويتابع فرعون حديثه بنفس المقالة الصغيرة المنشورة بالمجلة الإفريقية عدد سنة 1856 : أنه من باب الاهتمام البالغ أن يتم العثور على أثر أثنين من شواهد القبور Deux épitaphes الذين تم اكتشافهما أثناء القيام بأعمال الحفر من أجل بناء المستشفى وقد تم وضع شواهد القبور هذه في دار الخزينة القديمة.
و يشير فرعون ولا يعرف أصله بالضبط هل هو يهودي جزائري أم عربي ولكنه يشير أن هناك قطعة من الحجر منقوش تعود إلى العهد الروماني استعملت في قناة ماء المشتلة.
و كانت لمبدية مدينة رومانية مثل باقي مدن موريطانية القيصرية في القرن الأول الميلادي وقد عرفت منطقة أو ناحية لمبدية ظهور مدن رومانية كثيرة في هذه الفترة بالذات فكانت مدينة أوزيا وهي سور الغزلان اليوم، مركزا عسكريا مهما تم تشييد مباني المدينة على سفح نجد مرتفع يقع بين نهرين وعن طريق هذا النجد يمكن الالتحاق بالغرب أو الجنوب بكل سهولة وكانت أوزيا هذه بلدية في البداية ثم جعل منها سبتيموس سواريوس مستعمرة.
وأقام المستعمرون الرومان مدينة Rapidum وهي سور جواب اليوم ناحية شلالة العذاورة. بينما كانت تناراموزا Tharanamusa وهي تمثل مدينة البرواقية في القديم ولو أنها تبعد عن المدينة الحديثة بكيلومترين تقريبا وكانت تناراموزا موجودة في الموقع الذي بني فيه موقع سجن البرواقية، كما كانت لمبدية تحتل مكان المدية.
و يحدد ستيفان قزال المؤرخ الفرنسي صاحب كتاب أفريقيا الشمالية في ثمانية مجلدات، في كتابه الأطلس الأثري للجزائر، المواقع الأثرية الرومانية لمنطقة المدية فيذكر في كتابه Atlas Archéologique في الورقة 14، أرقام 8-9-10 إشارات إلى مواقع أثرية رومانية في جهة تابلاط بالمنطقة الجبلية منها ولكن جرى فيما بعد بحث مركز لاكتشاف المواقع الأثرية الرومانية بشكل محدد ومعمق فقام بيتون Piton له شهادة في الحقوق وعضو الجمعية التاريخية لناحية سطيف بدارسة ميدانية مكنته من التعرف على بقايا الاحتلال الروماني في منطقة تابلاط.
و قد وجدت آثار عديدة في أماكن مختلفة في المنطقة والتي كانت مرتبطة من الناحية الغربية ببن شاكو.
و يشير بيتون أن الأثار الرومانية الهامة التي تم دراستها بالقرب من تابلاط من 1 كلم و 300 مترا جنوب غرب المدينة، وتبعد هذه الآثار بـ 3 كلم و 500 م عن وادي الحد ووادي اليسر، وتحتوي هذه الآثار الرومانية عن بناء مستطيل طوله 70 مترا عرضا و 25 مترا عرضا وتبدو الحيطان ظاهرة للعيان وهي مصنوعة من أحجار كبيرة الحجم مقياسها 1م / على 60 سنتم وهناك مبنى آخر بجانب ذلك يجعلها نفترض وجود مراكز مراقبة رومانية وتموين ذات طابع عسكري، ترمي للحفاظ على مراقبة الاتصال وحراسة البلد. و توجد بقايا رومانية في شمال تلك الآثار الآنف ذكرها والتي كانت كمركز مراقبة حيث يوجد آثار بدون مخطط في مساحة مستطيلة 20 م مع قنوات للماء. وفي شمال شرق مدينة تابلاط على بعد 1 كلم و 300 م وجد في تلارزاق آثارا رومانية في مساحة تقدر بـ : 100م2 تقريبا وهناك بقايا أحجار استعملت في البناء.
وهناك بقايا رومانية في شلالة العذاورة تتمثل في مقبرة وآثار لحامية عسكرية بالجنوب الغربي للمدينة قرب منبع عين الشلالة.
و جاء ذكر مدينة لامبديا في رحلة د. شو الإنجليزي واعتمد على ما ذكره عنها بطليموس. و يذكر هاينريش فون مالتسان أن مدينة لامبديا كانت مدينة رومانية حصينة تحيطها أسوار ضخمة (و هناك بقايا أحجار ذلك العهد ما زالت ماثلة إلى اليوم) والتي وصفت أب لامبديا في مجلس قرطاجنة عام 464 ميلادية بأنها مقام الأسقف.
و رغم التشابه في النطق بين لامبديا والمدية فيرجح أن يكون اسم المدية الحالي مشتق من اسم عربي مع العلم أن المدية الإسلامية جاء ذكرها في كتب التاريخ العربية فقد أوردها ابن خلدون و أبو عبيد البكري والحسن الوزان الذين زاروا مدينة المدية في العصر الحديث.

لقد عرفت أولى جيوش الفتح الإسلامي طريقها إلى المدية منذ القرن السابع ميلادي بقيادة عقبة بن نافع الفهري، وأبي المهاجر دينار وموسى بن نصير مؤسسي مدينة القيروان بتونس.
إن الموقع الإستراتيجي للمدية جعل منها قطبا هاما في الحياة السياسية والاقتصادية للعديد من الدول الإسلامية التي تعاقبت عليها، إذ أصبحت رستمية سنة 787 ميلادية إلى غاية 902 ميلادي، ليتولى الفاطميون الشيعة مقاليد الحكم بالمدية بعد أن طرد الرستميون الخوارج منها إثر تحالف الفاطميين مع قبيلة صنهاجة.
دخلت المدية في القرن العاشر ميلادي تحت الحكم الصنهاجي بقيادة زيري بن مناد الذي عينه الخليفة الفاطمي الثاني أبو القاسم القيم حاكما على تيهرت، وفي سنة 960م قام زيري بن مناد بجعل مدينة المدية تحت وصاية ابنه بولوغين الذي قام بتنفيذ أشغال التهيئة للمدينة بعد أن استقر نهائيا في منطقة آشير الواقعة جنوب شرق المدية ناحية شلالة العذاورة التي أصبحت عاصمة التيطري.
بلغت مدينة آشير خلال الحكم الزيري درجة الذروة في الازدهار العلمي والاجتماعي، جذبت العلماء من كل جهة وقصدها الشعراء والرحالة من كامل الأمصار، كما شهدت الحياة الدينية والروحية إشعاعا فائقا.
بعد وفاة بولوغين سنة 984م، وتقلد ابنه المنصور زمام الحكم عززت منطقة آشير تطورها وازدهارها لتصبح مركز إشعاع في المغرب وبعد زوال الحكم الزيري في القرن الحادي عشر حلت محلها شعوب دول أخرى منها: الهلاليون والمرابطون بقيادة يوسف بن تاشفين، ثم الحفصيون في القرن الثاني عشر تحت قيادة أبو زكريا الحفصي على رأس جيش كبير ومجهز قاصدا المدية.
وفي القرن الثالث عشر ميلادي وقعت المدية تحت سلطة قبيلة مغراوة بقيادة عصمان بن ايغمراسن ملك تلمسان الزيانية بعد أن انتزعها من أولاد عزيز المرينيين.
في مطلع القرن الخامس عشر ميلادي وبعد أن دب الضعف في الدولة الزيانية استغل السكان هذه الوضعية وانضموا إلى أمير تنس لمحاربة الزيانيين.

امتد النفوذ العثماني بعد الانتصار الذي حققه الأخوين خير الدين وبابا عروج على حامد بن عبيد ملك التنس في منطقة المتيجة سنة 1517م.
انطلاقا من سنة 1548م أصبحت المدية عاصمة بايلك التيطري، تحت إمرة حسن باشا ابن خير الدين وقسمت إلى أربع أقاليم سميت قيادات:

  • قيادة التل الصحراوي
  • قيادة التل القبلي
  • قيادة سور الغزلان
  • قيادة الجنوب

وما يقارب 17 بايا تداولوا على حكم بايلك التيطري منهم: احسن، رجب، شعبان، فرحات، عصمان، سفطة...الخ، وقد تأرجحت علاقاتهم مع السكان المحليين بين الاستقرار والرفض للوجود العثماني خاصة من قبل قبائل الجنوب.
آخر البايات الذين حكموا بايلك التيطري هو الباي مصطفى بومزراق الذي دام حكمه مدة 11 سنة بين سنتي 1819م و1830م، حيث قام هذا الأخير خلال فترة حكمه بغزو قبائل أولاد مختار بالجنوب وأولاد شعيب وأولاد فرج، عرف بومزراق بمهاراته العسكرية بحيث شارك بجيشه في معركة اسطاولي سنة 1830م.
بعد انهزام الداي حسين وسقوط العاصمة عاد إلى المدية ليفاجأ بتمرد داخلي اضطره إلى التنازل عن الكثير من سلطته ليتجنب العزل.

بعد سقوط مدينة الجزائر في جويلية 1830م واقتحام القوات الفرنسية لمقر الداي حسين وإحكام قبضتها على المدن الساحلية، قرر الماريشال كلوزيل حاكم الجزائر في المنتصف الثاني من شهر نوفمبر إرسال قوة عسكرية قوامها نحو 10.000 عسكري إلى المدية من أجل احتلالها ومعاقبة بومزراق وقادة الثورات الشعبية في هذه المنطقة، إلا أنهم جوبهوا بمقاومة عارمة جعلت جيش كلوزيل يعود أدراجه، أما ثاني محاولة لاحتلال المدية كانت في 19 جوان 1831م بقيادة برتوزين إلا أنها باءت بالفشل لتأتي حملة ديميشال وتنسحب كسابقتيها تاركة آثار الهزيمة وراءها.
في هذه الفترة برز في الغرب الجزائري نجم الأمير عبد القادر الذي تبادر إلى ذهنه توسيع دولته نحو الشرق فدخل سنة 1835م إلى مليانة ونصب أخاه محي الدين خليفة عليها، ثم واصل طريقه نحو المدية جاعلا منها قاعدة لانطلاق حملاته نحو شرق البلاد، وجعلها حصنا منيعا يحمي الناحية الغربية من دولته. عين الأمير عبد القادر محمد بن عيسى البركاني خليفة له بالمدية إلا أن الماريشال كلوزيل قام بغزو القبائل المناصرة للأمير سنة 1836م، وفرض عليهم بايا جديدا هو محمد بن حسين، لكن أنصار الأمير انقلبوا عليه واسترجعوا مقاليد الحكم وبعثوا بالباي إلى وجدة في المغرب أين قتل بعد مدة قصيرة ليخلف من طرف الحاج مصطفى شقيق الأمير عبد القادر.
في سنة 1840م قرر الحاكم العام فالي احتلال المدية من جديد وبعث بجيش عرمرم دارت بينه وبين الأمير عبد القادر معركة عند أسوار المدينة. هزيمة جيش الاحتلال أجبرته على إرسال قوات عسكرية أخرى تحت قيادة بيجو ليستولي أخيرا على مدينة المدية وإرغام الأمير على الانسحاب نحو الجنوب، لتقع تحت حكم إدارة مدنية سنة 1850م.
بحلول ثورة نوفمبر 1954 التي كان لها صدى واسع في أوساط سكان المدية ولبوا النداء والتحقوا بها، وخلال سبع سنوات ونصف شهدت المدية العديد من المعارك والعمليات العسكرية التحريرية التي دارت رحاها في كل بلديات الولاية حيث فاقت 1050 عملية عسكرية بين اشتباكات، عمليات فدائية وتخريبية، كمائن وهجمات، نفذت من طرف مجاهدي الولاية الرابعة التاريخية نذكر منها: معركتي بولقرون وموقورنو سنة 1958م، معركة واد شرفة، معركة فورنة، معركة جبل اللوح، معركة أولاد سنان، معركة ثامودة ومعركة قرقور نا حية شلالة العذاورة...الخ. وقد استشهد في المدية ما يفوق 15 ألف شهيد من بين خيرة أبناء الجزائر.

مدينة أشير الإسلامية:
تقع في الجنوب الشرقي لولاية المدية ببلدية الكاف الأخضر ناحية شلالة العذاورة على الطريق الوطني رقم 60 نحو عين بوسيف وهي العاصمة القديمة للعائلة الملكية الزيرية، يعود تاريخ إنشاءها إلى سنة 936م حيث بنيت من طرف زيري بن مناد واختارها لموقعها الذي يستجيب للمتطلبات العسكرية، هذا الموقع الاستراتيجي يسمح بالسيطرة على الجبال المحيطة والاستفادة من المياه التي عثر عليها في المنطقة.
قام بزيارتها العديد من العلماء العرب سابقا منهم ابن خلدون وابن حوقل الإدريسي، كما حرص زيري بن مناد على إحضار أمهر الصناع والبنائين من المسيلة وسوق حمزة بالبويرة، وأمر بإحضار أبرع مهندس معماري لتصميم مخطط المدينة، وحسب ابن خلدون فإن إنشاء مدينة آشير مر بثلاث مراحل: الأساس، بناء الجدران وأخيرا بناء القصور والحمامات.
آشير كانت قبلة لعلماء وشعراء مثل: أبو عبد الله الأشيري وأبو عمران الأشيري، كما كان للأعمال والآثار الفنية أثر معتبر في الحياة الثقافية داخل المدينة والمدن المحيطة بها.
عرفت مدينة آشير الكثير من عمليات التنقيب والحفريات خاصة على مستوى قصر بنت السلطان في الجهة الشمالية للمدينة.
صنف الموقع كمعلم تاريخي في الجريدة الرسمية رقم 07 في 23 جانفي 1968.
آثار رابيديوم:
تقع المدينة القديمة رابيديوم في شبه أخدود من الشرق إلى الغرب على الناحية الشمالية للتيطري من "أوبا" (سور الغزلان) إلى واد الشلف وقد ظهرت لأول مرة في التاريخ عام 122م عند تأسيس مركز عسكري روماني (السرية الرومانية للمشاة).
رابيديوم تحمل اسم لاتيني معناه تأسيس مدينة في موقع أو منطقة عذراء أقيم بها مركز عسكري. وقد أصبحت مدينة بأتم معنى الكلمة مع اعتلاء العرش من طرف مختلف قياصرة روما، شهدت عدة تغييرات أثناء خضوعها لسلطة موريطانيا القيصرية، لكن أهميتها العسكرية أصبحت ضعيفة ابتداء من سنة 201م.
صنف الموقع كمعلم تاريخي في الجريدة الرسمية رقم 07 في 23 جانفي 1968.
خربة السيوف:
قبل أن نتحدث عن المدينة الرومانية المتواجدة بأولاد هلال لابد من الإشارة إلى أن كلمة خربة تعني عند علماء الآثار: الأطلال وبقايا المدن الرومانية.
كانت خربة السيوف في العهد الروماني عبارة عن حصن عسكري تحول فيما بعد إلى مدينة توحي آثارها برقي وتطور الحياة فيها بالإضافة إلى كونها ممتازة الموقع من الناحية العسكرية الدفاعية وكانت محمية بأسوار ضخمة مغروسة في باطن الأرض وبأعمدة سميكة، تتواجد على طول محيطها أبراج لمراقبة الأنحاء المجاورة.
تحتوي المدينة الرومانية بخربة السيوف على منابع مياه معدنية تفجرت من صخرة تظهر جليا بهذه المدينة التي تبلغ مساحتها 25 هكتار، تسرد الحجارة والأطلال المتناثرة على مساحتها تاريخ المنطقة وازدهارها في وقت مضى، فأرضها الخصبة وسهولها السخية لطالما كافأت أهاليها بوفرة إنتاجها وغلاتها علما بأنهم امتهنوا الفلاحة كنشاط رئيسي بعد أن كانوا جنودا في ظل حصن عسكري وكذلك كان الأمر بالنسبة للمدينة الرومانية بخربة السيوف التي كانت في الأصل عبارة عن حصن دفاع عسكري تحول فيما بعد إلى مدينة عاشت فيها عائلات الجنود وجاليات رومانية اختلطت بالبربر بعد سقوط قرطاج سنة 146م.
مدينة أوزيناديس:
تتواجد المدينة الرومانية أوزيناديس أو أوزينازيس ببلدية سانق وتتربع على مساحة قدرها 09 هكتار.
يرجع تأسيسها إلى سبتم سيفار، يؤكد ذلك كتابة اكتشفت في بلاط على أرضية من طرف قائد الجيش الفرنسي، تفيد بأن سبتم سيفار وشخصين آخرين أسسا هذه المدينة سنة 205م، بنيت أوزيناديس بشكل مستطيل يحيط بها جدار سمكه متران.
أما بجانب سور المدينة المحاذي للوادي الذي قامت على ضفافه، فما تزال آثار بعض الأعمدة، ركائز أبواب المدينة، رحى من الطين، أحواض مائية وتوابيت منحوتة بأشكال متنوعة قائمة.
دار الأمير عبد القادر:
تقع دار الأمير عبد القادر في وسط مدينة المدية، هذه التحفة الهندسية الرائعة ذات طابع عمراني مزيج بين الطابع المغربي والمشرقي حيث كانت مقر إقامة شتوية لباي التيطري، استعملها الأمير عبد القادر في فترة الاحتلال الفرنسي كمقر سياسي "خلافة ومقر عسكري " (قيادة الأركان).
بنيت هذه الدار على يد باي بايلك التيطري مصطفى بومزراق على الأسس القديمة للبنايات الرومانية.
أصبحت مدينة المدية عاصمة بايلك التيطري بعد تأسيس منطقة الجزائر في فترة العثمانيين، تزخر بمعالم أثرية خاصة منها المسجد المالكي، حوش الباي، ضريح الشيخ البركاني والد الشيخ بن عيسى البركاني خليفة الأمير عبد القادر.
القصر العتيق:
يقع القصر العتيق بمدينة قصر البخاري بوابة الصحراء، وقد شيده محمد البخاري التي تحمل اسمه، يعود تاريخ بناء القصر القديم إلى فترة إنشاء مدينة آشير الصنهاجية أي في غضون القرن العاشر الميلادي.
يتميز القصر العتيق بإستراتيجية موقعه الذي حرص على أن تتوفر فيه كل شروط تشييد القصور أي المدن آنذاك، خاصة لكثرة الصراعات بين القبائل المختلفة في تلك الفترة، لذلك فقد راعى محمد البخاري على أن يكون ذو حصانة دفاعية حفاظا على سلامة وأمن ساكنيه، لذلك تم اختيار موضع القصر العتيق.
نظرا لموقعه العالي وتوفره على منابع مياه عذبة وأراضي خصبة، أما سكانه فامتهنوا الحرف والصناعات التقليدية، إلى جانب تربية المواشي التي كانت مصدرا للتجارة والمبادلات الاقتصادية في القصر، مما جعله في غنى عن المساعدات الخارجية محققا بذلك أمن واستقرار أهله.
خلال القرن السادس عشر استقر الأتراك بالقصر العتيق، فبنو به إقامات عديدة فاقت الأربعين منزلا، وبذلك أصبحت ملامح المعمار العربي التركي تطبع جزءا من طراز هندسته، إلى جانب اللمسات الأندلسية التي تختلف تماما عن الطابع العمراني السائد في تلك المنطقة والمستلهم من قصور الجنوب الجزائري.
باب الأقواس:
يعتبر أحد معالم المدينة العتيقة للمدية، يطلق اسم باب الأقواس على مجموعة القنوات المائية التي يعود تشييدها إلى الفترة الرومانية وهي بمثابة شرايين توصل المياه إلى مختلف أنحاء المدن، وقد استغلها زيري بن مناد عندما أعاد تشييد المدية، كما استفاد منها العثمانيون خلال فترة تواجدهم بها.

Aucun commentaire: