jeudi 24 septembre 2009

اعلام مدينة المدية (الشيخ احسن التهامي

بسم الله الرحمن الرحيـــم

الشيــــخ " أحســـــــــن التهامــــي "

الحمد لله وحده القهار ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطيبين الطاهريـن إلى يوم الدين .

قال تعالى : " من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا " الآية 23 الأحزاب .

ولد بمدينة المديـة بتاريخ الرابع جانفي 1903 م من أسرة محافظة ، وعند بلوغه الخامسة من عمره ، التحق بأحد كتاتيبها بحي " مرجاشكير " لتلقي حفظ القرءان الكريم، كما كان معتادا آنذاك في مثل هذا السن عند أهالي المدينة ، فبدأ حفظه على يد الشيخ " بن يلس " ثم الشيخ " الضيف بوشـو " الذي أتم على يديه حفظ للقرءان الكريم .

- خلال هذه الفترة المبكرة من حياته التي انكب فيها على حفظ القرءان الكريم ، لوحظ ما لديه من استعداد فطري و ذكاء مفرط و ذاكرة قوية ، وحب لطلب العلم ، الشيئ الذي جعل من أسرته تقوم بكفايته للتفرغ طالبا لعلم و استغلالا لما لديه من قدرات لمواصلة التحصيل و التعلم ، فكان قد تعهده كل من الشيخ " بغداد " و الشيخ " الحسينــــي " المعروف بـ : " بالحصينـــي " ليأخذ عنهما ما تيسر من علوم العربية من نحو وصرف و بلاغة بالإضافة إلى علوم التوحيد و الفقه و التفسير و ما تيسر من علم الفلك ، وهو لم يتجاوز سن العشرين ربيعا من عمره .

- ما حظي به شيخنا " أحسن التهامي " رحمه الله تعالى من علم و أخلاق تربوية ، جعل أعيان أهالي المدية ينتخبونه معلما لتحفيظ القرءان الكريم بالكتٌاب الذي كان قد تخرٌج منع طالبا خلفا للشيخ " الضيف بوشو " إثر وفاته .

و الجدير بالملاحظة ، أنٌ كتٌابه لم يقتصر على عملية تحفيظ الصبية للقرءان ، بل تعداهم إلى تعليم الكبار في حصص مسائية خاصة مشاركا بذلك في محو الأميـة التي كانت ضاربة أطنابها آنذاك عند عامة الناس .

و أثناء عمله التعليمي هذا ، اعتمد على تكوينه الذاتي ، وذلك باعتكافه على مطالعة كتب التفسير و الفقه و المنطق ... كما كان يجالس العلماء و يأخذ عنهم ، وكان ما يطالعه من كتب ، يقوم بتعقيبات و إضافات على توصل قراءته على هوامش هذه الكتب و تسجيل ما وجده من خلافقات في نفس الموضوع و ما يستحسنه من آراء و أفكار .

و بحكم تكوينه الذاتي ، و تحصيله المعرفي في هذا الميدان ، لم يقتصر نشاطه التعليمي على تحفيظ القرءان الكريم فحسب ، بل تعداه إلى تدريس الفقه و التوحيد و القصص القرءاني و السيرة النبويـة الشريفة ، بالإضافة إلى علوم العربيـة .

و بفضل من الله عز وجل ، و عمل شيخنا و نشاطه الدؤوب ، تخرجت على يديه نخبة من الطلبة الشباب الذين كان لأغلبهم شرف التعيين في المدارس الإبتدائية بعد الإستقلال مباشرة لتعليم اللغة العربية ، وبذلك التحقوا بوازرة التربية و التعليم ، كما كان منهم من التحق بوزارة الشؤون الدينية في الستينيات .

و من نشاطاته كذلك ، أنه بحلول شهر رمضان المعظم من كل سنة يفتح كتٌابه بحي " مرجاشكير " ليحيي ليايه بتقديم دروس و مواعظ و إرشادات للمصلين يختمها بإقامة صلاة التراويح ، الشيئ الذي جعل سكان هذا الحي يقبلون عليه و يواضبون على الحضور و بخاصة الكبار و المسنون منهم إلى آخر يوم منه.

بعد الإستقلال كان له شرف تأطير جمعية بأحد مساجد العاصمة رفقة الشيخ " محمد الحسيني " المعروف بـ " محمد بلحصيني " لكن تأطيره هذا لم يدم طويلا ( سنة واحدة )لعقد العزم على العودة إلى تعليم الأطفال حفظ القرءان الكريم ، وتكريس حياته لهذه المهمة النبيلة الشريفة ، وبعد عودته لم يكتف بتحفيظ القرءان فحسب ، بل كان يخصص لطلبته المتفوقين في عملية الحفظ حصصا مسائية يدرسهم فيها متن الأجروميـة ، وشرح الكفاوي ، وكان يدعوهم دائما إلى تجنب التدوين و يدعوهم إلى الإعتماد على الذاكرة .

إضافة إلى ما تقدم ، أنه كان يتقن الخط و يجيده ، فقام بنسخ مصحف بيده بمساعدة الشيخ " قدور المستغالمي " الذي قام بإهدائه شخصيا للرئيس الراحل " هواري بو مدين " إثر زيارته لولاية المديـة سنة 1969 ، كما كان قد اتصل به صاحب مكتبة البلدة لنسخ مصحف و طبعه بلبنـان .

و في آخر أيام حياته ، ابتلي بمرض الحصر البولي ، فكان صابرا لقضاء الله و قدره ، وبقي على تلك الحال إلى أن وافته المنية بتاريخ 25 فيفري 1987 ، وأثناء تشييع جنازته قلم طلبته الشيخ " محمد بلحسن اليعقوبي " بإلقاء كلمة تأبين على روحه قبل أن يوارى جثمانه التراب .

- و الشيخ أحسن التهامـــي رحمه الله إلى جانب كونه معلم تحفيظ القرءان الكريم ، كان يتمتع بأخلاق فاضلة و مواقف و مبادئ حسنة جعلت منه مضرب الأمثال في التربية الدينية النابعة عن العقيدة الصحيحة و القدوة الحسنة ، و يكفيه شرفا ، أنٌ جل طلبته ساروا على نهجه ، نذكر من جملتهم الشيخ " محمد اليعقوبي " قد شهد بجدارته و تمكنه من عمله التعليمي في حفظ القرءان و تدريسه المرحوم الشيخ " محمد بلجباس " .

كما لقٌبوه من درسوا معه ، أمثال الشيخ " بن عيسى بن دالي " رحمه الله بـ ( جامع المتون " لكثرة حفظه للمتون ، كمتن الأجرومية ، وألفية ابن مالك ، ولامية مختصر خليل ، متن ابن عاشر ... ، وهذا ماجعله موسوعة في هذا الميدان ، متضلعا في المسائل الفقهية و مرجعا يلجأ إليه في الفتاوي ، وكان من رفاقه الذين لازموه يوميا كل من الســـــــادة :

" بن يوسف بن يرقي – محمد الحسيني " بلحصيني " – الطاهر بودلــة – الطاهر بن يرقي ) رحمهم الله جميعا ، و بهذا تحقق فيه قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " خيركم من تعلم القرءان و علٌمه "

رحم الله شيخنا الفاضل و طيٌب ثراه ، وأسكنه فسيح جناته ، وحشره مع النبيين و الصدٌيقين و الشهداء و الصالحين ، وألحقنا بهم مومنين لا مبدلين و لا مغيٌرين

آميـــــــــــــــــــن ، آميـــــــــــــــــــــــن .

Aucun commentaire: