mercredi 9 septembre 2009

حسن الحسني


حسن الحسني امتهن الحلاقة وأبدع في السينما والمسرح وناضل في البرلمان.

  • عرفناه في أدوار "الڤايد بوشومارة" و"نعينع في المدرسة" و"نعينع" و"خمس هكتارات" و"الفاهم" و"سي بلقاسم البرجوازي".. لكننا عرفناه أكثر بلقب "بوبڤرة".. كيف ننسى الرجل الذي أبدع في رسم الابتسامة على شفاهنا جميعا وأضحكنا على مآسينا وأبى الخروج من عباءة الرجل البدوي النازح من الريف نحو أضواء المدينة.
  • هو الفنان القدير حسان بن الشيخ المعروف بحسن الحسني، ولد بتاريخ الـ 21 أفريل 1916 بمنطقة بوغار بولاية المدية، زاول دراسته الابتدائية بمسقط رأسه، وتحصل على شهادة التعليم الابتدائي، وقد تطورت ثروته اللغوية بالفرنسية بفضل والده. اشتغل في بداية حياته حلاقا ببوغاز ثم بالبرواقية وبقي كذلك إلى غاية 1947 ثم عمل مسيرا لقاعة السينما رفقة أخيه بلخير وهذا إلى غاية 1940. اشتغل في عدة مهن من 1947 إلى 1950 وأصبح ممثلا في المسرح البلدي رفقة محي الدين بشتارزي من 1951 إلى 1954 . وشارك سنة 1936 في تأسيس جمعية (شمس ) بمدينة البرواڤية.
  • مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، استغل الفنان فرصة اشتغال المستعمر بالحرب فأنجز عدة أعمال ذات أهداف وطنية كلفته السجن عدة مرات منها سجنه بجنان بوزريج ببشار سنة 1945، سركاجي بين (1945 ـ 1946) وما بين 1948 و1949 بسجن البرواڤية والبليدة. واستغل الفنان نعينع وجوده في السجن والمعتقلات لتقدم عروضا مسرحية فكاهية ذات بعد وطني في أوساط المعتقلين، كان الهدف منها توعية وتنمية الحس الوطني وشحذ هممهم بقضيتهم العادلة. وكان له نشاط سياسي حيث ناضل في صفوف كل من حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية.
  • عاد مباشرة بعد الاستقلال إلى نشاطه الفني المعهود من خلال المسرح الوطني الجزائري إلى غاية 1965، وفي سنة 1966 أسس رفقة الطيب أبو الحسن وعمار أوحدة ورشيد زوبة والمصطفى العنقى فرقة المسرح الشعبي التي قدمت عروضها عبر مختلف أرجاء الوطن. وفي نفس السنة، اقتحم عالم السينما حيث شارك في تلك الرائعة السينمائية ريح الاوراس التي أخرجها محمد لخضر حمينه.
  • وفي المجال السياسي، انتخب نائبا بالمجلس الشعبي الوطني سنة 1977 وكان مثالا في التفاني والعمل المستمر وهذا بشهادة الجميع. كان أول عمل قام به بعنوان أحلام حسان سنة 1943 لتليها أعمال أخرى مثل: قايد بوشومارة 1948 نعينع في المدرسة، نعينع وخمس هكتارات، الفاهم، سي بلقاسم البرجوازي... كما قام بأدوار في العديد من المسرحيات بقيت شاهدة على عبقريته أهمها: سي حمودة، تي ڤول تي ڤول با 1945 البخيل، طبيب رغما عنه، الأغا مزعيش...
  • شارك في عدة أفلام تجاوز عددها الـ 40. بدء بأول فيلم المشعوذ سنة 1959، إلى آخر فيلم سنة 1987 أبواب الصمت للمخرج عمار العسكري، ومن أهم الأفلام التي تألق فيها نذكر: ريح الاوراس 1966، الأفيون والعصا 1969، عطلة المفتش الطاهر 1972، وقائع سنين الجمر 1974، بوعمامة 1983. ولقد شارك في أفلام إيطالية وفرنسية كفيلم الاعترافات الحلوة، ومصرية مثل سوق القرية.
  • ساهم في تكوين عدة فنانين ساروا على طريقته في التمثيل. واعترافا بالمجهودات التي قدمها طيلة مشواره الفني وجهت له دعوة رسمية سنة 1986 للاحتفال بعيد ميلاده 70 لمرافقة الرئيس الاسبق الشاذلي بن جديد إلى الولايات المتحدة، وفي يوم الجمعة 25 سبتمبر 1987 وبعد مرض طويل التحق الفنان القدير حسن الحسني بالرفيق الأعلى عن عمر يناهز 74 سنة وبقيت أسماء نعينع وسي بلقاسم وبوبقرة محفورة في ذاكرة الأجيال.
  • المخرج عمار العسكري: كان يتردد على الحمامات بحثا عن الراحة ولم يعلم بسر مرضه الخطير"
  • قال العسكري ان انطلاقته مع الراحل حسن الحسني بدأت سنة 67 في الفيلم المتوسط "البلاغ" إلى ان جمعهم اللقاء مرة أخرى وبعد 20 سنة في فيلم "أبواب الصمت" وهو آخر عمل جسده المرحوم، واخبر العسكري "ان الراحل كان إنسانا عظيما وقوي الإيمان، ولطالما قدس العمل، كما انه ظل طول حياته مرتبطا بالمعاني التراثية وعاشقا للتاريخ الجزائري بما حمله من مواقف نضالية"، مضيفا" لقد منح الكثير للفكاهة الجزائرية، مسرحيا وتلفزيونيا وسينمائيا".
  • كما قادنا رئيس جمعية أضواء لنعيش آخر ساعات في حياة الراحل "بوبڤرة" انطفأت شمعة حسان الحسني في فيلم "أبواب الصمت"، فقد كان من المفروض ان نتم تصوير العمل في منطقة "بوركيكة"، لكنه أبى التنقل بسبب اشتداد المرض عليه، وأصر أن يكمل التصوير في المستشفى العسكري بعين النعجة، أين لفظ آخر أنفاسه، لكنه قبل ذلك قاوم لساعات شدة مرضه الخطير وكأنه قطع عهدا على نفسه ان لا يفارق الكاميرا حتى آخر رمق في حياته.."، مواصلا "كنا نشاهد حسن الحسني وهو يصارع الموت، وهذا ما أثّر في نفوسنا جميعا أثناء التصوير، فكنا نبكي خارج غرفته حتى لا يرى الحزن والدموع في أعيننا ونشعره بلحظة الوداع الأخير..". ويقول العسكري ان الفنان الراحل لم يكن على علم بخطورة مرضه، وكان يقول دائما انه مصاب بـ "الروماتيزم" وهو ما كان يقوده دوما إلى التردد على الحمامات الطبيعة طلبا للراحة"
  • وعن أخلاق حسن الحسني قال العسكري ان الرجل كان جد متواضع ولا يجد في مساعدة المبتدئين من الفنانين بدا أو حرجا في مد يد العون، وكان صاحب نكتة حتى خارج إطار التصوير.
  • وخلص العسكري إلى القول ان لا خليفة للفنان الراحل "بوبڤرة" "لان الرجل فريد من نوعه وموهبته خاصة جدا"، مشيرا إلى ان الكثيرين حاولوا تقليده لكنهم لم يفلحوا في ذلك..." كما انتهز المخرج فرصة وقوف الشروق عند علم من إعلام الكوميديا الجزائرية للتحسيس مرة أخرى بضرورة إرساء قانون للفنان يحمي حقوقه في حياته، وقال ان جمعية أضواء لاتزال تناضل من أجل هذا المبدأ.
  • الممثلة فتيحة بربار: لم أصادف في حياتي أهدأ من الراحل الحسني
  • أثنت الفنانة فتيحة بربار كثيرا على الفكاهي الراحل "بوبڤرة" وقالت انه ممثل لا يمكن ان يخلفه أحد "فالرجل امتلك قدرة خارقة في استمالة قلوب الجماهير وإضحاكهم بكاريزما عالية حباه الله بها.."، واستطردت محدثتنا بالقول ان الفنان حسان الحسني الذي سبق وان اشترك معها في أعمال مسرحية وتلفزيونية سيما من خلال فيلم "الدايم الله" وهو العمل الذي لا يزال راسخا في أذهان معظم الجزائريين، كان متميزا في جانبه الإنساني أيضا "بدون مبالغة استطيع ان أخبركم ان المرحوم "بوبڤرة" كان قريبا إلى الكمال لأني لمست عنده أخلاقا نبيلة وطيبة، إذ كان بالفعل رجلا كريما، متواضعا، لا تأخذه العزة بنفسه أبدا، وامتاز بطبع هادئ لم أر له أبدا نظيرا، فلم يكن أبدا بالمتذمر أو المشتكي في العمل، حتى وان فضل مخرج من المخرجين أحدا عنه.." وتواصل "حسان كان مضبوطا في مواعيد التصوير ولا يتخلف عن الحضور في المواقيت المحددة".
  • وأخبرتنا الفنانة القديرة ان المرحوم "بوبڤرة" كان يشجعها كثيرا لتمضي في الميدان قدما وان تضع نصب عينيها إرضاء الجماهير، وذكرت انه كان يوصيها بعائلتها من منطلق انه رجل أحب أسرته كثيرا.
  • الناقد المسرحي محمد بوكراس: قوة بوبڤرة تكمن في قدرته على تجسيد البساطة
  • يقول الناقد المسرحي محمد بوكراس وبعد الدراسة التي أجراها حول الفنان المتمكن حسان الحسني أن الرجل تميز بشخصية فنية مرموقة، ليس فقط لأنه مارس فن الأداء بمهنية عالية، لكن لامتيازه بالمقابل بأخلاق عالية"، يكفي انه وبشهادة من عاصروه من فنانين لم يرفع صوته على ممثل آخر ولم يكن يتقاعس في الحضور إلى أماكن التصوير، بل كان أول الحاضرين، بالإضافة إلى مواضبته على قطعه للتصوير لأداء الصلوات المفروضة.
  • ويقول بوكراس ان المطلع على المسيرة الفنية لـ "بوبڤرة" يستشف مدى حرصه على عدم الخروج من عباءة القروي الذي يدخل المدينة، الا ان الرجل يقول كان بارعا في أداء هذه الشخصية التي لم تكن غريبة على أصله بحكم انه ينحدر من منطقة قصر البخاري جنوبي المدية. الى ذاك يستطرد محدثنا بالقول لم نكن نشعر ان الفنان الراحل كان يتكلف في تأدية شخصية القروي بلباسها التقليدي المتمثل في "الشاش" او كما يسميها اهل قصر البخاري بـ " الشمالة" والعباءة.
  • ويواصل محدثنا كلامه قائلا "هناك الكثيرون ممن حاولوا تقليد بوبڤرة امثال لخضر بوخرص وقويدر، لكنهم أبدا لم يصلوا الى درجة صدق الفنان بوبڤرة، فقوة بوبڤرة تتجسد في قدرته على تنفيذ البساطة.
  • احمد شريف ابن الفنان الراحل حسان الحسني: أوصانا بأن لا نتفرق وها نحن اليوم مجتمعون
  • أحمد هو الابن الأصغر للفنان الراحل "بوبڤرة"، هذا الأخير وصف لنا إلى أي مدى كان فقيد الكوميديا الجزائرية يحب عائلته وكيف كان الرجل فنانا في ممارسة الأبوة "كانت ظروف عمل والدي رحمه الله تجبره على المبيت خارج المنزل أحيانا، لكنه سرعان ما يعود إلى دفء العائلة، فيشعرنا بحنانه الفياض، وأتذكر بأنه كان يوصينا بالتماسك ويحذرنا من الفرقة، والتزاما بوصيته بقينا نسكن ببيت العائلة جميعا".
  • وصف أحمد والده بالطيبة، وهو ما اتفق عليه جميع من عرفوا الراحل "بوبڤرة"، "اتسم والدي بحسن الخلق، كان مبدعا في رسم البسمة على شفاه أفراد عائلته مثلما أبدع فوق خشبات المسارح وأمام الكاميرا.."، ويقول بأن الوالد، كان يأبى نقل مشاكل العمل إلى البيت، حتى انه لم يخبرنا بسر مرضه الخطير، وكان يصب غضبه في نصوص السكاتشات، وأحيانا نراه يأخذ مكانا بحديقة البيت ويغرق في التفكير العميق..". لكن الابن لم يخف عنا بأن الراحل بقي عاما كاملا دون تلقي أي عرض، ما أدخله في نوبة قلق شديدة".
  • أخبرنا أحمد أيضا بأن حسن الحسني كان بين الفينة والأخرى يحن إلى مسقط رأسه بقصر البخاري".
  • عبد الحميد مهري: كنا نجتمع في مطعم المناضل السياسي حسان الحسني
  • قال مهري إنه عرف الراحل حسن الحسني قبل اندلاع الثورة التحريرية، عندما كان مناضلا في حزب الشعب، وأخبر محدثنا بأنه شاهد أداء الفنان الراحل لمسرحيات كوميدية عبر الأعراس عبرت بالفعل عن فترة مهمة من تاريخ الجزائر، مشيرا إلى أن فقيد الكوميديا الجزائرية الذي وصفه "بالمناضل السياسي"، كان يملك مطعما صغيرا في شارع أول نوفمبر بالعاصمة، اين كان وثلة من زملائه في الحزب يترددون على ذلك المكان.
  • وفاة ابنته الكبرى كان له الأثر الكبير في تدهور حالته الصحية
  • جناح باسم "حسن الحسني" ومحبوب باتي" بمتحف في المدية
  • عرفانا لما قدم الراحل حسن الحسني من خدمات جليلة للفن والوطن أقيم له جناح خاص به إلى جانب الفنان محبوب باتي وصديقه في الفن محبوب اسطنبولي أبناء ولاية المدية جميعا بمتحف الفنون والثقافة الشعبية يحوي جزءا هاما من وثائق الراحل وكتاباته الشفوية بالإضافة إلى جانب من أغراضه الخاصة التي كان يستعملها في التمثيل يتوسطها تمثال الفنان بزيه البدوي الذي كان يفضل لبسه.
  • يجمع أفراد عائلة حسن الحسني المكونة من 04 أبناء و03 بنات بالإضافة إلى الوالدة أم الخير المنحدرة من مدينة قصر البخاري على الحب الجم الذي يحمله الوالد في قلبه للعائلة، وقد أدخلت وفاة البنت الكبرى فوزية منتصف الثمانينيات الوالد حسان في دوامة من الحزن جعلت أعراض المرض الذي كان يعاني منه منذ مدة تظهر وتؤثر على ملامحه إلى أن فارق الحياة في مستشفى عين النعجة يوم 25 سبتمبر من سنة 1987 .
  • وأخبرنا أقارب الفنان حسن الحسني بولاية المدية أنه كان كثير الزيارة لمدينة المدية وبوغار وقصر البخاري التي شكلت جميعها شخصيته الفنية والنضالية، وكانت قطع الحلوى تملأ جيوبه ليوزعها على من يصادف في طريقه من أطفال، مما جعل الأطفال يتعلقون به بمجرد حلوله بواحدة من هاتين المدينتين
  • ومازال غير مفهوم قرار الجهات المركزية عن الثقافة إعدام المهرجان المسرحي، الذي كان مسمى باسم الراحل حسن الحسني بولاية المدية وأوقف إلى أجل غير معلوم منذ طبعته السابعة التي جرت مراسيمها سنة 2006 بمدينة المدية، وكان المهتمون بالشأن المسرحي ينتظرون ترسيم "المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي بولاية المدية من قبل وزارة الثقافة.

Aucun commentaire: