dimanche 28 septembre 2008

الامير عبد القادر


إيالة الجزائر وملاحم الأمير

بدأت مدينة "المدية" عهدا جديدا مع قدوم الأتراك وإنشاء الدولة العثمانية لما عرف بـ"إيالة الجزائر" سنة 1547م، حيث قسّم "حسن باشا" البلاد إلى ثلاث مناطق، وجعل المدية عاصمة " بايلك التيطري " في الوسط، وعيّن أول باي للمنطقة سنة 1578 م.
وبعد دخول المحتل الفرنسي للجزائر في يوليو/تموز 1830 م، لم تستسلم المدية مبكّرا، رغم شنّ الجيش الفرنسي عدة محاولات توغل بقيادة الماريشال (دامريمون)، حيث تمكّن الباي "بومرزاق" آنذاك من إحباط هجمات الفرنسيين ودفعهم إلى التراجع حتى الساحل، ولم يتمكن الفرنسيون من اختراق المدية إلاّ بعد سبعة أشهر، إثر إعدادهم سبعة آلاف مقاتل بقيادة الماريشال "كلوزيل"، لتدخل القوات الفرنسية المدية في 21 شباط/ فبراير 1831 م، أين جرى تعيين "الباي عمر" واليا على المدية.
وفي سنة 1836 م، أنهى القائد الشهير "الأمير عبد القادر الجزائري" السيطرة الفرنسية على المدية، ودخلت المدينة ضمن نطاق دولة الأمير بعد معاهدة التافنة التي اضطر الفرنسيون إلى توقيعها سنة 1837 م، لتبقى المدينة مركزا للمقاومة حتى سنة 1840 م، تاريخ دخول الفرنسيين المدينة مجدداً، لتبقى المدية محل شد وجذب فرابة قرن كامل، إلى حين تفجير الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر/تشرين الثاني 1954م، حيث كانت عاصمة الولاية التاريخية الرابعة إبان تلك الثورة، كما أسهمت غداة استقلال الجزائر سنة 1962 م، في تشكيل الكينونة الجزائرية عبر إنجابها أعلاما كبار على غرار الفنان "محمد محبوباتي"، وعظماء أمثال فضيل اسكندر، فخار مصطفى وعشرات الأسماء الأخرى.
ولا يمكن للمرء أن يذكر المدية دون أن يتوقف عند العلاّمة "محمد بن شنب" (1869م- 1929م)، فهذا الأخير كان بارعا في اكتساب العلوم والمعارف وأجاد اللغات الاسبانية، الألمانية، اللاتينية، الفارسية و التركية، ناهيك عن العبرانية، وجرى انتخابه العام 1920 عضوا ضمن المجمع العلمي العربي بدمشق، قبل أن يكون أول جزائري يتحصل على الدكتوراه في الآداب بدرجة ممتاز سنة 1922م، كما كان شاعرا مفلقا، وشارك في عديد المؤتمرات العلمية في الرباط وأكسفورد وباريس.
العلامة محمد بن شنب، أجمع العرب والعجم على عبقريته، حيث أشد به المستشرق "رينيه باسييه" و"مارتينيو"، والعلامة "البشير الابراهيمي" و"سعيد الزاهري" و"احمد توفيق المدني" والفنان "عمر راسم"، وقال فيه "عبد الحميد بن باديس" رائد النهضة الحديثة في الجزائر:"فقدناه لما عرفناه".
وخلّف بن شنب ورائه ما يزيد عن الخمسين كتابا في سائر العلوم باللغتين العربية و الفرنسية منها: تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب، رسالة في المنطق، "أمثال العوام في أرض الجزائر والمغرب"، "رحلة الورتيلاني"، "أبو دلامة، حياته و شعره"، وشرح "مثلثات قطرب" سنة 1907، كما له العديد التحقيقات والتنقيحات، والترجمات والفهارس لكثير من نفائس الكتب، وحينما عزم علماء الاستشراق على وضع دائرة المعارف الإسلامية سنة 1899م، كان "بن شنب" العربي المسلم الوحيد بين خمسين من المستشرقين

Aucun commentaire: