samedi 10 décembre 2011

أقدم معلم أثري بالمدية ..رابيديوم .. مدينة تاريخية لم تكتشف أسرارها بعد

تمتاز ولاية المدية، بعدة أقطاب سياحية أهّلتها لتكون الوجهة المفضلة للعديد من الباحثين والمؤرخين، حيث تتوفر الولاية على عدة مواقع حضرية منها آثار أشير، قلعة بوغار، منارة الجامع الأحمر وباب الأقواس، بالإضافة إلى مركبات حموية كثيرة ومتنوعة. وقصد الاطّلاع على هذا كله، كانت لنا جولة في إحدى هذه القلاع وهي آثار "رابيديوم"، الذي يقع بمدينة جواب، شرق ولاية المدية، على مسافة 80 كلم، ويُعد هذا المعلم من بين أهم المدن التي عاش فيها الرومان، كما ارتبط تاريخ هذه المدينة بثورات تاكفريناس ضد الرومان، وسيطر على جميع المناطق إلى أن اغتيل العام 24م.

مدينة رابديوم ونظرا لموقعها الاستراتيجي الهام، كانت بمثابة نقطة التقاء جميع طبقات المجتمع، بالإضافة إلى أنها عُدّت مدينة عسكرية، ما جعل المستعمرين الرومان من أهم مرتادي هذه المدينة فبُنيت العديد من القرى الفلاحية وسكنها البربر والرومان الذين عاشوا حُكما عسكريا، وإلى جانب البربر والرومان الذين أقاموا في رابيديوم، نجد فرق الكوهوز، صارادوم والراتركوم، هذا ما أكدته الكتابات التاريخية التي عُثر عليها بذات المدينة، وقد تم تشييد وبناء معلم رابديوم،في العام167م، وأحاطها السكان وحكام المدينة بالحجارة الضخمة التي بلغ ارتفاعها إلى حد أربعة أمتار، وللمدينة ثلاثة (3) أبواب أهمها الباب الشمالي الذي عُثر به على الكتابة التي تحمل وتذكر اسم رابيديوم. كما أن بالمدينة خمسة (5) أحياء متصلة فيما بينها بأبواب صغيرة، ويفصل بين كل حي وآخر بواسطة أسوار صغيرة، وشُيّد على السور الذي يفصل القسم الشمالي عن الجنوبي، بروج رباعية الشكل.

المدينة الأثرية، كانت تتزود بالمياه من منبع مائي يبعد عنها 2 كلم، تجلب بواسطة قناة مبنية بالحزارة ومغطاة حتى لا تكون عُرضة للعوامل الطبيعية. وتوجد بالجهة الغربية للمدينة، مقبرة تحوي بقايا من الشواهد، الزخرفة وآثار كتابات خُطّت فوق الأضرحة والقبور.

المعلم "رابديوم" يقاوم الاندثار والزوال

أُهمل موقع "رابديوم" إهمالا تاما وعلى مر الزمن، ففي الحقبة الاستعمارية شُيّد مقلع للحجارة بجانب المعلم التاريخي، كما استخدمت الحجارة الموجودة داخل الموقع في تعبيد الطريق الرابط بين السواقي وسور الغزلان، هذا عن الفترة الاستعمارية، أما بعد الإستقلال، فالمدينة بقيت تقاوم الزوال، إذ أصبحت عُرضة لاعتداءات السكان، فقد اختفت الكثير من الآثار والأحجار الكبيرة النادرة، رغم أن "رابديوم" صُنّف كمعلم تاريخي وطني يعود إلى زمن طويل (العام 1968م)، كما أدرج في قائمة التراث الوطني، وبذلك أصبح تابعا للوكالة الوطنية للآثار، لكنه بقي دون اهتمام وحماية. وفي هذا الصدد، وحرصا منها على المحافظة على المعالم التاريخية وإعادة الاعتبار لها، قامت مديرية الثقافة لولاية المدية، سنة 2004، بمباشرة أشغال ترميم المدينة وتسييجها وجعل حارس يشرف عليها، فـ"رابيديوم" اليوم، تُعد قطبا سياحيا يدعو الزوار لاكتشافه، ومدينة تاريخية ساحرة تتميز بمناظر نادرة، ما جعلها تشهد عدة زيارات من داخل الولاية ومن خارجها.

Aucun commentaire: