samedi 3 novembre 2012

الحركة الوطنية من 1919 الي 1944



مقدمـــــــــــــــــــــة
منذ دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر و هو يحاول القضاء على هوية الشعب الجزائري

و مقومات شخصيته بشتى الوسائل و الطرق، لكن الشعب الجزائري كان دائما يرفض هذه السيطرة و يقاوم هذه السياسة القمعية، ففي بداية الأمر كانت المقاومات الشعبية و التي لم تتجاوز المناطق القبلية و لم تتوسع عبر التراب الوطني و رغم تصديها للاستعمار إلا أنها فشلت في ذلك، ليأخذ النضال بعد ذلك طابعا سياسيا بظهور أحزاب سياسية كانت تنشط و تطالب بحقوقها في الاستقلال و غيرها من الحقوق بطرق سلمية، و التي كانت تعرض للحل و سجن الزعماء و نفيهم، لكن و بعد مجازر الثامن ماي تأكد الشعب الجزائري و القادة السياسيون بأن فرنسا لا تنفع معها سياسة اللين، و من ثم تغيرت طريقة المطالبة بالحقوق إلى العمل الثوري، و حدثت تغييرات داخل الأحزاب و حتى خلافات و لا سيما داخل حزب الشعب. 

فما أثر الحركة الوطنية في مسار الثورة الجزائرية، وما أثرها على المجتمع الجزائري ؟ 
المبحث الأول/ الحركة الوطنية من 1919-1944:

المطلب الأول/ تعريف الحركة الوطنية: 
هي شكل من أشكال مقاومة الاستعمار وهي عبارة عن جمعيات وتنظيمات سياسية أخذت تيارات مختلفة قادها نخبة من المناضلين من أجل تخليص الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي.

المطلب الثاني/أسباب ظهور الحركة الوطنية :
من العوامل التي ساهمت في ظهور الحركة الوطنية مايلي :
1- اعتماد فرنسا سياسة الإدماج لجعل الجزائر مستعمرة فرنسية 
2-أما في الميدان السياسي :
منعت تكوين الأحزاب ومنع صدور الصحف باللغة العربية وأقصت المواطنين من التصويب والترشيح للانتخابات.
3-الميدان الاقتصادي:
استنزاف الثروات المعدنية والطاقية والفلاحية إضافة إلى فرض الضرائب المكلفة على الجزائريين 
4-الميدان الاجتماعي:
أرغمت العمال الجزائريين على العمل بأجور ضعيفة ولساعات طويلة 
جلب مها جرين أوروبيين جدد إلى الجزائر لتقوية النقود والسيطرة على المدن الكبرى في الجزائر .

المطلب الثالث/حركة الأمير خالد 1919_ 1925:
الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر، كان ضابطا في الجيش الفرنسي، قد بدأ حركته السياسية في أواخر سنة 1919 عند انفصاله كانت له مطالب مع ويمكن تلخيص مطالب حركته كالتالي:
1. تمثيل المسلمون في البرلمان الفرنسي بنسبة مساوية لعدد نواب الأوربيين الجزائريين
2. إلغاء القوانين الاستثنائية
3. المساواة في الخدمة العسكرية 
4. حق الجزائريون في تقلد جميع المناصب المدنية العسكرية 
5. تطبيق القانون المتعلق بالتعليم العام الإجباري على الأهالي
6. حرية الصحافة والجمعيات
7. الاحتفاظ بالأحوال الشخصية الإسلامية
وقد أطلق مؤرخو الحركة الوطنية الجزائرية على حركة الأمير خالد عدة أسماء منهم من قال أنها (حركة وطنية إسلامية ), ومنهم من سماها (أحزاب المرابطين ) و (الحزب الوطني الديني ).وهناك من كان يراها أنها (الحركة الإصلاحية ) تهدف إلى تحسين حال المسلمين.
حيث كانت فرنسا تمقت كل شيء يحمل اسم الإسلام.فحاول الأمير خالد ورفاقه منع تجديد العمل بقانون (الأنديجينا) فانتقل إلى باريس عام 1920م لهذا الغرض لكن بعض المنتخبين الجزائريين من أنصار الإدارة الاستعمارية اتهمته بالتحريض والعداء لفرنسا .
كان الأمير خالد يسعى لشمل صفوف الشعب الجزائري حيث دعا إلى الوحدة الوطنية، كما تقدم بعريضة مطالب إلى الرئيس الأمريكي ولسن أثناء انعقاد مؤتمر فرساي عام 1919م بمنح الجزائر حقها في تقرير مصيرها بنفسها ويعد هذا المطلب بارز في مطلع القرن العشرين .
وفي شهر جانفي 1922 قام بتأسيس حزب الإخاء الجزائري الذي كان من بين مطالبه :
1-تطبيق شامل لقانون 4 فيفري 1919 م (الإصلاحي ) وتمثل عادل للجزائريين للمسلمين في المجالس الجزائرية وإلغاء قانون الأهالي وتعميم التعليم وفتح الطرقات واختيار القيادة بطريقة الانتخاب.
2-وهكذا تحولت مطالبه من سياسية إلى اجتماعية للشعب الجزائري فاتهمته الإدارة الاستعمارية بأنه وطني مسلم وأحيانا شيوعي .
تم نفيه هو وعائلته إلي الإسكندرية وحكم عليه بالسجن لمدة خمسة أشهر توفي في دمشق عام 1936م وبعد وفاته انقسم أنصاره إلي قسمن: 
1- قليل منهم من عاد إلى ممارسة العمل السياسي مع ابن التهامي. 
2- قسم غالب اختار طريق النضال الثوري الذي كانت قاعدته قيام حزب نجم إفريقيا الشمالية.

المطلب الرابع/الاتجاه الاستقلالي (نجم شمال إفريقيا):
نشأ هذا الحزب في فرنسا و كان يضم المغاربة المغتربين عرض مصالي الحاج عام 1927م أمام مؤتمر بروكسل الذي دعت إليه(الجمعية المناهضة للاضطهاد الاستعمار )مطالب النجم التي تمثلت خاصة في جلاء القوات الفرنسية من الجزائر وتقرير المصير وتأسيس حكومة وطنية ,كان مصالي الحاج قد انتخب عام1928م رئيسا للحزب وفي شهر سبتمبر عام 1935 م تعرف مصالي الحاج علي الأمير شكيب أرسلان الذي كان يعد لمؤتمر إسلامي في أوربا حيث عقد المؤتمر في نفس الشهر . 
كان جريدة الإقدام التي أنشأها الأمير خالد هي الجريدة الأولى الناطقة باسم النجم تم جريدة الأمة 1930م التي تعبر عن أصلة الأمة وإسلامها حيث كتب على يمين الجريدة, داخل هلال قوله سبحانه وتعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) حيث كان نداء النجم غالب باسم الإسلام, كما أنه معارض لكل مشروع قانون فرنسي يمس بكرامتنا الإسلامية ويسمى بمشروع (بلوم فيوليت )الذي كان من بين أهدافه قمع الشعور الوطني الإسلامي وتطبيق سياسة الإدماج , وبمقتضى مرسوم إستعمارى مؤرخ في 26جانفي 1937م حل النجم , إلا أن حله لم يؤثر على نشاطه السياسي واستمر بالعمل تحت أسماء أخرى إلى غاية تأسيس حزب الشعب الجزائري في 11مارس 1937م وواصل نفس العمل السياسي بقيادة مصالي الحاج ونفس المطالب السياسية مع تأكيد على احترام الشريعة الإسلامية وإعادة أوقافها كما فرض ضرورة تزويد الجزائر بمجلس حكومة جزائريين والاعتراف بمصلي الحاج كزعيم للشعب الجزائري و تذكر بعض المصادر أن مصالي الحاج يوم 19أفريل 1945م وهو بمنفاه بعين الدفلى وافق على فكرة الثورة التي عرضها بعض عناصر الحركة الوطنية . 

المطلب الخامس/ الاتجاه الإصلاحي (جمعية العلماء المسلمين):
تاسست في 05 ماي1931 بالعاصمة وانتخبت ابن باديس رئيسا لها وتولى مناصب الهامة نخبة من المصلحين بعد أن اعترفت بها الحكومة الفرنسية ولقد كان للجمعية عدة أهداف منها : 
1-الدفاع عن ثوابت الأمة والابتعاد عن المشاكل السياسية والإرشاد وتهذيب الناس أما الهدف الرئيسي لهذه الجمعية هو تصحيح العقيدة من البدع والخرافات حيث قال :ابن باديس عام 1935م(القرآن إمامنا , والسنة سبيلنا , والسلف الصالح قدوتنا في خدمة الإسلام و المسلمين وإيصال الخير لجميع سكان الجزائر غايتنا )
2-كانت الجمعية تسعى إلى نشر الدعوة الإسلامية وتطهير الإسلام من الخرافات وتكوين كيان جزائري قوامه الإسلام والغة العربية ,كما أنها عبرت عن رأيها في استقلال الجزائر التام حيث كان ابن باديس سيعلن الثورة على فرنسا لو لم توافه المنية سنة 1940م. 
3-ولقد جاهد ابن باديس وجمعيته بالقلم واللسان ضد الأباطيل والشعوذة والخرافات ولم تكن فكرة الإصلاح فكرة نظرية في ذهنه إنما هي منتوجات من الكتاب والسنة كذلك كانت جمعية العلماء المسلمين من الأوائل الذين استجابوا لنداء الثورة الجزائرية . 

المطلب السادس/ الاتجاه الإدماجي:
يعتبر فرحات عباس، من الشخصيات المهمة التي دعت بإدماج الجزائر في فرنسا إضافة إلى الدكتور بن جلول الذي كان يطالب باندماج في فرنسا وتمثيل الجزائريين المسلمين في البرلمان الفرنسي والمساواة في الحقوق والواجبات بين الأوربيين و المسلمين, حيث كان ينتمي إلى حركة ( الشباب الجزائريين ) التي تعمل من أجل الحصول على إصلاحات تخدم الجزائريين المسلمين حيث كان (يكره العنف ويؤمن بسياسة المراحل ومسايرة الظروف ) , وقد استهوته الحضارة الفرنسية حيث صرح في عام 1931م,إن الجزائر ارض فرنسية ونحن فرنسيون لنا قانوننا الشخصي الإسلامي) كما أكدا انه لا يوجد هناك شئ في القران يمنع الجزائري من أن يكون فرنسيا وإنما المانع هو الاستعمار والقارئ لصحيفة(الوفاق) التي كان يصدرها الدكتور(بن جلول) يخرج بفكرة واضحة هوان فرحات عباس الذي زاول تعليمه الابتدائي والثانوي بجيجل ثم سكيكدة و قسنطينة ثم تعلمه الجامعي في الجزائر العاصمة وقد شارك في الحياة السياسية منذ نعومة أظفاره فإن هدفه الوحيدة يتمثل في تخليص الجزائر من العنصرية والقضاء على فكرة تفوق الغالب على المغلوب ومحو فكرة الأوربيين متحضرون والجزائريين متخلفون وحسب زعمه فان نضاله يهدف إلى إخراج الجزائر من قبضة الاستعمار وعليه فان الأمر يتطلب في رأيه إتاحة الفرصة للمسلمين لكي يتعلموا وذلك عن طريق اكتسابهم للجنسية الفرنسية لتحسينه مستواهم المعيشي . 
إذن إن أعضاء الحركة السياسية اليمنية ليطالبون إلا بالمساواة مع الأوربيين ولا يطالبون باستقلال الجزائر مثلما رأينا في الأحزاب اليسارية ولا يدافعون عن الهوية الإسلامية العربية الجزائرية مثلما تطالب جمعية العلماء.
المبحث الثاني/إعادة بناء الحركة الوطنية 1945-1954:
المطلب الأول: مجازر 08 ماي 1945:
الجزائر و كأي دولة مستعمرة أقحمت جبرا في الحرب العالمية الثانية إلى جانب فرنسا،
و التي وعدت الشعب الجزائري بإعطائه الاستقلال عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، و فعلا انهزمت ألمانيا و احتفل العالم بأسره بهذا الحدث العظيم، و أراد الشعب الجزائري أن يذكر فرنسا بوعودها للجزائريين و ذلك بخروجهم في مختلف المدن و القرى الجزائرية مظاهرات سلمية مرددين أناشيد الحرية و الاستقلال مطالبين بحقوقهم و بإطلاق سراح مصالي الحاج، لكن الجيش الفرنسي قابلهم بمجازر إبادية مثلما استعمل النازيون أو أشد، راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد و ألاف المعتقلين، والتي كان العالم بأسره شاهدا على فظاعة هذه المجازر.
دوافع فرنسا من المجزرة:
1- ترهيب الشعب الجزائري حتى لا يعاود المطالبة بحقوقه
2- التخلص من عقدة الهزيمة التي تعرضت لها فرنسا من قبل الألمان
3- القضاء على الجهود التي تقوم بها الحركة الوطنية
4- فرض قوتها و سلطتها و جعل الجزائر عبرة لباقي مستعمراتها.
النتائج السياسية للمجزرة على الحركة الوطنية:
1- حل الأحزاب السياسية و اعتقال زعمائها
2- نمو الوعي القومي لدى الشعب و اقتناع القادة بأن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة
3- إعادة النظر في طريقة النضال، و تحول أرائه السياسية من التفاوض إلى البحث عن القيام بالثورة المسلحة.
بعد المجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق الشعب الجزائري، أصدرت حكومة باريس مرسوم في 16 مارس 1946، يقضي بالعفو الشامل على المعتقلين و السماح بعودة النشاط السياسي هادفة بذلك إلى :
1- امتصاص غضب الشعب من جراء الحوادث
2- تلميع صورتها لدى الرأي العام العالمي تغطية للمجازر الوحشية
و بذلك أعيدت الخارطة السياسية من جديد و كان العمل كالتالي:


المطلب الثاني/ الإتجاه الديمقراطي للبيان الجزائري( الاتحادي)09/08/1946:
ترأسه فرحات عباس، و يهدف إلى الثورة بالقانون، حيث استغل فرحات عباس غياب مصالي الحاج و الذي نفته فرنسا من 23أفريل1945 إلى غاية 20جوان1946 كان ينظم للانتخابات محاولة منه في التنسيق بين الأحزاب الوطنية و يقدم لفرنسا قائمة موحدة، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن حيث خرج المناضلون في مظاهرات 8ماي1945 و كان فرحات عباس من المعتقلين، وبعد عودته من السجن تأكد أن أنصار حزب الشعب من كان وراء الإعداد للمظاهرات، فمن ثم كون حزبه الجديد المذكور سابقا، بعد أن تأكدت فرنسا من أنه لا ينوي الانفصال عن فرنسا سمح له بالمشاركة في الانتخابات وحاز على 11مقعد من أصل 13، لكن فرحات عباس أصيب بخيبة أمل جراء صدور قانون الاصلاحات لسنة1947 و الذي لم يتضمن أيا منطالب حزبه و كذا توالي تزوير الانتخابات مما زرع اليقين عند فرحات عباس بأن فرنسا لن تتغير، حيث انضم متلأخرا لصفوف جيش التحرير الوطني. 
2- الحزب الشيوعي(الاجتماعي): ترأسه عمر أزقان، و بقي يطالب بالاندماج مع فرنسا

المطلب الثالث/ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين(الإصلاحي): 
ترأسه البشير الإبراهيمي، و عادت الجمعية إلى نشاطاتها الإصلاحية ببناء المدارس، و تقوية النشاط التعليمي التربوي الديني، و إرسال البعثات إلى المشرق العربي كما وجهت الجمعية نداء من خلال جريدة البصائر سنة 1947 و الذي يهدف إلى وحدة الجزائريين خارج الأحزاب و بقيت الجمعية تنادي بنفس الأهداف.

المطلب الرابع/حزب الشعب (الاستقلالي): 
ترأسه مصالي الحاج، و انتقل عمل الحزب من النضال إلى رفع الحس الثوري و تحديد مواقف
و هدف واضح و هو الاستقلال و موازاة العمل الثوري بالعمل السياسي، و تعتبر سنة 1946 سنة تحول بالنسبة لحزب الشعب، حيث كانت دعوة مصالي الحاج للانتخابات التشريعية للبرلمان الفرنسي المزمع اجراؤها في 10نوفمبر1946، جزء من خطته الرامية إلى فضح الاستعمار عن طريق المنتخبين الذين سيصلون إلى المجلس الوطني الفرنسي، و حصل على خمس مقاعد، و عليه تغيير اسم الحزب ليصبح بعد ذلك حركة انتصار الحريات الديمقراطية ليكون كواجهة فقط يعمل خلفها حزب الشعب و يعمل بطريقة شرعية و قانونية.
مؤتمر14/15 فيفري 1947: 
في هذا التاريخ عقد أعضاء حزب الشعب مؤتمرا و توصلوا إلى:
1- الإبقاء على حزب الشعب في إطاره القديم و توسيع القاعدة سرا
2- متابعة حركة انتصار الحريات الديمقراطية نشاطها علنية بالمظهر الشرعي القانوني و بشكل رسمي
3- إنشاء منظمة عسكرية سرية أسندت مهامها إلى المناضل محمد بلوزداد للإعداد العملي للثورة المسلحة.
شروط العضوية في المنظمة السرية :
1- الأقدمية في الحزب
2- الإيمان بضرورة قيام الثورة المسلحة
3- أن يكون العضو حسن السلوك و غير معروف لدى السلطات الاستعمارية 
4- أن يتسم بالروح الوطنية و الوعي السياسي 
5- أداء القسم 
مبادئ المنظمة السرية:
1- تجنيد أحسن الكفاءات 
2- تدريب الجنود و تزويدهم بثقافة عسكرية نظرية و تطبيقية
3- جمع السلاح و إعداد المخابئ لتجميعه
4- تحضير مراكز لصنع الذخيرة و المتفجرات كالجبال و الغابات 
5- غرس النظام و الصرامة في المناضلين
6- إنشاء شبكات داعمة للاستخبارات
7- العمل بأسماء مستعارة و الفصل بين الأفواج و السرية في العمل
-حيث تم اكتشاف أمر هذه المنظمة سنة1950 من طرف الاستعمار الفرنسي و تم اعتقال جل أعضائها.
تزوير الانتخابات: جاء دستور الإصلاحات 20سبتمبر1947 ، كنتيجة سياسية لمجازر الثامن ماي و الذي كان معارض لمصالح الجزائريين تماما، و حاول قادة الأحزاب تشكيل اتحاد وطني يضم جميع الأحزاب للدخول في إتنخابات جانفي 1948 و كان وراءه مصالي الحاج حيث كان يود ان يتفق الجميع على مبدأ واحد و هو مجلس نيابي جزائري ذو سيادة تامة، و تمت الانتخابات و بتزوير من الحاكم العام الفرنسي الذي تم تعيينه في 11فيفري1948، حيث و عشية الانتخابات تم تعيين مرشحين من طرف فرنسا، و كذا قامت "بإعتقال معظم الشخصيات التي رشحتها حركة إنتصار الحريات الديمقراطية، فقد ألقت الشرطة على 32 من مجموع 59 مرشح...و أصدرت المحاكم الفرنسية عليهم أحكاما لمدة 80 شهرا و دفع غرامات لا تقل عن 700,000فرنك، كما قامت الادارة الفرنسية بمنع الجرائد عن الصدور و عدم السماح بتوزيع البيانات عن العمليات الانتخابية".(1) حيث أحرزت الحركة على 9مقاعد فقط لكنها واصلت نضالها.

المطلب الخامس/ أزمة حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية:
إن الحركة تعرضت لأزمة داخلية حادة أدت إلى زعزعة الحركة و انقسامها ونشوب الخلافات بين أعضائها، نذكر هذه الأسباب في النقاط التالية:
1- الأزمة البربرية: كان رئيس اللجنة الفيدرالية رشيد علي يحي من القبائل الكبرى، و أراد مع عمر ولد حمودة و واعلي بناي بناء حركة بربرية شعبية داخل الحزب حيث كانوا يرفضون فكرة أن الجزائر عربية و إسلامية، و في شهر أفريل 1949 تم حل اللجنة الفيدرالية بفرنسا، حيث تم عزل رشيد علي يحي من رئاسته لجريدة النجم الجزائري بفرنسا و التي من خلالها كان ينشر أراءه للتنكر للغة العربية و الاسلام، حيث تم إبعاد القادة البربريون من اللجنة المركزية من طرف قادة حركة الانتصار و الحريات الديمقراطية، ما عدى السيد ايت احمد الذي أبقاه مصالي الحاج، و في ديسمبر1949 تم إعادة تشكيل فيدرالية الحزب بفرنسا من ثلاثة أعضاء يتكلمون القبائلية، و هم راجف بلقاسم، سعدي صادقن و شوقي مصطفاوي، حيث تم القضاء على جميع معارضين مصالي الحاج.
2- قضية الأمين دباغين: كان هذا الأخير كان من المؤيدين للعمل العسكري و الذي كان يراه مصالي لم يحن وقته بعد، حيث تم إبعاده من الحزب في 2 ديسمبر1949، بحجة أنه لم يدفع المكافأة التي كان 
يحصل عليها بصفته نائب في البرلمان الفرنسي، لكن السبب الرئيس لإبعاده هو وجود أنصار البربرية اللذين نكروا فكرة اللغة العربية، كما اتهموا مصالي الحاج بالديكتاتورية و لم يدافع عنه الأمين دباغين، حيث كان يرى كريم بلقاسم ان هذه النزاعات البربرية لا تخدم مبادئ الحزب و لا مصلحة الوطن، و ما أن انتهت سنة 1949 حتى فقدت العناصر البربرية نفوذها داخل الحزب.
3- اكتشاف أمر المنظمة السرية: بعد وفاة محمد بالوزداد بفرنسا بسبب المرض، تم استخلافه بالمناضل أيت أحمد الذي كان يدعو للكفاح المسلح خوفا من اكتشاف فرنسا للمنظمة في أي لحظة، حيث عرفت المنظمة عملي ناجحة جدا ألا و هي الاستيلاء على 3.170.000 فرنك فرنسي من بريد وهران حيث قام بهذه العملية المناضلون بختي جلول، أيت أحمد، أحمد بن بلة، سويداني بوجمعة، بالحاج بوشعيب و محمد خيضر الذي كان عضوا منتخبا في البرلمان الفرنسي، حيث قرر المكتب السياسي للحزب بقيادة لحول حسين تسليم محمد خيضر نفسه للسلطات الفرنسية ، حتى لا يتم حل الحزب، لكن محمد خيضر رفض و أيضا مصالي الحاج و لاذ بالفرار إلى مصر بمساعدة عبد الله فيلالي و محمد يزيد، و القي القبض على 363 عضو من بين 2000، مما إلى مواصلة العمل في سرية للتخلص من الزعامة الفردية و تأييد العمل الجماعي.
4- جري مصالي وراء الانتخابات وتمسكه بالنضال السياسي بدل الاستعداد للثورة
5- ظهور تيارين متضادين أحدهما يحبذ العمل المسلح و الأخر تحبذ العمل السياسي
6- تحالف أعضاء حركة الانتصار للحريات مع الأحزاب الأخرى (حزب البيان و جمعية العلماء المسلمين): من شهر جانفي إلى مارس كانت تجرى اتصالات بين الاحزاب ، حيث طلب من مصالي التخلي عن الاعداد للعمل الثوري و الاكتفاء بالعمل السياسي مما يقتضي حل حزب الشعب الذي يعمل سرا و عدم القيام بالعنف ضد فرنسا و ذلك من أجل انتخابات التي ستجرى في 17جوان 1951 ، و لكنه رفض و كلفه ذلك إنهيار اللجنة المركزية لحزبه و إنسحاب عمراني و مصطفاوي شنتوف و شرشالي، وفي 05/08/1951 و في غياب مصالي الحاج، قررت اللجنة المركزية للحزب بالاتفاق مع جمعية العلماء المسلمين و الحزب الشيوعي و الإتجاه الديمقراطي للبيان الجزائري بتشكيل جبهة مشتركة.
7- اعتقال مصالي الحاج 1952 ونفيه إلى الخارج.
و على إثر هذه الأحداث نظم مناضلوا الحركة في 4/5/6أفريل1953، مؤتمرا شب فيه خلاف بين المؤتمرين بل و أبعد من ذلك تم تبادل التهم بين الطرفين باستغلال المناصب الحزبية العليا و التخلي عن مبادئ الحركة، مما أدى إلى حدوث انشقاق بينهم و ظهور ثلاث تيارات:
1- المصاليون(أتباع مصالي الحاج): و يرون في مصالي الأب الروحي ذو الصلاحيات المطلقة في إعطاء الأوامر و القرارات.
2- أعضاء اللجنة المركزية: و برئاسة يوسف بن خدة، فهؤلاء الأعضاء يرون أنه من الواجب الاستشارة الجماعية في اتخاذ القرارات.
3- ظهور فئة جديدة محايدة(أعضاء المنظمة الخاصة): لم ينضموا لا إلى المصاليون و لا إلى المركزيون.
و عليه عقد كل من الأطراف مؤتمرات خاصة:
1- مؤتمر الأحاديون عقد في 23مارس1954: أعلنوا عن إنشاء اللجنة الثورية للوحدة و العمل بقيادة محمد بوضياف، حاولوا حل الصراعات الداخلية بين الأطراف المتنازعة لكن دون جدوى، و من قرارات المؤتمر:
"1-1 المحافظة على وحدة الحزب من خلال عقد مؤتمر موسع و ديمقراطي للحزب و ذلك لضمان الإلتحام الداخلي و الخروج بقيادة ثورية.
1-2 دعوة المناضلين إلى التزام الحياد و عدم الانضمام إلى أي فريق". (1)

2- مؤتمر المركزيون عقد في أفريل 1954(الجزائر): و قرروا فيه:
"2-1 حرمان أنصار مصالي الحاج من استعمال الوسائل المادية و المعنوية و منعهم من قيام أي نشاط سياسي، و إعطاء تعليمات في الحزب أن لا يدفعوا اشتراكاتهم حتى يحرم مصالي الحاج من الدعم المالي الذي يعتبر ضروريا للقيام بأي نشاط سياسي.
2-2 إعطاء عطل مدفوعة الأجر مقدما لجميع المسؤولين البارزين في الحزب و حثهم على عدم القيام بأي نشاط يخدم المصاليون". (2)

3- مؤتمر المصاليون عقد في 14-16جويلية 1954(بلجيكا): بدعوى من مصالي الحاج
و أعلنوا فيه حل اللجنة المركزية، قيادة مصالي الحاج للحركة مدى الحياة، و من نتائج المؤتمر:
"2-1 العمل على إعادة الأعضاء المفصولين من الحزب
2-2 حرمان أعضاء اللجنة المركزية و أعضاء اللجنة الثورية للعمل من المشاركة في الحزب
2-3 استعادة أموال الحزب المخبأة عند أعضاء اللجنة المركزية
2-4 مساندة نضال الشعب التونسي و الشعب المغربي
2-5 إتنهاج سياسة العمل الثوري التي تضمنتها وثائق حزب الشعب الجزائري".(1)

اللجنة الثورية للوحدة و العمل:
لما نشبت الخلافات داخل حركة انتصار الحريات الديمقراطية، رأى الأحاديون أن المبادئ التي سعت إليها و ناضلت من أجلها و نادت بها الحركة باتت مهددة بالتلاشي، ولعدم قدرتهم على حل النزاع الحاصل شكلوا اللجنة الثورية للوحدة و العمل، و المشكلة من الأعضاء التاليين:
"- من الحياديين: محمد بوضياف(مسؤول في فيدرالية الحزب بفرنا)، مصطفى بن بولعيد(عضو اللجنة المركزية للحزب).
- من المركزيين: بشير دخلي(عضو اللجنة المركزية و مسؤول التنظيم في الحزب)، رمضان بوشبوبة (عضو اللجنة المركزية و المراقب العام للتنظيم في الحزب)".(2)
وذلك للإعداد للثورة المسلحة، و في جويلية1954 عقدت جماعة 22 مؤتمرا يحث قرروا الابتعاد عن كل الخلافات و العمل من أجل الكفاح المسلح للقيام بالثورة، و تم تشكيل لجنة الست 6 المكونة من(محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابح بطاط، كريم بلقاسم)، و في 10أكتوبر1954، اجتمع الأعضاء الستة لتحديد موعد انطلاق الثورة و تغير اسم اللجنة ليصبح حزب جبهة التحرير الوطني،ليختار الفاتح من نوفمبر1954 لانطلاق الثورة و أختير هذا اليوم موازاتا مع احتفالات القوات الفرنسية بعيد المسيح.

المطلب السادس/الحركة الوطنية و التحرر العربي:
بعد الحرب العالمية الأولى كان للأمير خالد دورا بارزا في توطيد العلاقات النضالية بين القادة العرب.
- في مؤتمر بروكسل تعرف مصالي الحاج على الزعيم شكيب أرسلان رئيس السورية الفلسطينية، حيث عين مصالي عضوا في المؤتمر الإسلامي لسنة 1935.
- في 1949جويلية نظم مصالي في باريس مظاهرات تضامنا مع سوريا.
- قبل الحرب العالمية الثانية حزب الشعب استراتيجية مضادة لفرنسا و لدعاة الادماج، تتمثل في التوجه نحو المشرق العربي بحثا عن التحالف و التضامن و التعاون مع القضية الفلسطينية.
- حرب1948 و قيام الكيان الصهيوني و هزيمة العرب، كان عاملا قويا دفع بقادة و مناضلين حركة انتصار الحريات الديمقراطية و جمعية العلماء المسلمين بالتنسيق مع البلدان العربية و جلب الجامعة العربية، لتهتم بقضايا المغرب العربي و الجزائر خاصة.
- باريس 1946، عند زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عزام باشا، أعلن أن شعوب شمال إفريقيا شعوب عربية و الجامعة تطالب من أجلها ما تطالب به جميع الشعوب المستعمرة و هي الحرية و الحق في تقرير المصير.
- جانفي 1947:شكل المغاربة جبهة للدفاع عن شمال إفريقيا مكتب المغرب العربي، برعاية الجامعة العربية، و مثل الجزائر الشاذلي المكي.
- جانفي 1948 تم تشكيل لجنة تحرير المغرب العربي و مثل الجزائر محمد خيضر.
- توجه جمعية العلماء المسلمين على توطيد الروابط الانسانية و الثقافية بين الجزائر و العالم العربي الاسلامي و خاصة المغرب و تونس لقرب المساحة الجغرافية فكانت وجهة لطلبة العلم بجامعة الزيتونة و القرويين


المطلب السابع/اثر الحركة الوطنية على المجتمع الجزائري و على مسار الثورة:
ثقافيا:
كان لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأثر البارز في نشر الدين الاسلام و مبادئه السمحة، و تعليم اللغة العربية الأثر الواضح في توعية النشأ و انتشال بعض أحضان الجهل و كما قال البشير الإبراهيمي:"إن الشعب الجزائري مؤلف من عشرة ملايين و زيادة، كلهم عرب أصلاء و كلهم مسلمون متصلبون، و الاستعمار الفرنسي عامل على مسخهم و إخراجهم من عروبتهم و إسلامهم، 
و لولا خصال فطرية في التصلب و الإعتزاز بجنسيتهم و دينهم و شرقيتهم ولولا جمعية العلماء 
و جهادها عشرة سنين في التمهيد و عشرين سنة في العمل ، لبلغ الاستعمار منهم ما أراد و لو ضاعوا لكان ضياعهم مصيبة على المجموعة العربية لأنه نقص في رأس مالها من الرجال المتشددين في عروبتهم"، و عليه هيأت الجمعية الشعب للقيام بالثورة و ذلك بتحريره من قيود الجهل و تنوير العقول بالعلم و المعرفة.
اجتماعيا:
لم تكن للحركة الوطنية أثارا اجتماعية واضحة فالأوضاع التي أوجدها الاستعمار الفرنسي من الفقر و الأمراض و سلب الأراضي كانت نفسها التي عاشها الشعب الجزائري أثناء الحركة الوطنية، و انما ازدياد الوعي القومي و الثوري لدى الشعب و أن سياسة اللين لم تعد تنفع مع فرنسا و أن ما أخذ بالقوة. 
سياسيا:
الأثر جد قوي من الجانب السياسي حيث بدا جليا في وعي القادة السياسيين و تغيير الإستراتيجية من المفاوضات السياسة إلى العمل الثوري، حيث أن انطلاقة الفاتح من نوفمبر كان سببها نضال الحركة الوطنية و لا سيما حزب الشعب الذي انبثقت هذه الأخيرة.


خاتمـــــة

بالرغم من أن المقاومات السياسية لم تنجح في إخراج المستعمر الفرنسي من الجزائر كغيرها من المقاومات الشعبية، إلا أنها كانت استمرارية لجهود متواصلة قام بها مناضلي و أبطال الحركة الوطنية و لا سيما في حزب الشعب، و بالرغم من الأزمة التي مر بها إلا أن مبدأ الاستقلال و رفض الاستعمار كان يسير في عروق كل مناضل، و رغم الفقر و الأمية التي كان يعاني منها الشعب الجزائري إلا أنه تولد لديه الوعي للمطالبة بحقوقه، و أن ما سلب منه بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، مما أدى بإلتحام الشعب مع مناضلي الحركة الوطنية و كانت نتيجة هذا التعاون الثورة المسلحة و التي ولدت من رحم حزب الشعب، إذ أنه كان له الأثر البارز في تاريخ الثورة المسلحة و تاريخ الجزائر عامة.

Aucun commentaire: