samedi 12 mars 2011

لمذا سميت الجزائر بالجزائر

لمذا سميت الجزائر بالجزائر ؟؟؟ يُختلف في المرجعية التاريخية للتسمية، إلا أن المؤكد هو أن اسم البلد مستمد من اسم العاصمة فلماذا سميت العاصمة بالجزائر ؟- كانت أربع جزر مشرفة على ميناء الجزائر (الجزائر العاصمة) القديم، استولى على أكبرها المسماة بجزيرة الصخرة الإسبان سنة 1509 م وأقاموا عليها حسن البينون وجهزوه بالمدافع فأصبحت القصبة نواة المدينة تحت رحمتهم فاستنجد أهل المدينة بالإخوة بربروس واستطاع خير الدين مع الجزائريين ودعم من الدولة العثمانية من طرد الإسبان فقام بجلب الحجارة الضخمة من راس تمنفوست المقابل لخليج الجزائر ردم به الفواصل بين الجزر مشكلا بدلك الأميرالية ( مقر قيادة القوات البحرية حاليا ،واتخد من المدينة عاصمة فسميت بعد ذلك مدينة ايكوسيوم (سماها الرومان بهذا الاسم قديما نسبة لاسطورة هرقل و التجار ) بمدينة الجزائر ثم اطلقت فرنسا هذا الاسم على البلد كله .

الرواية الثانية : تقول المصادر التاريخية أن بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية، حين وضع أسس عاصمته عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية إكوسيوم (Icosium) أطلق عليها اسم جزائر بني مزغنة نظرا لوجود 4 جزر صغيرة غير بعيد عن ساحل البحر قبالة المدينة. وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي.
وفي الأخير لي سؤال ،، هل كنت تعلم لماذا سميت الجزائر بهذا الإسم من قبل ؟؟ بصــراحــة
تعليق صريح وإجابة تاريخية حقة: إن كل ما ذكر من شرح لمعرفة ما معنى كلمة جزائر إنما هو هروب من الحقيقة التاريخية وتزوير للواقع والوقائع وما ذكر من بيان هو بعيد كل البعد عن كلمة جزائر نريد شرح كلمة جزائر وكما قال الأخ الجزائري وبكل صراحة واليك الشرح الحقيقي ولا تعثر فيه: ارتبطت مدينة وجدة منذ العصور القديمة بجارتها مدينة تلمسان التي كانت تعد حاضرة المغرب الأوسط، وويعود تأسيس مدينة وجدة على يد الزعيم المغراوي زيري بن عطية الذي استطاع أن يؤسس مملكة في المغرب الأقصى وكان في صراع مفتوح مع المنصور بن أبي عامر في الأندلس، والفاطميين وأنصارهم من الصنهاجيين في المغرب الأوسط. في هذه الظروف السياسية الصعبة، فإن زيري بن عطية -وحسب أغلب الروايات التاريخية- فكر في ضرورة توسيع مملكته شرق عاصمته فاس وحماية ظهره من كل الأخطار المحدقة به من الناحية الشرقية، لهذا قرر بناء مدينة وجدة في شهر رجب سنة 384 هـ / 994 م. وقد قام بتحصين المدينة عبر إحاطتها بالأسوار العالية والأبواب التي كان يتحكم الحراس في فتحها وإغلاقها. فتحها يوسف بن تاشفين بعساكره المرابطين في حملته في بلاد المغرب الأوسط سنة 1073. كما تبوأت مكانتها السياسية والإستراتيجية على عهد بني مرين الذين كانوا في صراع دائم مع أمراء بني عبد الواد المستقرين في تلمسان. عند انشغال أبي بكر بن عبد الحقفاس استغل يغمراسن بن زيان انشغاله بحصار فاس فسار يريد الاستيلاء على تازة، لكن أبا بكر التقى به عند وجدة وهزمه فعاد يغمراسن إلى تلمسان. . اشتعل المغرب الأوسط في هذه الآونة نارا سبب مهاجمة مرين على مراكز أعدائهم وخصومهم الملتجئين إلى تلمسان ,المحتمين بملوكها ,فنزل السلطان أبو سعيد المرينى مدينة وجدة واكتسح بسائط تلمسان. يروي ابن خلدون عن التخريب الذي طال المدينة سنة 670 هـ/1272 م بعد أن دخل السلطان أبي يوسف يعقوب المريني على وجدة وضعها كمدينة حدودية مع الأتراك في الجزائر عرضها لحروب عنيفة، وتخريب أسوارها التحصينية على عهد السعديينالعثمانيين. إسترجعها المولى إسماعيل من الأتراك سنة 1692، واستعادها الأتراك في القرن التالي. عين أبو القاسم الزياني سنة 1206 هـ /1792م كوالي على مدينة وجدة بالإكراه. مؤسس الدولة المرينية بمحاصرة مدينة الذين هبوا لاسترجاعها من وماهو واقعي وحقيقة و أقرب من الواقع القائد الفاتح والزائر للمغرب الأوسط آنذاك هوالقائد زيري بن عطية كان هذا القائد يزور بلدان المغرب الأوسط ويستقبله المواطنون مهللين فرحين جاء زيري...جاء زيري ...جاء زيري( هذه الكلمة بالعرية الفصحى )بمعنى قدم زيري من المغرب وبالعامية المغاربية الدارجة جا زيري ...جا زيري ...جازايري. وهذاالإسم الذي كان يتردد على كل الأفواه سمي كل الواطنين بالجزائريين.والعاصمة بالجزائر نسبة إلى القائد جازيري بن عطية لا أقل ولا أكثر ولاغير هذا فهو تزوير للحقائق وحتى ان كان التغيير لا زما لعدم الإنتساب لزير بن عطية فيجب على الذين غيروا الحقيقة ان يشرحوا ويفسروا ما معنى كلمة جزائر شرحا تاما دقيقا بدون لف ولا دوران و تغليط وتزييف لحقيقة التاريخ .وأما ما قيل من هراءات ولو...فهو بعيد كل البعد كل البعد عن الحقيقة ..

قيام الحكم العثماني في الجزائر

خضعت الجزائر منذ العقد الثاني من القرن السادس عشر الميلادي /العاشر الهجري جزئيا ثم كليا إلى الحكم العثماني واستمر ذلك إلى سنة 1830 م تاريخ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر. ولكن كيف كانت بداية الوجود العثماني؟ و ما هي الأطوار التي مر بها حكم العثمانيين للجزائر؟

3-1 بداية الوجود العثماني في الجزائر

لما كان الإسبان يغزون الشواطئ الجزائرية في مطلع القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي ، كانت طلائع غزاة البحر العثمانيين، ممثلة في الأخوة بربروس (1)عروج و خير الدين و إسحاق، و في آخرين ،قد وصلوا إلى الحوض الغربي للمتوسط، و أخذت تجوب عرضه جيئة و ذهابا، ملحقين بالسفن و الشواطئ المسيحية خسائر كبيرة ، متخذا من الموانئ التونسية التي أذن لهم السلطان الحفصي أبو عبد الله محمد، باستعمالها مقابل دفع الخمس من الغنائم و شروط أخرى)2(، منطلقا لها ،فذاع صيتهم، و انتشرت أخبار بطولاتهم في الغزو البحري، فتوجهت إليهم أنظار المجاهدين الجزائريين، و في مقدمتهم أبو العباس أحمد بن القاضي الزواوي الذي لما رأى قوة شوكة النصارى الكفار، و انتشار في المغرب، و ضعف المسلمون عن مقاومتهم، كاتب الترك، و عرفهم عزة هذه البلاد، لما يسمع من شدة الأتراك في المعارك، و نجدتهم في الحروب و المضايق ، وإرهابهم للكفرة فقصد بحسن نية، أن يرفعوا من عزة الإسلام ما انخفض،و يقووا من أمره ما ضعف، و قال : إن بلادنا بقيت لك ولأخيك أو للذئب ، فأقبل الترك نحوه مسرعين، و جعل هو يخص الناس على اتباعهم، و الانخراط في سلكهم ،و السمع و الطاعة لأميرهم عروج التركماني، الذي هو الباي فيهم ،فدخل الترك الجزائر و تلمسان.

و من هذا النص يستخلص أن تدخل أوائل العثمانيين في الجزائر، كان استجابة لطلب الجزائريين، ونجدة لهم، و مشاركة في الدفاع عن بلادهم، و تحرير ما وقع منها تحت الاحتلال الإسباني. و لكن عروج و جماعته من الأتراك، وغيرهم قبل أن يدخلوا إلى الجزائر أو إلى تلمسان، قاموا في سنة 918 /1512م بمحاولة لتحرير بجاية، لم تكلل بالنجاح، و فيها فقد عروج ذراعه. و لما شفي من إصابته و جدد بناء قوته خلال سنة 919/1513م، هاجم في السنة التالية )920/1514م( بجاية مرة أخرى، و لما باءت محاولته بالفشل، توجه الى بلدة جيجل، التي استولى عليها الجنويون بقيادة أندرى دوريا في سنة 919/1513م، لتحريرها بالتعاون مع أهاليها و سكان المنطقة المجاورة لها و ابن القاضي المذكور. و قد تمكن عروج من القضاء على حصن الجنويون، و تحرير البلدة التي أصبحت منذ ئد قاعدة له. و منها وجه هدية ثمينة إلى السلطان العثماني سليم الأول . وبذلك ابتدأت الصلة الرسمية مع العثمانين، و النفوذ العثماني في الجزائر .

3-2 توسع نفوذ العثمانيين

شرع عروج و خير الدين ثم من تلاهما في توسيع نفوذ العثمانيين في الجزائر انطلاقا من جيجل أول حاضرة لهم في الجزائر ، ثم من مدينة الجزائر ثاني المدن التي خضعت لهم. فعروج لم يلبث في جيجل مدة طويلة حيث تلقى دعوة من أهالي مدينة الجزائر، و أميرهم سالم التومي في سنة 922ه/1516م لتخليصهم من الحامية الإسبانية، التي كانت تضايقهم ،وتشل حركتهم، وتحول دون ممارستهم للغزو البحري ،فاستجاب لطلبهم، و هاجم الحصن الإسباني، بعد أن استولى على بلدة شرشال المجاورة، و لكن مدفعيته لم تستطع التأثير على الحصن القوى على أنه لم يكن يبعد عن المدينة بأكثر من 100م، و أنه ظل يقصفه ثلاثة أسابيع.

ولكن العلاقة بينه و بين سالم التومي لم تلبث أن ساءت بعد فشل هذا الأخير في القضاء على الحصن الإسباني. و تمكن عروج من قتله بعد أن استمال اليه العديد من أعيان المدينة بالهدايا و أعلن نفسه حاكما على الجزائر ثم تمكن من إحباط مؤامرة حاكها ضده بعض أهالي المدينة مع عرب المنطقة المجاورة (عرب متيجة، الموالين لسالم التومي) فأذعن سكانها. ولكن الإسبان لم يرتاحوا إلى الوضع الجديد في المدينة، فجهزوا حملة ضخمة في نفس السنة 922ه/1516 م للقضاء على خطر عروج قبل استفحاله، و إعادة الإمارة إلى ابن سالم التومي، كانت تتألف من 8000 مقابل نقلتهم 80 سفينة، بقيادة دييجو دوفيرا، ولكن تلك الحماة باءت بالفشل أمام خطط عروج الهجومية، التي مكنته من القضاء على 3000 ممن نزلوا إلى الأرض ، وأسر 400 منهم. و تضافرت العاصفة معه، فقضت على معظم قطع الأسطول بمن فيها غرقا في البحر.

وساعد هذا الانتصار الباهر الذي حققه عروج و جماعته ، بالتعاون أيضا مع سكان المدينة و عرب المنطقة المجاورة، على استقرار الأمر لحاكم الجزائر الجديد، و على مد نفوذه إلى مدن أخرى، ساحلية و داخلية، في مقاطعة الجزائر و خارجها، كدلس، و المدية، و مليانة، و غيرها. ثم توجهت أنظاره إلى الغرب الجزائري للقضاء على الحكام الزيانيين فيه، الموالين للإسبان، كسلطان تنس و سلطان تلمسان.

و قد تمكن من الانتصار على قوات سلطان تنس الكبيرة ، في المعركة التي جرت بين الطرفين على مقربة من نهر الشلف، في صيف 923/1517م و ذلك بفضل السلاح الناري الذي كان بحوزة قواته،و الذي لا مثيل له لدى قوات سلطان تنس، فاضطر هذا الأخير إلى الفرار إلى قاعدة ملكه. و لما وجد نفسه ملاحقا فر منها إلى أقصى الجنوب الجزائري، فدخلها عروج ثم تقدم إلي تلمسان، حيث كان السلطان أبو حمو الزياني الثالث الموالي للإسبان قد اغتصب الملك من ابن أخيه أبي زيان وأودعه السجن، و ذلك بعد أن تلقى دعوة من بعض أعيان تلمسان يرجونه فيها المسير إلى مدينتهم لتخليصهم من أبي حمو ، و إعادة أبي زيان الى الملك و تمكن عروج من تحقيق النصر على ابي حمو في المعركة التي دارت بين الطرفين، ففر هذا الأخير إلي فاس ثم إلى وهران، و من هذه الأخيرة توجه الى بلاط ملك إسبانيا شارل الأول، لطلب عونه. و دخل عروج تلمسان في رمضان 923 / سبتمبر 1517م، و استحوذ على الملك فيها، و قتل أبازيان بعد أن أعاد له الملك بضعة أيام و كذلك كل أفراد الأسرة المالكة إلا من فر منهم ،و المتعاطفين معهم من التلمسانيين و ذلك حسما لمؤامراتهم ثم جد في توطيد سلطته في المدينة ، و تحصينها .و كان قد أقام و هو في طريقه إلى تلمسان ـ حامية في قلعة بني راشد، التي تتوسط الطريق بين تلمسان و مدينة الجزائر لتأمين خط الرجعة إلى هذه الأخيرة ووصول الإمدادات إليه منها أو من الجزائر أسند قيادة تلك الحامية إلى أخيه إسحاق.و سعى إلى إقامة تحالف دفاعي و هجومي بينه و بين سلطان فاس محمد البرتغالي الوطاسي ضد النصارى، العدو المشترك، فرحب هذا الأخير بالعرض ووافق عليه. و بهذه الخطوات اطمأن عروج، و بقي في مدينة تلمسان الداخلية.

3-3 التدخل الإسباني في تلمسان و القضاء على عروج

لم ينظر الإسبان بعين الارتياح إلى النجاحات التي حققها الإخوة بربروس و الخطوات الكبيرة التي خطوها في طريق توحيد أجزاء الجزائر تحت سلطتهم، لأن خطرهم المتزايد سوف لا يتوقف عند تهديد مراكزهم على ساحل المغرب الكبير و على شواطئ إسبانيا نفسها و لذلك فقد كان رد فعلهم التدخل السريع الى جانب السلطان المخلوع أبي حمو الثالث، فقطعوا أولا خط الرجعة إلى الجزائر، بقضائهم على حامية قلعة بني راشد بما في ذلك إسحاق شقيق عروج وخيرالدين، ثم حاصروا عروج في تلمسان. و كان هذا الأخير يأمل في وصول المدد إليه من حليفه السلطان الوطاسي، و لما طال انتظاره حاول الفرار في اتجاه الغرب مع القليل من الأتراك الذين بقوا و الإسبان أدركوا بعد معركة عنيفة من القضاء عليه و على رفاقه في ماي 1518 وفي بني يزناسن. و أعاد الإسبان الملك في تلمسان إلى أبي حمو الثالث الذي قبل أن يدفع ضريبة سنوية لهم مقدارها 12000 دوكاتو 12 من الخيل و 6 من إناث الصقور، كعلامة عن التبعية . وبمقتل عروج وأخيه إسحاق و القوات التي كانت معهما، تعرض الوجود العثماني إلى هزة قوية كادت تقضي عليه ، و تقلصت من جديد أرجاء الدولة التي أخد عروج في إنشائها بعودة ابي حمو إلى مملكة تلمسان و حميدة العبد إلى تنس .

3-4 إنطواء الجزائر تحت لواء الدولة العثمانية

بويع خير الدين في مدينة الجزائر، خلفا لأخيه عروج، فشرع فورا في الإستعداد لمواجهة حملة إسبانية متوقعة، قد يشترك فيها حليفهم ملك تلمسان. و لم تكن توقعاته وهمية، إذ تحركت في صيف سنة 1518م/924، أي بعد شهور قليلة من مقتل أخويه عروج واسحاق، بقيادة نائب ملك صقلية، هيجو دومنكاد للقضاء على البقية من مدينة الجزائر، و أعوز قائد الحملة إلى سلطان تلمسان للتحرك بقواته إلى مدينة الجزائر، و لكن الجزائريين بقيادة خير الدين تمكنوا من القضاء على الحملة الإسبانية قبل أن يصل هذا الأخير، و لم يسلم من القتل أو الأسر أو الغرق في البحر إلا العدد القليل و في أعقاب هذا النصر الباهر، عزم خير الدين الرحيل إلى إقليم الروم، و ترك مدينة الجزائر للجزائريين و من ينتخبونهم منهم. و جمع أهل الجزائر كلهم وأعيانها من العلماء الصلحاء و المشايخ ليخبرهم بعزمه. و لكن هؤلاء أصروا على إقامته في الجزائر، ووافقوا على اقتراحه بصرف الخطبة إلى السلطان سليم العثماني، و ضرب السكة باسمه حتى يضمنون مساعدته، و تزويده لهم بما يلزمهم من الرجال وآلات الجهاد لحماية مدينتهم.

و كتبوا كما أمرهم خير الدين كتابا على لسانهم إلى حضرة السلطان العثماني المذكور يخبرونه بصرف طاعتهم إليه، و أنهم من جملة من تنفذيهم أحكامه، ويقع فيهم نقضة .وهو بتاريخ أوائل ذى الحجة سنة 925ه/أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر 1519م. وكتب هو كتابا آخر إلى السلطان سليم، الذي رحب بطلب أهالي الجزائر و خير الدين الانضمام تلقائيا تحت لوائه، و سر به كثيرا، لأنه كان متجاورا مع رغباتهم و مطامحه في مد نفوذه ليشمل كل العالم الإسلامي، و العربي، مشرقه و مغربه، حتى يكون أكثر قوة في صراعه مع أوروبا المسيحية، عسكريا و إستراتيجيا و اقتصاديا.

و يبدو أن السلطان سليم كان يخطط أصلا لبسط نفوذه على كامل شمال إفريقيا و الحوض الغربي للمتوسط، فقد نسب إليه قوله لأحد كتمة سره ...أن البحر الأبيض المتوسط هو عبارة عن خليج واحد يمتد إلى بوغاز سبتة، فكيف يليق أن تجتمع فيه مدن مختلفة، ثم أنهم لا يكونون تحت حكم الدولة العلية، فعدم الإجتهاد في بلوغ هذه الغاية المقصودة هو من قصور الهمة المزري بشأن الدولةإني آليت على نفسي و عاهدتها إن مد الله في عمرى،أني أحرمها الراحة و السكون، مالم أنشئ الأساطيل الكافية لنيل المرغوب ، و أستولى على ثغور البحر البيض المتوسط ...

و تذكر المراجع أن السلطان سليم بذل فعلا جهودا كبيرة لترقية البحرية العثمانية، لتحقيق فرصة ذاك. و تشير المراجع من جهة أخرى إلى تقديمه العون للأخوة بربروس، الذين كانوا يعملون في الحوض الغربي للمتوسط قبل انضمام الجزائر بشكل رسمي إلى الدولة العثمانية، و إلى اعتزامه المسير بنفسه إلى الغرب و لكن الأجل لم يمهله.

شيوخ القبائل

وقد أرسل السلطان سليم صحبة مبعوثي الجزائر إليه سنجقا، و كتابا إلى أهل الجزائر و خير الدين بقبول ما كتبه إليه، و أنهم ممن تشمله عنايته و تحرسهم رعايته، و بذلك غدت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، وأصبح خير الدين حاكما لها تابعا للسلطان العثماني . و قد أمد السلطان سليم خير الدين بالمساعدة العسكرية التي كان بحاجة ماسة إليها حيث أرسل إليه 2000 جندي و سمح بالذهاب إلى الجزائر لكل من يريد ذلك من الأتراك، ووافق أن يكون للإنكشاريين في الجزائر نفس الإمتيازات التي كان يتمتع به الإنكشاريون في عاصمة الدولة. فقصدها عدد آخر ، مما سمح لخير الدين أن يقيم حاميات عديدة في الغرب الجزائري منها مستغانم، و تنس، و مليانة و غيرها

4- أطوار الحكم العثماني في الجزائر

لقد مر الحكم العثماني في الجزائر بأربعة أطوار رئيسة أولها عهد البايلربايات 1519-1587، و ثانيها عهد الباشاوات 1587- 1659، و ثالثها عهد الآغاوات 1659-1671، و رابعها عهد الدايات1671-1830.

4-1 الجزائر في عهد البايلربايات

1519-1587 غدت مدينة الجزائر و توابعها منذ أواخر سنة 925ه/1519 تابعة للدولة العثمانية مرتبطة بها، دون أن تتجشم هذه الأخيرة عناء غزوها، كما حدث بالنسبة لبلاد الشام و مصر، و العراق و غيرها و تونس أيضا كما سنرى، و غدا خير الدين حاكما تابعا للسلطان العثماني ،إلا أنه كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر ،لا تقل عن سلطات الملوك، و إن كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر، لا تقل عن سلطات الملوك، وإن لم يكن رسميا إلا بايلربايا، أو أميرا للأمراء فيها و هو اللقب الذي حمله هو، و عدد من الحكام الأساسيين الذين خلفوه في حكم الجزائر في الفترة 1519-1587 م، التي تعرف بعهد البايلرباي. و قد كان السلطان العثماني يعين هؤلاء لحكمها لفترة غير محدودة بزمن و يختارهم غالبا من أكفاء الرجال الذين خدموا في الجزائر .

و غالبا ما كان بايلربايات الجزائر يرشحون لاستلام البحرية العثمانية ، وقيادة الأسطول العثماني أي منصبة قبو دان باشا. وقد نجح البايلربايات الذين تداولوا على حكم الجزائر في:

4-11 التصدي لمزيد من الحملات الإسبانية على مدينة الجزائر ، و شرشال و مستغانم و غيرها، و إفشالها، و إلحاق خسائر كبيرة بها ، جعلت الإسبان في نهاية الأمر في موقف الدفاع، لا الهجوم. و لا سيما بعد فشل حملتهم على الجزائر في سنة 1541م التي قادها الإمبراطور شارلكان بنفسه. و القضاء على حملتهم الموجهة ضد مستغانم في سنة 1558م بقيادة حاكم وهران الكونت دالكوديت.

4-12 النجاح في تحرير العديد من المواقع التي كان يحتلها الإسبان، و في مقدمتها :

صخرة الجزائر البنون في سنة 1529، و عنابة في سنة 1540 ، و بجاية في سنة 1555 . و الإخفاق في تحرير وهران ، و المرسى الكبير، لتخليص الإسبان فيها، و وصول المدد إليهم من جهة البحر .

4-1-3 النجاح في توحيد أجزاء كثيرة من البلاد الجزائرية ، التي كانت تابعة للمماليك، و الإمارات، الحفصية و الزيانية، وللأمراء و شيوخ القبائل المنشقين عنهم، وربطها بمدينة الجزائر التي اتخذوها حاضرة للبلاد كلها، بحيث غدت معظم أجزاء الجزائر الحالية من مشمولات حكمهم .

و قد وجدوا في سبيل بسط نفوذهم عليها مقاومة و معارضة من سلاطين بني زيان، و بني أبي حفص، و غيرهم، وكذلك من الإسبان ، و أخيرا من الأشراف السعديين حكام المغرب الأقصى، إلا أنهم تمكنوا من التصدي بنجاح للسعديين من الحملات الإسبانية ما تقدم، و الحفصية، و الزيانية، و السعدية، وغيرها و من التغلب على مقاومات الزعامات المحلية.

4-14 القضاء نهائيا على نفوذ الزيانيين في تلمسان ، وتنس و كل الغرب الجزائري و ذلك في سنة 1551م، و على نفوذ الحفصيين في الشرق الجزائري ، و المساهمة في القضاء عليه حتى في تونس نهائيا في سنة 1574.

4-15 العمل على مد نفوذ الجزائر، والدولة العثمانية إلى المغرب الأقصى، و النجاح في مرتين على الأقل في ضم فاس و ممتلكاتها و ذلك في سنة 1554 ثم في سنة 1576، و تنصيب سلطان موالي لهم فيها و هو ابو حسون الوطاسي في المرة الأولى، وعبد المالك السعدي في المرة الثانية.

4-16 النجاح شيئا فشيئا في إرساء دعائم الحكم العثماني في الجزائر، و الشروع في احداث تنظيمات إدارية فيها، و تقسيمات إقليمية جديدة بحيث أصبح الغرب الجزائري بايليكية قاعدته الأولى مازونة ثم معسكر و مستغانم قبل أن يستقر المقر في وهران بعد فتحها الأول و الثاني في القرن الثاني عشر ، و أصبح الشرق الجزائري بايليكته أيضا قاعدته مدينة قسنطينة.

و غدا القطاع الأوسط من البلاد و يتشكل من بايليكية التطري و قاعدته مدينة المدية في قسمه الجنوبي. و من دار السلطان في قسمه الشمالي الممتد من دلس شرقا و تنس غربا. وهذا القسم كان تابعا مباشرة للإدارة المركزية في مدينة الجزائر. وقد كان على رأس كل بايليكية باي تابع لحاكم الجزائر، البايلرباي، أو الباشا، أو الآغا، أو الداي ،و هي التسميات التي حملها حكام الجزائر خلال مراحل العهد العثماني في الجزائر .

وقد نشأ حكام الجزائر العثمانيون مؤسسات عسكرية ، و إدارية و دينية ، و عملية ساعدتهم على التحكم في زمام الأمور في الجزائر و سيأتي الحديث عنها كمؤسسة ديوان الجند و طائفة الرياس و المؤسسة القضائية الخ .

4-17 نجحوا في إيجاد سند لهم في مهمتهم من بين أهالي الجزائر، و المهاجرين الأندلسيين الذين وفدوا على الجزائر بكثرة في القرن 10ه/16. وحتى القرن 11ه/17م . وكان لحكام الجزائر الفضل الكبير في إنقاذ عدد كبير منهم من جحيم الاضطهاد الذي كانوا يعانون منه في الأندلس بعد سقوط غرناطة، و تنكر الحكام الإسبان للعهود التي قطعوها لهم ،كما نجحو في استمالة كثير من الأعلاج إلى صفهم بفتح أبواب العمل أمامهم و الإرتفاع إلى أعلى المناصب في الجزائر .و كان لكثير منهم الفضل في تحقيق النجاحات المذكورة أعلاه، و أولهم حسن آغا خليفة خير الدين على الجزائر الذي كانت له أياد بيضاء في الدفاع على مدينة الجزائر ضد حملة شارلكان، و في إعادة نفوذ الجزائر على المناطق المستولىعليها، و توسعه إلى مناطق جديدة . و العلج علي الذي مد نفوذ الجزائر في عهده إلى تونس ، و حسن فنزيانو و غيرهم .

وقد برز الأعلاج على الخصوص في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17م مما أرغم الدول العديدة على في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17 م مما أرغم الدول العديدة على طلب السلم مع الجزائر،و القبول بدفع إتاوة لها، و في المساهمة في الحملات العثمانية و المعارك البحرية للدولة العثمانية كالحملة على مالطة، و معركة ليبايني و غيرها.

و يمكن القول على وجه الإجمال أن خير الدين و خلفاءه البايربايات قد نجحوا في إرساء دعائم الحكم الجديد في الجزائر إلى حد كبير. وما لم يتحقق في عهد البايلربايات، أتم تحقيقها خلفاءهم في مراحل الحكم العثماني الأخرى هي عهد الباشاوات 1587-1659. و عهد الآغاوات 1659-1671 و عهد الدايات 1671-1830 قبل أن يخفق حسين داي آخر الدايات في التصدي للحملة.

المصادر و المراجع العربية

1 - ابن أبي دينار أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعينى القيرواني

المؤنس في أخبار افريقيا و تونس .تحقيق و تعليق محمد شمام،ط3، تونس 1967م

2- التنسي عبد الجليل نظم الدر و العقيان في شرف ابن زيان، أو الترجمة الفرنسية ليبارجيس باريس 1852.

3- جودت أحمد تاريخ جودت، ترجمة عبد القادر أفندي ،بيروت 1308

4- المجهول غزوات عروج و خير الدين،تصحيح و تعليق عبد القادر نور الدين الجزائر 1430 .

5- المدني أحمد توفيق حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر و اسبانيا 1492/1792 ط1 الجزائر 1968

6-الوزان الحسن بن محمد المدعو الليون الأفريقي وسط افريقيا تحقيق عبد الرحمان حميدة 1399

7- التميمي عبد الجليل رسالة من مسلمي غرناطة الى السلطان سليمان القانوني عدد 23 /1975م

8- مجلة التاريخ تصدر في الجزائر من مركز الدراسات التاريخية ناصر الدين سعيدوني/ نظرة حول الوثائق العثمانية بالجزائر عدد4/1977م.

9- سامح عزيز الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية ترجمة عبد السلام أدهم ط1 بيروت 1969م

10- العقاد صلاح المغرب العربي ط3 مصر 1969م

المصادر و المراجع بالأجنبية

F .BRAUDEL: la Méditerranée et le monde méditerranéen à l’époque de philippe11

,23 vol ,paris 1966.

HAEDO (F.DEIGOD): histoire des rois d'Alger. (Trad .H.DE GRAMMONT) Alger 1881

MERCIE (E): Histoire de l'Afrique septentrionnale, 3 vol , PARIS 1891.

lundi 28 février 2011

العائلات التركية في مدينة المدية


* وللتعرف عن قرب على العائلات الجزائرية من أصول تركية توجهنا إلى مدينة المدية عاصمة التيطري في زمن العثمانيين والتي تمثل أكبر تجمع للعائلات التي تحمل أسماء تركية بالرغم أن عدة مدن جزائرية مازالت تضم هذه العائلات على غرار القصبة في الجزائر العاصمة وقسنطينة وتلمسان.
* وعندما سألت عن العائلات التركية أخبرتني معلمة من المدية أن هذه العائلات معروفة بعاداتها المختلفة خاصة في اللباس والمأكولات لكنهم في العادة يفضلون الزواج المختلط فيما بينهم، كما ينسب إليهم الثراء ويعتبرون من ملاك الأراضي وأصحاب الألقاب التي ورثوها منذ العهد العثماني وحتى العهد الاستعماري كالبشاغوات والخوجات.
* وسلمتني هذه المعلمة بحثا عن مدينة المدية يتحدث عن الفتح التركي للمدية بعد أن عاشت الخراب بسبب كثرة الحروب حيث جعلها الأتراك "قاعدة مهمة لهم وأسكنوا فيها قبائلهم وعشائرهم التركية وحولوها إلى مدينة تركية مثل مدنهم في الأناضول وبنوا فيها القصور والحمامات والصور التركي الذي لا يزال قائما إلى يومنا هذا".
* وعلى عكس ما هو معروف فإن هذا البحث يشير إلى أن فرنسا عندما احتلت المدية في 1842 عمدت على "القضاء على القبائل التركية قبل القضاء على بقية الجزائريين فقتلت من قتلت وشردت البقية وأحرقت قصورهم وبنت المستوطنات بها"، وبسبب سنوات الاستعمار وكذا سنوات الإرهاب في التسعينات "نزح الكثير من سكان الأرياف إلى المدية وأصبحوا يشكلون غالبية سكانها، وأصبحت العائلات التركية تشكل أقلية، وتتجمع هذه العائلات في أحياء صغيرة وبعضها يعيش بشكل متفرق داخل مدينة المدية".
* وما يلفت الانتباه في هذا البحث أن ذوي الأصول التركية "لا يزالون يفتخرون بأصولهم وأسماء عائلاتهم التركية ويتمنون إعادة إحياء لغتهم وهويتهم التركية".
* لكن أغرب ما قرأته في منتديات الأنترنيت عن اختلاف ذوي الأصول التركية عن بقية الجزائريين ما كتبه أحد أفراد عائلة دمرجي "أشكالنا تختلف عن باقي أشكال الجزائريين.
* وأخطر ما قاله دمرجي "إنه يعتبر نفسه جزائري الوطن تركي العرق مسلم الديانة"، أي أنه ينفي عن نفسه صفة العروبة رغم أنه من المعروف أن أتراك الجزائر لا يتكلمون سوى العربية، أما اللغة التركية فلا يتحدثونها ولا يجيدونها رغم استعمالهم بعض المصطلحات التركية التي ذابت في العامية الجزائرية ويقول دمرجي: إنهم ينطقونها بشكل مختلف عن بقية الجزائريين مثل "الزواللي" أي المسكين، وجنكل (ملقط ثمار التين)، و"ازبانتوت" (العازب).
* ويتحدث دمرجي عن اهتمام السفارة التركية بالجزائر بالعائلات من أصول تركية ويقول بأنه اتصل شخصيا بها وأرسلت له كتب تعلم اللغة التركية ويشير إلى زيارة وفد تركي في الثمانينات للجزائر قصد التعرف على العائلات من أصول تركية.
*
* كل بلقاني أو شركسي أو كرغلي يعتبر تركي؟
* وخلال لقائي بميلود بلحنيش مسؤول في المركز الثقافي المدية أكد لي أن الكثير مما يقال عن العائلات من أصول تركية في المدية غير دقيق، خاصة تلك التي تربطهم بالبشاغوات والخوجات في العهد الاستعماري ويؤكد أن فرنسا بعد أن احتلت الجزائر ألغت جميع هذه الرتب التي كان يتمتع بها الأتراك في العهد العثماني، مشيرا إلى أن البشاغوات والخوجات الذين عينتهم الإدارة الفرنسية كثير منهم لم يكونوا من أصول تركية.
* وقال بلحنيش إن الجزائريين من أصول تركية شاركوا كغيرهم من الجزائريين في ثورة التحرير وسقط منهم الكثير من الشهداء فعائلة دمرجي مثلا ضحت ب45 شهيدا من أبنائها، وهناك الكثير من الأبطال من أصول تركية على غرار الشهيد الرائد محمود باشن، مشددا على أن فرنسا الاستعمارية هي من حاولت خلق الحزازات بين الجزائريين في إطار سياسة "فرق تسد".
* ونفى بلحنيش وهو أحد أبناء المدية وجود أي جمعية لذوي الأصول التركية أو أي ظهور نعرة أو شعور بالتميز لدى هذه العائلات، مشيرا إلى أن المدية مرت بها عدة حضارات وشعوب على غرار البربر والفينيقيين والرومان والبيزنطيين ثم جاء العرب الفاتحين وقبائل بنو هلال وكان هناك تمازج وتأثر وتأثير بين هذه الشعوب، مضيفا أن الأتراك لم يدخلوا المدية لا محتلين ولا محررين لأن المدية لم تكن خاضعة للاحتلال الإسباني الذي تركز فقط في المدن الساحلية، ولكن المدية تعبت من كثرة الحروب بين الزيانيين (وعاصمتهم تلمسان) والمرينيين (في المغرب) والحفصيين (في تونس)، فلما جاءها الأتراك دخلوها بلا حرب.
* ونبهني ميلود بلحنيش إلى أن الأتراك اختلطوا بالجزائريين وتزوجوا منهم منذ قدومهم للجزائر وأنجبوا أجيالا من المولدين يدعون "بالكراغلة" وهو ما ينفي أن العائلات من أصول تركية لا تحبذ مصاهرة بقية الجزائريين، كما أن الجزائريين اعتادوا الخلط بين الكراغلة والمورسكيين أو الأندلوسيين العرب منهم واليهود والذين استوطنوا المدية بعد سقوط الأندلس حيث جاؤوا بعادات وتقاليد وفنون أثرت الحياة الثقافية في المدية والتي اختاروها لتشابه مناخها بمناخ شبه الجزيرة الإيبرية وهربا من الهجمات الإسبانية على السواحل الجزائرية في القرن ال16.
* ويضيف المتحدث أن "العائلات التي تحمل ألقابا تركية لا يعني أنها تنتمي إلى أصول تركية"، وإنما الكثير من الجيش الإنكشاري العثماني الذين دخلوا الجزائر هم في الأصل ينتمون إلى دول فتحها العثمانيون في شرق أوروبا وشمال آسيا وخاصة في البلقان (ألبانيا والبوسنة والهرسك...) والقوقاز (الشيشان وأذرابيجان، أرمينيا وتركمنستان...)، والجزائريون كانوا يعتبرون كل من ينتمي إلى الجيش العثماني تركي، وهذا ينفي الادعاء بأن العائلات التركية لديها خصائص مورفولوجية مشتركة ومختلفة عن بقية الجزائريين.
* إحدى الموظفات بالمركز الثقافي بالمدية التي قالت إن أخوالها من أصول تركية أوضحت لي أن هذه العائلات ليست كلها ثرية ولديها أملاك وعقارات كما هو شائع بل إنها تعرف الكثير منهم ذوي مستوى معيشي محدود، أما عن عدم تفضيلهم للزواج المختلط فأرجع بلحنيش ذلك لأسباب اجتماعية وطبقية أكثر منها لأسباب عرقية، "فالعائلات الغنية تفضل دوما تزويج بناتها لعائلات من نفس الطبقة الاجتماعية، وهذا الأمر ليس مقتصرا على العائلات من أصول تركية"، مشيرا إلى أن الزواج بين الأقارب عادة ما ينتج عنه أبناء متخلفون ذهنيا وغير أصحاء جسديا، مما يجعل الزواج المختلط غير محبذ لدى الكثير من العائلات.
* رجل أعمال تركي يشبه زنيقة الصومعة بأحياء اسطنبول العتيقة
* أحد الشباب الذين التقيتهم في المدية أخبرني أنه من أصول تركية ويحمل لقب زميرلي ويقيم حاليا في مدينة البرواقية، وقال لي إنه عندما بحث عن أصوله "وجد أن جده الرابع من مدينة إزمير التركية".
* و أما سفربوني مدير متحف الفنون والثقافات الشعبية وهو جزائري من أصول تركية فأوضح أن الألقاب التركية عادة ما تنسب إلى مهنة معينة، فعائلة بلقاضي نسبة إلى القاضي، وصبونجي نسبة لبائع الصابون، والخزناجي نسبة إلى مسؤول الخزينة، وكذلك الأمر بالنسبة لتشماقجي وبوقنداقجي وخوجة، وأما سفرباتي وسفربوني فقد تعني كثرة الأسفار.
* وخلال جولة قادتنا إلى بعض الأحياء العتيقة التي تعود إلى العهد التركي روى لي رئيس جمعية أحباب المدية السيد كمال فرقاني عن مدير مكتب دراسات تركي جاء إلى المدية للإشراف على ترميم أحد المساجد العتيقة، فدهش لما زار "زنيقة صومعة المسجد الأحمر" وقال لهم "وكأنني في تركيا".
* وتتميز هذه الأحياء العتيقة بضيقها وتشبه إلى حد ما القصبة في العاصمة ولكنها مستوية، وبناياتها من طابق أو طابقين على الأكثر، وسطحها قرميدي يناسب المناطق الماطرة، وشرفاتها صغيرة لكن النوافذ كبيرة، أما أرصفتها فتحتفظ بحجارة قديمة من العهد التركي وربما أقدم من ذلك.
* ومازال إلى اليوم أجزاء من السور التركي شاهدا على العهد العثماني في الجزائر ولو أن ميلود بلحنيبش يؤكد بأن هذا السور بني قبل العهد العثماني ولكن الأتراك أعادوا بناءه وترميمه لحماية المدينة من الغزاة، وكان بابه يفتح في الصباح ويغلق في الليل، ولم تكن المدية منغلقة على نفسها أو محصورة على العائلات التركية دون غيرها.
*
* العثمانيون أدخلوا المذهب الحنفي إلى الجزائر
* معروف أن المذهب المالكي هو المذهب السائد في الجزائر منذ قرون وعندما دخل الأتراك نشروا المذهب الحنفي في الجزائر ولكن بشكل محدود، وإلى اليوم يوجد في المدية مسجد الأحناف يصلي فيه أصحاب المذهب الحنفي، وأكد لي كمال فرقاني وسفربوني أنه لا يوجد أي خلاف أو صراع مذهبي في المدية لا في زمن الأتراك ولا في الوقت الحالي، بدليل أن الأحناف والمالكية يصلون مع بعضهم البعض مع الكثير من التسامح.
* ودعانا سفربوني لدخول متحف الفنون والثقافات الشعبية بالمدية والذي كان فيما سبق قصر الباي وقد بني في 1534 وبفضل أشغال ترميمه يمكنك الإطلاع على الفن المعماري التركي، وهذا المتحف القصر عبارة عن بناية كبيرة من طابق واحد وذو سطح قرميدي وفي وسط البناية توجد النافورة التي تتوسط الساحة وحولها أعمدة وأقواس جميلة، وخلف القصر توجد حديقة ومكان لربط الأحصنة.
* ويضم القصر المتحف عدة غرف تتضمن مجسمات لثقافات مرت بالمدية على غرار العهد العثماني والألبسة التي ميزت ذلك العهد مثل الفتلة والمجبود، والبرنوس، أما الحمامات التي لازالت إلى اليوم منتشرة بكثرة في المدية ولها طقوس معينة خاصة عند زفاف العروس، فكانت مبنية بشكل خاص في زمن الأتراك، فهي عبارة عن قبة تسمح بعودة البخار إلى الأسفل وعلى أطراف القبة نوافذ صغيرة لدخول الضوء وهناك نظام خاص لتصريف المياه من الحمام، وقبل الخروج من الحمام هناك ممر صغير وضيق يسمى "سقيفة الحمام" يرتاح فيه المستحم حتى لا يؤثر فيه النسيم البارد بالخارج.
* أما غرفة النوم فعبارة عن سرير مرتفع مبني بالحجارة والطين وتحتاج إلى درج خشبي للصعود إليه، وفي أسفله توضع الأغطية وأحيانا تخبأ به الغلال، كما يقف رجل مسلح من أصول شركسية (قوقازية) لحراسة الأمير عند نومه ويدعى هذا الرجل "سباسبي" ويحمل معه بندقية طويلة الماسورة، ولا يحق للسباسبي أن يتزوج أو يشكل عائلة لأنه مكرس فقط لحماية الباي.
* أما عن المأكولات التركية المشهورة في المدية فتتمثل في البرغل والمثوم والبقلاوة وتشارك والبغرير والسفيرية وهذه الأطباق والحلويات أصبحت اليوم جزء من المطبخ الجزائري ومعروفة حتى لدى العائلات التي ليست من أصول تركية.
* وما لمسناه عن قرب من الجزائريين من أصول تركية اندماجهم التام في البوتقة الجزائرية، وعاداتهم وتقاليدهم أثرت الثقافة الجزائرية وصارت جزء منها، وإن كان فيهم من يرغب في إحياء الهوية التركية فهذا الأمر لا يجب أن يؤثر على الانسجام الاجتماعي الداخلي للشعب الجزائري الغني بتراثه الثقافي المتنوع والذي يعتبر فخر لكل الجزائريين.
*
*
* سفربوني مدير متحف ومنحدر من أصول تركية، للشروق:
* ليس بيننا من يريد إحياء التركية، ولغتنا هي العربية
*
* ماذا بقي من العهد التركي في الجزائر؟
* لازالت هناك عائلات كثيرة من أصول تركية متجمعة في بلدية المدية على اعتبار أن المدية كانت تضم ثكنة عسكرية تركية تضم أفراد من الجيش الانكشاري المكلفين بالعمليات العسكرية وجمع الضرائب ولم يكن مسموحا لهم بالزواج، فلما خرج الأتراك من المدية بعد الاحتلال الفرنسي استقر الانكشاريون بها ليتزوجوا من بنات الأهالي في المدية وبدؤوا يخلفون أجيالا جديدة تحمل أسماء تركية بقيت كخيط يربطهم بماضيهم، وهم الآن يعيشون بصفة عادية كجزائريين.
*
* وماذا عن العمران التركي الذي مازال قائما إلى اليوم في المدية؟
* هناك القصور التركية من بينها قصر الباي الذي نحن متواجدون فيه الآن والذي بني في 1535 وهو ذو طابع معماري إسلامي، والأتراك قبل مجيئهم إلى الجزائر وجدوا طبوع معمارية أخرى منذ الفتوحات الإسلامية الأولى على غرار القصبات التي لم يشيدها الأتراك وإنما كانت موجودة قبلهم، ومدينة المدية بناها الأهالي وليس الأتراك الذين جاؤوا كحماية في سنة 1516، ولكن هناك بنايات ذات طابع عثماني على غرار دار الأمير خالد، ومنازل قادة العساكر الأتراك التي بنيت على نفس الطراز والهيكل والهندسة المعمارية العثمانية والتي كانت إضافة للفن المعماري في الجزائر.
*
* سمعنا أن هناك عادات وتقاليد خاصة بالعائلات ذات الأصول التركية، فيما تتمثل؟
* طبعا بل إن الكثير من الألبسة الجزائرية هي في الأصل تركية مثل الحايك والعجار والقشابة والطربوش والبرنوس والتي توارثها الناس من جد لجد، فالنسيج مثلا "جعابي الحمبل" من أصل تركي، وفي الطبخ إعداد الدجاج بالبصل والطماطم طريقة تركية وكذلك الأمر بالنسبة للمحمصة مع الخليع (اللحم المملح) ويؤكل في الشتاء، وكذلك "الرُّب" وهو عبارة عن ترسبات العنب المغلى 16 مرة تحت درجة حرارة 100، ولا يضاف له السكر حتى يبقى طبيعي، وسمي بالرب لأنه يمثل ربع ما يتبقى من العنب في القدر، وهناك أيضا "حلاوة العنب" تعد بالدقيق واللوز وتغطس مرارا وتجفف مثل حبة الكاشير وتأخذ وقت حتى تكون جاهزة للاستهلاك وتقسم، وهناك بطاطا بالفليو، والرشتة والطبيخة وهي متعددة الخضر مع البرغل والفول، أما الشربة فتسمى "البصير" ويتم إعدادها بالفول المقشر وبالمرق الأبيض بدون طماطم، وورق الثوم بالبيض بالطماطم وهي أكلة مقاومة للبرد المشهورة به المدية وهناك وكذلك الكسكس تركي.
*
* حتى الكسكس تركي؟
* أجل، ولكن لديه صبغة جزائرية، فنفس الكسكس الكوجود في الوسط تجده في الشرق والغرب الجزائري لأن الأتراك وصلوا إلى هذه المناطق باستثناء الصحراء الجزائرية ويمكنك ملاحظة أن كسكس الصحراء أسود و"خشين" مختلف عن كسكس الشمال الذي له طابع واحد حتى في منطقة القبائل.
*
* ما لاحظناه أن سكان المدية ورثوا عن الأتراك ثقافة الحمامات المنتشرة بكثرة ولها طقوس معينة خاصة في الأفراح، فما هي هذه الطقوس؟
* الحمامات التركية تتميز بالتهوية والإضاءة الطبيعية، ويتم تسخين الماء بالخشب ويمشي الماء الساخن في زقاق الحمام الذي يسمى "الصرة"، معطية الحرارة داخل الحمام، وتساعد قبة الحمام في إرجاع البخار والحرارة إلى الأسفل حتى يعرق المستحم ليغسل بشكل جيد، أما بالنسبة للغسول فيسمى "الطفل" ويصنع من الصلصال ويوضع على الشعر حتى يصبح انسيابي، والأتراك قديما كانوا يرفقون مع العروس وصيفتين يلبسونها القبقاب ويقومون بتحميمها باستعمال القدر والغاسول والطاسة الخاصة بها.
*
* وجدنا في بعض منتديات الأنترنيت شباب يدعون أنهم من أصول تركية ويرغبون في إحياء الهوية واللغة التركية وكلام خطير عن اختلافات مورفولوجية وعرقية عن بقية الجزائريين، ما حقيقة ذلك؟
* ليس هناك بيننا من يريد إحياء اللغة التركية في الجزائر، ولم يسبق لي أن التقيت بأشخاص يرغبون في إحياء اللغة التركية فلغتنا هي اللغة العربية لغة الجزائر إنشاء الله، ولغة القرآن الكريم، ولكن هناك مصطلحات متداولة ذات أصل تركي مثل "اللبه" التي تعني "منذ قليل"، و"البالا"، و"البرغل"، والناس بقيت محافظة على التقاليد، ، حتى أنني اقترحت أن يكون لدينا مهرجان وطني للرقص الفلكلوري التراثي الشعبي عن طريق الأطفال

العلامة الشيخ محمد الفضيل اسكندر


من هو هذا العالم الجليل الذي كرس حياته في نشر العلم ومحاربة البدع والخرافات والطرقية شأنه شأن عبدالحميد ابن باديس رائد النهضة الجزائرية.
ولد الشيخ الفضيل اسكندر بالمدية سنة1901 وتوفي بها يوم 14 أفريل 1982م.
تعلم العلوم الإسلامية والعربية على يد جده أحمد وبعض المشايخ من أمثال الشيخ بلحصيني والشيخ مفتي مصطفى بالمدية ثم انكب على المطالعة والدراسة حتى حصل على معارف واسعة ومن ثم برزت شخصيته.
ومن دروسه التي ألقاها بمسجد الحنفي شرح الترغيب والترهيب في الحديث للشيخ المنذري إلى آخره وعلوم الفقه.
بدأ تفسير القرآن عام 1935م بعدما زاره في المسجد الشيخ عبدالحميد ابن باديس وأجاز له في ذلك إثر مناظرة بينهم دامت بعد الزوال حتى طلوع الفجر، وكان آخر كلام قاله الشيخ عبدالحميد ابن باديس للشيخ الفضيل اسكندر ماذا تنتظر لكي تبدأ في تفسير القرآن؟ ومن ثم واصل تفسير القرآن سورة بعد أخرى وآية بعد أخرى دون انقطاع حتى ختمه سنة 1969م من دون حفل وقد صادف ختمه يوم الجمعة والوقوف بعرفات، وزيادة عن تفسير القرآن برع في عدة فنون منها الحديث الشريف الذي تبحر فيه حتى لقب بصيار الحديث، والواحد والثمانين حديث الذي أخرجهم من الكتب الستة المرتبة على حروف المعجم والمتفق عليها لفظا ومعنا لدليل على ذلك، وإن تحدث عن التاريخ تجده عارفا ملما بكل صغيرة وكبيرة من العصور القديمة إلى العصر الحديث. وإذا ترك هذا كله ومال بك إلى اللغة والأدب فيتخيل له الصاغي أنه لا يتقن سواهما، وله ثلاثة قصائد الأولى في فضل العلم كتبها بمناسبة أول نادي ثقافي فتح أبوابه بالمدية سنة1962م والثانية بمناسبة تدشين مسجد النور سنة 1969م والثالثة في البد و الخرافات كتبها سنة 1934م.
كانت له ميزة قلما تجدها عند غيره وهي قوة الذاكرة، كان لا يقرأ كتابا إلا وحفظه وكان يعد من حفاظ الحديث الشريف مما عرف عليه كان حافظا للكتب الستة أي ما يقارب 350.000 حديث ومما عرف عليه كذلك كان إذا تعسر عليه أمرا عند مسألة أو استغناء مسح على جبهته فيجد الحل وسرعان ما يتقلب السائل أو المستفتي مسرورا بالحل.
سئل مرة عن هذا السر فبكى شديدا وقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام مسح بيده الكريمة على جبهتي كذلك كان لا يتعصب لمذهب ما رغم تقيده بالمذهب الحنفي أينما صح الحديث فهنالك مخرجه ومذهبه، كما اشتهر على العلماء ولا سيما أصحاب المذاهب، كان عضوا في جمعية العلماء ورئيسا نشيطا في فرع المدية، المنصب الذي منحه إياه الشيخ عبدا لحميد ابن باديس عام 1935م وعضوا أيضا في مجلس الفتوى، كما درس في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر سنة 1948م كان معروفا لدى العلماء الجزائريين كالشيخ العربي التبسي والشيخ الإبراهيمي والشيخ الميلي وغيرهم بإطلاعه وفكره الواسع، كانت له مناظرات معهم مما جعلهم يعترفون بعلمه وفكره الواسع إلى درجة الاجتهاد.
أما عن المستوى العربي كان يراسل مشايخ الأزهر آنذاك يستفيد ويفيد وفي سنة1968 زاره الدكتور الفحام عميد الأزهر واعترف له بالعلم الوافر وهو الذي أطلق عليه اسم صيار الحديث وقبل رأسه، وكذلك ناظر الشيخ الشعراوي في حفل أقيم على شرفيهما ودامت المناظرة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر،خرج فيها الشيخ الشعراوي مبهوتا من سعة فكره وإطلاعه العميق.
أما مناظرته مع علماء الزيتونة أثناء سفره إلى تونس في نهاية الأربعينيات، كانت أروع المناظرات أطنب وأفاد وأجاد فحاولوا تعجزه فكان سؤالهم ماذا نقول في قوله تعالى فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون.
فأسهب وأطنب في فضل الكلب وضرب في ذلك الأمثلة من نثر ونظم وحكم وتعداده لمزايا الكلب الكثيرة فقال إلا أنه فيه خصلة واحدة ذميمة وهي نكرانه للضيف فسكتوا وقالوا لم نكن نقصد ذلك.
أثناء أدائه فريضة الحج سنة 1966م كانت له لقاءات مع علماء المدينة ومكة كما أنه زار الطائف وحصل على رخصة الدخول إلى الكعبة الشريفة ولكن لم يتم له ذلك بسبب تصادف يوم دخوله الكعبة مع يوم عودته للجزائر.
وخلال زيارته للطائف سجل اسمه في السجل الذهبي المخصص للوفود الزائرة من رجال العلم والأدب والسياسة.
نختم هذه الكلمة بلمحات عن أحواله الشخصية لقد ظهرت في صغره استعدادات ونجبات فكرية تفطن إليها بعض الشيوخ نذكر من بينهم ابن عمه محمد بن رمضان الذي تعلم عليه القرآن، لاحظ فيه سرعة الحفظ بحيث أنه كان يمحي اللوحة مرتين في اليوم بينما زملاؤه يمحون مرة واحدة في اليوم، وحفظ القرآن وله 9 سنوات.
ذات مرة كان رديف جده أحمد فقص عليه رؤيا رآها في المنام وهو طفل صغير لا يتجاوز الإحدى عشرة سنة وهي رأى نفسه في مسجد جده وهو يعطر أماكنة فبكى جده وقال ستكون خلفتي وكان الأمر كما أول الرؤيا ويحكى أن والي مليانة سيد أحمد بن يوسف تفرس فيه علو شأنه وهو صغير فقال لجده أحمد سيكون لهذا الطفل شأن كبير.
ومن علامة نبوغه في الفقه وتفطنه له وهو طالب له من عمر تسعة عشر سنة امتيازه على شيخه بن حسين في الفتوى وتفوقه عليه في الرتبة فنصحه شيخه مواصلة التحصيل حتى وصل إلى ما وصل إليه، ولما تقلد الإمامة اشتهر بفتاويه حتى انتهت إليه رئاسة الفتوى بعد وفاته رئيت له منامات صالحة منها رأياه ذات يوم في الجنة وهو يدرس لأهلها. تغمده الله برحمته الواسعة.