تاريح مدينة البليدة
مدينة البليدة وهي تصغير لكلمة بلدة، أسسها الأندلسيون وهي إحدى مدن الجزائربعد سقوط غرناطة سنة 1492 في أيدي الجيوش ملوك الكاثوليك )روكن كويسطة) بنفس روح الصليبية خرج منها الوالي الصالح و العلامة الخبير سيدي أحمد الكبير رفقة أبنه سيدي بلقا سم و حل بالمنطقة التي كانت معروفة بمياهها العذبة و الكثيرة . . و ما أكثر المعاصر و المطاحن و تربية المواشي بمختلف أنواعها و قنوات السقي العجيبة إلا دليل على وفرة الماء و خصوبة الأرض.
و قد سماها البليدة بعد تهيئتها و تأسيسها مع أبنه الذي كان له دورفعال في ذالك.و كان ذالك في عام 1525 م و به نشأت الخلية العمرانية الأولى للمدينة .
فقد كانت البليدة بجمالها الخلاب وموقعها الفاتن تذكر سيدي احمد الكبير بغرناطة طبيعة و مناخ و جمالا .
و قد كان هذا الرجل مفصلا عن داريته بشؤون التهيئة و العمران كان عالم في الفقه و القضاء. و خبير من خبراء الريّ و أصله من أشبيليا . درس بجامعة قرطبة و تألق . خالط سكان المنطقة و نال احترامهم و ثقتهم و قد آزروه و قدموا له يد العون و حققوا معه المشاريع التي جعلت من البلدة الصغيرة مدينة ذات هندسة و إتقان حضارة ..فقد أستطاع الخبير أن يجعل كل روافد المائية تصب من البلدة الصغيرة في واد واحد هو المعروف بواد سيدي الكبير
و لم يقتصر عمله على ذالك بل تجاوز إلى غيره فقد كان يفكر باستمرار في بناء المدينة و تهيئتها للحياة ألائقة. فهو صاحب تسوية المدينة و تخلله سبعة أبواب هي :
باب الجزائر
بابالزاوية
باب الخويخة
باب السبت
باب القبور
باب القصب
باب الرحبة
و بذالك تتم الشكل الهندسي الرائع للمدينة
كما كان للشيخ سيدي احمد الكبير نشاط متميز في إرشاد الناس و رفض نزاعاتهم و لم ينه الوالي الصالح بموته رحمه الله فقد انحدرت من نسله العائلات الثلاث :
إلمام
ألعروسي
الشرفة
فقد كان يعقد مجالس الصلح و الحكم بين القبائل بالشريعة التي سميت بهذا الاسم نسبة للشريعة الإسلامية و التي كان يقصدها المتخاصمون القاطنون بها وبجوارها فهو كثير التنقل بين القبائل من ( بني الصالح . بني ميصرة . بني مسعود وغلاي......)) و هي القبائل سكان أصليين
منطقة الشريعة البليدة
كما كان يتفقد أحوالها و يصلح من شؤونها من جرجرة إلى الونشريس . وكان مسموع الكلمة لما يتحلى به من خصال عالية كالإخلاص و حسن الفهم و نبل الغاية
الأمر الذي جعل خيرالدين باشا يزوره في بيته في واد رمان و يهنئه و يعده بتقديم يد العون لتحقيق بعض المشاريع كالمسجد الفرن و الحمام و المطحنة . كما آن الشيخ من جهته اتفق معه على جلب الاهتمام بالفارين من الإظطهاد جيوش ملوك الكاثوليك و المقيمين بمتيحة و جبال شنوه وسط مدينة البليدة
و كان بعض هؤلاء ذو الحرف و خبرات فانظموا إلى السكان و تأقلموا وساهموا في تحسين الظروف . كما زاروه الوالي الصالح العلامة سيدي احمد بن يوسف لمدينة مليانة الذي أطلق على مدينة البليدة تسمية ((الوريدة )) إعجابا بجمالها ورونقها .
و قد انطبع عمران المدينة بالطابع العربي الإسلامي فجمع إلى الهندسة العريقة الحس الجمالي والحضاري الذي عرف به المسلمين أيام العز و الثراء.
و تثبت الحقائق أنه كان بالبليدة اثنان و خمسون 52 مؤسسة تربوية من الابتدائي إلى المستوى العالي فضلاعن عشرة مدارس خاصة بالتكوين و الحرف.الأمر الذي جعل كثيرا من كبراء الأتراك من العاصمة يبعثون بأبنائهم إلى البليدة للدارسة و مخالطة البلديين لما يتمتعون به من رقة و حضارة و حسن فهم.
و مما يذكرون في هذا المجال أن إبراهيم خوجة الذي كان إماما بمسجدالسفيرة بالعاصمة كان يحب البليدة حبا جما لتحضرها و رقيتها و قد عرف عن البليديينالتفتح على الغير و كرم و الضيافة و الاحتفاء بكل زائر فأنت إذا نزلت بالبليدة سمعت اللحن و شممت الروائح العطرة و رأيت الهندسة المنسجمة و أكلت ما لذا و طاب .
كيف لا و هي التي احتضنت الفن الأندلسي و كان لها خط خاص بها زال بدخول الاستعمار الفرنسي الغاشم . ولم يكن أهلها ممن لا يبالي بإخوانهم في المناطق الأخرى. فقد عرف أنهم كانوايساهمون بمساهمة جد معبرة و منظمة و بدون انقطاع. كانت توجه إلى خزينة الحكم المركزي و إلى الأراضي المقدسة و ذالك إلى غاية عام الزلزال 1825 الذي أدي بأكثر من 11000 ضحية و أثر في عمرانها بتدميره الشامل و رغم ذالك قاوم السكان دخول الاستعمار .و التاريخ يؤكد أن جيش الاستعمار لم يستطع أن يتقدم نحو مدينة البليدة إلا بعدأربعة عشر عاما من المقاومة و الثبات .
فقد ضرب أهل المنطقة أروع الأمثلة في الجهاد فأذاقوا المستعمرالأمرين ببأسهم الشديد و إقبالهم على الشهادة
و كان ذالك تحت قيادة كل من الشيخ أبن زاعمون والشيخ بن عيسى و قد بلغت هرة مقاومة البلديين مبلغا جعل الأمير عبد القادر نفسه يبعث بمنشور إلى ولاة المناطق يدعوهم فيه إلى تطبيق المثال البلدي في المقاومة .. الذي كان شعاره أفضل أنواع الدفاع – هو الهجوم – و قد دامت بموقع مشدوفة- و هو مدخل من مداخل مدينة البليدة. معركة مدة سبع أعوام قام المستعمر بعدها بمجزرة رهيبة ذات بعد آبادي أكثر ضحاياها من النساء و الأطفال و قد سالت دماؤهم بغزارة و كانت تسيل كالوديان تتدفق في كل من حي الدويرات و حي الجون و سيدي يعقوب.جانب من حي الدويرات الشهير
هذه هي البليدة التي تعرضت للاستعمار الغاشم فشوه صورتها و طمس تاريخها و سكت عن أمجادها و مما يذكر في هذا الصدد أن مسجد الكوثر حاليا كان عند الاستعمار مسجدا كبير يسمى بمسجد سيدي احمد الكبير فحوله المستعمر سنة 17 أوت 1847 إلى كنيسة
ثم استولى بعد عشرة أيام على ملحقات بمسجد الحنفي و إعطاءه للمتدينين اليهود .
المسجد الحنفي الذي حوله الاستعمار لليهودكما حول مسجدا مالكيا إلى مستشفى عسكري و هو معروف بمستشفى (ديكور
وقد صودرت الأراضي بإكمالها حتى أراضي السيد إبراهيم خوجة و لم تسلم من ذالك فقد سلمت أراضيه كتراب مقابر نصفه للمسيحيين و نصفه لليهود و في ذالك برهان على البطش والنهب و الغضب .
فاستحوذا عليها المستعمر الذي ملك المال و سعى طمس الشخصية العربيةالإسلامية
و لبشاعة ماحدث قامت شخصية عسكرية دموية مسماة العقيد تروملت
· Trumlet
· بتكليف من السلطة الاستعمارية بتزييف كل الحقائق التاريخية و تفنن في نشر الإدعاءات المغرضة و تشويه سمعة سكان متيجة عامة و البليدة خاصة
و نحذر و نعيب على بعض أشبه المؤرخين الحاليين اعتمادهم على أثارهذا العقيد إثناء محاولة الكتابة عن منطقة متيجة و مدينة البليدة
و لم يستسلم السكان بل قاوموا المحتل و قاطعوه و لجأت بعض الشخصيات المتعلمة إلى المحافظة على الدين الإسلامي الحنيف و اللغة العربية و ثم ذالك بالمساجد و الزوايا و الكتاتيب و ثبتوا في الميدان حتى بلغ عددهم في النصف الأول من القرن العشرين المئات ثم قاموا بفتح المدارس الحرة . الأمر الذي وطد علاقاتهم بجميعه العلماء المسلمين التي كانت لهم وللوطن دعامة و سندا عم خيره و بركاته كل أرجاء الوطن .
و قد تعدد صورة المقاومة لكثرة صور القهرالمقابل.فالمستعمر لم يترك شبرا بالظلم و لا نفس بلا حرج فقد سعى إلى طمس الشخصية الجزائرية العربية الإسلامية فلم يبقى له لسان فصيحا يعبر به ولم يتح له فرصة التعرف على تاريخه المجيد حتى يبقيه نبتة ضعيفة لا عروق و لا جذور و لم يسمح له بامتلاك أي شيء حتى يشعر بالعزة و الكرامة . الأمر الذي والد أجيال من هذه الأمة تحي بلا تاريخ و لالسان و لا أمان فنتيجة لهذا الوضعية السيئة و المأساوية هب ناسم من يسر الله لهم سبل العلم التعلم و الوعي فشمروا عن ساعد الجد و نذروا أنفسهم الله ثم للوطن .
ففتحواالمدارس و انشئوا المعاهد لتربية الشباب و قام العلماء و الوطنيون ببث روح الوطنية في النفوس ورطوا الحاضر بالمستقبل و أبرازو للناس تاريخ أجدادهم المجيد ليتعلموامنه الدروس و يستلهموا العبر .
و لم تكن مدينة البليدة بمنأى عن كل ما حدث. ففضلا عن قوافل الشهداء و المجاهدين الذين حملوا السلاح
قام العلماء فنانون و رياضيون كل من موقعه بتوعية الناس و شحذ هممهم من اجل الاعتناق و ستراد الحرية .
و تعليقا على حرب التحرير تكتفي بما قاله اللواء : ماسوMassu
و هو أعلى مسئول على القسم المظليين الرواد و احدكبار نخبة الجيش الفرنسي في كتابه عنوانه (( حقيقة حرب الجزائر )) الطبعة الأول --- في العديد من العمليات العسكرية شاهدنا عدوا إعطانا دلائل على فن القتال و أدلة على ىشجاعة عظيمة و إيمان راسخ عند الشباب .فقد سقط الكثير منهم برصاصنا كما سقط أولادنا برصاصهم ---
فهذا اعتراف منه ببطولة المنطقة بالرغم من عجرفته و دمويته .فلم يبقى على إنكار ما كانيجري بجبال البليدة التي عرف أهلها بالشموخ و الأنفة .
و بفضل المقاومة المختلفة و الانتفاضات المتلاحقة ثم النضال السياسي فالتضحيات الجسام كل هذه المعاني نقدم 16 شخصية يمثلون
صورمختلفة للنضال و المقاومة و هو عدد قليل من كثير حيث هو بمئات من الأشخاص
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire