تــــاريـــخ ظهــــور الطـــــــوابع الــــبريديـــة
طابع البريد post stamp مصطلح يطلق على وريقة مصمغة ذات قيمة محددة تحمل صورة أو رسماً أو زخارف رمزية ورقما يدل على ثمنها تلصق على المراسلات البريدية دلالة على أنها «خالص الأجرة».
لمحة تاريخية
تعد بريطانية أول دولة تبنت طوابع البريد عام 1840]. وكانت إدارات البريد قبل ذلك تعاني صعوبات في تحصيل ما يترتب لها من أجور و ما تتحمله من خسائر نتيجة «الدفع عند التسليم»، إلى أن تقدم الإنكليزي رولند هيل Rowland Hill مطلع عام 1837 باقتراح «إصلاح البريد» وتوحيد أجرة الرسائل على أساس الوزن بغض النظر عن المسافة، و«تخليص الرسالة مسبقاً» باستعمال أوراق مدموغة يكافئ ثمنها أجرة البريد، تلصق على الغلاف سميت «طابعاً» stamp. ووُضِع الطابع في التداول ابتداء من 6 أيار1840. حمل أول طابع رسماً جانبياً لرأس الملكة فكتوريا (1819-1901) على خلفية سوداء بقيمة بنس واحد. وقد عرف هذا الطابع بسبب قيمته ولونه باسم «البنس الأسود».
كانت الطوابع أول عهدها مستقيمة الحواف غير مخرمة تطبع على طروس، يفصل الطابع الواحد منها عن الطرس بالمقص، وفي عام 1847 اقترح تثقيب محيط الطوابع ليسهل فصلهاعن الطرس فصار لها شكل الحواف المخرمة المعروفة اليوم. حذت بقية دول العالم حذو بريطانية فكانت البرازيل الثانية في إصدار طوابع سميت «عين الثور»، وفي عام 1847 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تصدر طوابعها البريدية، وتأخرت فرنسة في استعمال الطوابع حتى بداية العام 1848 غير أنها كانت أول دولة تستعمل طوابع.
ولم يقتصر استعمال الطوابع البريدية على تخليص الرسائل بل تعداها إلى تخليص البرقيات والمطبوعات والطرود والحوالات البريدية والمواد المسجلة المؤمن عليها والرسوم.
أنواع الطوابع البريدية
استوجب تطور الخدمات البريدية والمجتمعات استعمال الطابع في مجالات كثيرة فتعددت أنواعه وتشعبت استخداماته.
طوابع البريد العادية: وهي الأكثر استعمالاً ويطلق عليها اصطلاحاً «الاصدارات العادية» emissions ordinaires وتتألف عادة من فئات مختلفة تتناسب مع التعرفة المطبقة وتطبع بكميات كبيرة وتحمل صور الملوك والرؤساء والمشاهير أو معالم البلاد السياحية والدينية والثقافية والمشاريع الاقتصادية والعمرانية المميزة.
طوابع البريد الجوي: ظهرت بعد أن شاع استعمال الطائرات في نقل البريد وتحمل عبارة «بريد جوي» أو صورة طائرة تميزها من الطوابع العادية، وتزيد قيمتها عنها لأنها تشتمل على العلاوة الجوية.
طوابع البريد الحكومي: وهي لا تختلف عن طوابع البريد العادي إلا برسومها وزخارفها المبسطة غالباً، وتخصص لاستعمال الدوائر الحكومية والرسمية فقط، وقد تكون طوابع بريد عادي من فئات التخليص الداخلي وشحت بعلامة أو كتب عليها «رسمي» أو «حكومي».
طوابع البريد العسكري: وهي طوابع تصدرها بعض إدارات البريد للتخليص على رسائل العسكريين زمن الحرب، ولا تباع في مكاتب البريد، فئاتها محدودة ولا تزيد قيمتها على أجرة الرسالة العادية في التخليص الداخلي.
طوابع البريد المخصصة للمشروعات الخيرية والإنسانية: وهي مجموعات طوابع شرعت بعض إدارات البريد في إصدارها منذ بداية القرن العشرين وتحمل علاوات إضافية على فئة الطابع الأصلي يرصد ريعها لمساعدة الجمعيات الخيرية كالصليب والهلال الأحمرين ورعاية الشباب واللاجئين وغيرها. ولا تدخل العلاوة الإضافية في حساب أجور التخليص.
-طوابع البريد الموشحة: تلجأ إدارات البريد أحياناً إلى توشيح بعض طوابعها أو كلها لتبديل موضوعها أو فئتها أو عائديتها حين تدعو الحاجة في حالات خاصة طارئة كتعديل التعرفة أو نفاد فئة منها، وتعد الطوابع الموشحة إصداراً جديداً.
طوابع البريد الخاصة بالمنظمات الدولية: في العام 1922وشحت إدارة البريد السويسرية بعض طوابعها بعبارتي: «عصبة الأمم» Societe des Nations و«مكتب العمل الدولي» Bureau International de Travail وخصصتها للتخليص على مراسلات هاتين المنظمتين الدوليتين والعاملين بهما فقط، وعلى غرار ذلك مُنح مكتب الأمم المتحدة في جنيف عام 1950 الامتياز نفسه.
ولمنظمة الأمم المتحدة مكتب بريد مقره مبناها في نيويورك معترف به من الاتحاد البريدي العالمي منذ العام 1951، تستثمره إدارة البريد الأمريكية بطوابع خاصة بالمنظمة تؤول محصلتها إلى خزانة البريد الأمريكية لقاء ما تؤديه من خدمات، أما إدارة مكتب بريد المنظمة فتشرف على إصدار الطوابع التذكارية وبيعها للهواة لصالح المنظمة.
وسائل التخليص البريدي الأخرى: تلجأ بعض إدارات البريد من أجل تسهيل عمليات التخليص على المراسلات إلى إصدار طابع من فئات صغيرة يحمل مسبقا عبارة «خالص الأجرة» يلصق على المطبوعات، ولا يدمغ بخاتم مكتب الإيداع، وقد اصطلح على تسمية هذه الاصدارات «الطوابع المبطلة سلفاً». وثمة وسائل أخرى للتخليص على المراسلات الكثيرة العدد التي تصدر عن جهة واحدة منها دمغة آلة التخليص في مكاتب البريد الرئيسية، أوالمؤسسات التجارية والصناعية الكبيرة. وكذلك «قسيمة الجواب الدولية» ولها نموذج خاص، ويمكن أن يستبدل بها في أي كوة بريد تابعة لتلك الدول طوابع بريدية تعادل قيمتها قيمة التخليص على الرسائل العادية الصادرة عن ذلك البلد إلى الخارج.
طوابع البريد التذكارية: تصدر الطوابع التذكارية عادة لمدة محددة، وهي غير معدة لتحل محل الإصدارات العادية إنما تزاحمها في البيع. وقد أدركت الدول المختلفة أهمية طابع البريد ودوره في إيصال اسم البلد إلى جميع أنحاء المعمورة فرأت أن تجعل منه وسيلة لتعريف العالم بها، وتوسعت في إصدار طوابع بريد عادية أو في المناسبات المختلفة تحمل رسوماً وصوراً تمثل آثار البلد وثقافاته.
هواية جمع الطوابع
جمع الطوابع stamp collecting أو philately هواية معروفة في العالم. وتنفرد هواية جمع الطوابع عن غيرها بكونها متاحة لجميع الناس لما توفره من متعة وثقافة إضافة إلى الكسب المادي والادخار، وهي لا تتطلب نفقات كبيرة أو تجهيزات خاصة، ومع أن بعض الهواة قد ينفق الآلاف لشراء الطوابع النادرة أو ذوات القيمة منها، وثمة مجموعات مهمة كثيرة بدأت بادخار الطوابع المستعملة. وغالباً ما تكون الطوابع التذكارية والإصدارات الخاصة والطوابع الأجنبية بداية جيدة.
بدأت هواية جمع الطوابع مع وضع أول طابع بريد في التداول في بريطانية، و سرعان ما اتسع نطاقه فشمل كل فئات الناس، حتى الملوك والرؤساء والعلماء والفنانين والأدباء. ولعل أشهر من مارس هذه الهواية من هؤلاء الملك جورج الخامس والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت.
في عام 1861 أصدر شخص من ستراسبورغ يدعى أوسكار بيرجر- ليفرو Oscar Berger-Levrault أول قائمة تضم الطوابع التي صدرت حتى ذلك الحين، وتبعه في ذلك كثيرون، وفي عام 1862 صدر أول مصور (كاتالوغ) للطوابع في لندن. وتصدر اليوم في العالم عشرات مصورات طوابع البريد.
إن موضوعات طوابع البريد كثيرة ومتنوعة وهي تبرز عادة تراث الأمة وتاريخها وتقاليدها ومنجزاتها، وتحيي ذكرى أبطالها وأعيادها القومية، وجمال البلاد التي تصدر عنها، وتعد وسائل النقل المختلفة من الموضوعات المفضلة لدى مصممي طوابع البريد. وبسبب كثرة الإصدارات التذكارية وازدياد عدد الدول تضخمت أعداد طوابع البريد وأنواعها وفئاتها إلى درجة لا يمكن حصرها. لذا اتجه معظم الجامعين من هواة وتجار طوابع إلى التخصص بمجالات محددة من تلك الهواية، كجمع طوابع بلد معين أو قارة أو حقبة معينة من الزمن، أو أنواع محددة من الطوابع في موضوع بذاته أو ألوان بعينها، كالطوابع التي تحمل صور لوحات فنية أو موضوعات دينية أو زهور أو أسماك أو غير ذلك. ويطلق على هذا النوع من الهواية «الجمع الموضوعي». كذلك يعد جمع الطوابع المدموغة أو غير المدموغة والمواد البريدية الموسومة بدمغة خالص الأجرة نوعا من التخصص. ومن الناس من يهتم بجمع طوابع البرق أو دمغات أختام الأعياد أو الطوابع المالية أو البطاقات البريدية.
ثمة طوابع يوليها الجامعون أهمية كبيرة ويقوّمونها بمبالغ مرتفعة لأسباب كثيرة أبرزها ندرتها. وغالباً ما تحدد قيمة الطابع، استناداً إلى قانون العرض والطلب. أما أغلى طابع في العالم فكان طابعاً صدر عن غويانة البريطانية بقيمة بنس واحد سنة 1856، وهو الوحيد من نوعه، وقد بيع في مزاد علني عام 1980في مقابل 850000 دولار. وهناك طوابع كثيرة مرتفعة القيمة جداً، ومنها طابع البنس الأسود البريطاني وطابع الخمس سنتات الأمريكي الصادر عام 1847، وطابع عين الثور البرازيلي. ويولي الجامعون حالة الطابع أهمية كبيرة عند تحديد قيمته، فدقة الطبع وتوسط الصورة وجودتها من شروط تقويم الطابع، والطوابع غير المبطلة مفضلة على المستعملة على وجه العموم، وسلامة حواف الطابع المستعمل وطريقة حفظه من الأهمية بمكان. وثمة طوابع قد تكون محل رغبة الجامعين لعيب فيها لا العكس، كأن يكون فيها خطأ في التهجئة أو عيب في اللون أو قلب غير مقصود في الصورة أو الشكل.
أما أشهر مجموعات الطوابع في العالم فهي مجموعة التاج البريطاني التي بدأ بجمعها الملك جورج الخامس ثم انتقلت إلى خلفائه. وهناك متاحف متخصصة للطوابع تملك مجموعات مهمة في كثير من عواصم العالم من أهمها متحف البريد في برلين ومتاحف القاهرة وباريس وبرن وبروكسل. يضاف إلى ما ذكر نوادي الهواة وجمعياتهم المحلية والوطنية والعالمية. ومن أبرز نشاطات نوادي الهواة هذه إقامة المعارض وأسواق البيع على المستوى الدولي والوطني والمحلي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire