خديجة بن يخلف
ولدت الشهيدة خديجة بن يخلف في 29 مارس 1945م بحي الدخلة ببلدية المدية وقد نشأت وسط الأسرة تتكون من 12 فردا وكانت خديجة أضغر إخوتها سنا.
ولما بلغت سن الدراسة دخلت المدرسة الزوبيرية التي كانت النجم الساطع للتربية والتعليم والقرآن والدين يوم ذلك، حيث أن المدارس الأخرى كانت شبه محرمة، إلا على المجندين أو المندمجين مع النظام الإستعماري الفرنسي الذي أراد محو الشخصية الجزائرية.
ولما اندلعت ثورة التحرير واشتد الكفاح كانت الأسرة من السباقين إليها والإنخراط فيها، وكانت البنت مستاءة إلى حد كبير من تصرفات الجيش الفرنسي وأعماله الوحشية.
وكان بعض أفراد الأسرة يقومون بجمع الإشتراكات وشاء الأدوية والملابس والأغذية وتسليمها للمجاهدين، كما كانوا يقومون بتوزيع المناشير على السكان وكذلك اللقاءات التي كانت غير خافية عنها رغم اتصافها بالسرية الكاملة والتحفظ الشديد.
ومع مرور الزمن استطاعت البنت أن تفهم الوضع وتكشف مغزاه، هنا أخذ
ابن عمها عبدالرزاق يعرفها بالواقع الأليم، ويشرح لها أهداف المنظمة، وهي تستفسر لماذا هذا كله يا ابن عمي؟.
وهو يجيبها والحسرة بادية على وجهه إنه المستعمر الغاشم الذي غزا بلادنا ظلما وعدوانا واحتل أراضينا وابتز خيراتنا، وأصبح يطاردنا في عقر دارنا، فأسرتها كانت مهددة من طرف جنود الإستعمار بالتفتيش تارة على ابن عمتها جلول مرابط الملقب المنصوري الذي كان ضمن المجاهدين في الجبال،وتارة بوضع الألغام في أركان المنزل، وتارتا بإخلاء المنزل من الأهل وإيقافهم مع الجدران رافعين الأيادي وفي نفس الوقت يقومون بتعذيب بعض أفراد الأسرة داخل المنزل بالتيار الكهربائي وبالضرب على مرءى ومسمع من عائلتهم.
أخذت خديجة تفكر في العلاج المضاد لهذا السم فوجدته كامنا في الانضمام إلى صفوف المجاهدين وطلبت من ابن عمها أن يسمح لها بالإلتحاق بهم في الجبال... لكن حبه لها وشفقته عليها جعلاه يقنعها ويغرس فيها الفكرة الشاملة وان كل مخلص لوطنه هو مجاهد ولو كان في منزله بقيت الفتاة الغيورة المتحمسة، مقتصرة على بعض الأعمالالتي كانت تحضر في البيت... إلى أن نشر خبر المظاهرة الكبرى يوم عيد الثورة في غرة نوفمبر 1961م. وسرت البنت لهذا النبأ العظيم وكانت فرحتها كبيرة عندما وزع العلم الجزائري على بعض السكان ليلة المظاهرة. وجاء الصباح وعلت معه أصوات التظاهرين بالتهليل والتكبير وحياة الجزائر وستقوط الإستعمار.
خرجت خديجة وسط جمع من النساء والأطفال والرجال وهم يرددون الله أكبر تحيا الجزائر، ويلوحون بالأعلام وخديجة وسط الجمع بين ذهاب وإياب وجنود الإستعمار تطاردهم بالكلاب طورا وبالرصاص أطوارا، فراودها أحد أفراد أسرتها لمااشتد إطلاق الرصاص على الرجوع إلى الدار، فقالت له دعني أذهب هذه المرة فقط وكأن ساعة اإستشهاد قد حانت، وفعلا كانت النظرة الأخيرة لحيها وآهلها، حيث أنها في نفس اللحظة تلقت وابلا من الرصاص نفذ في صدرها وبطنها فخرت ساقطة على الأرض، فنقلت إثرها إلى المستشفى العسكري لكن سرعان ما لفظت أنفاسها الأخيرة مع زميلتها وبنت حيها خديجة بن رويسي في نفس الوقت.
كأن القدر قد حدد لهما موعدا في كفاحهما ووفاتهما وتشييع جنازتهما إلى مثواهما الأخير، ضمهما قبرا واحد تحت هتاف جمع غفير ملفوفين بالراية الخضراء التي استشهد من أجلها، فرحم الله الشهيدتان ورفقائهما وأسكنهما فسيح جنانه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire