حياة الإبن الشيخ بن جباس
عرف طيلة مشواره المهني بأخلاقه الفاضلة تواضعه الكبير وإخلاصه لدينه وطنه..لقد كان شعلة متوقدة من الجدية والإلتتزام .. إنه الصحفي المرحوم محمد بن جباس الذي غادرنا إلى الدار الآخرة منذ سنتين..غادرنا في صمت بعد أن قضى أكثر من ثلاثين سنة في الظل في مجال الصحافة والإعلام ضمن طاقم وكالة الأنباء الجزائرية.
لقد أمضي "عمي محمود" كما كان يناديه أغلب معارفه. ثلاثة عقود وهو يناضل من أجل ترسيخ المبادئ التي ضحى من أجلها الشهداء وذلك من خلا ل الرصيد الهائل من المقالات والتحقيقات الصحفية التي عرفتنا بشهداء وأبطال الولاية الرابعة والمعارك الشهيرة التي جرت بها، بل كان أغلبها بخط يده، بل كانت مواضيع الثورة هي التي يفضل الكتابة فيها كيف لا؟ وهو من ساهم في صنعها وهو في مقتبل العمر ، لقد كان يساعد والده المناضل والمعلم والإمام "محمد جباس" في ترجمة وكتابة التقارير والمنشورات الصادرة عن مسؤولي جبهة التحرير بالمنطقة الثانية بالولاية الرابعة التاريخية.
أجل عمي محمود لقد كنت مجاهدا أثناء الثورة ومجاهدا بعد الإستقلال ولم يتذكرك أحد وأنت على قيد الحياة أو حتى بعد الوفاة وخاصة مسؤوليك في وكالة الأنباء التي كنت من بين رعيلها الأول وأفنيت عمرك فيها، بإستثناء مديرية الأمن لولاية المدية التي كرمتك إضافة إلى إحدى الجمعيات الثقافية المحلية التي كرمتك سنة2002 في 18 من شهر فيفري بمناسبة يوم الشهيد حيث أقامت لك حفلا رمزيا رفقة الصحفي القدير محمود رويس أطال الله في عمره.
لقد كان في تلك اللفتة وقعها النفسي الكبير عليك حتى عينك اغرورقت بالدموع وقلت لي بالحرف الواحد كنت أتمنى لو أن هذا التكريم تم مستوى الوكالة يوم تقاعدي سنة1993م على غرار ما تفعله أغلب المؤسسات خاصة وأنني كنت من الشباب الأوائل الذين انظموا إليها في حي تيليملي مباشرة بعد الإستقلال عندما تحولت من تونس إلى الجزائر.
ورغم تقاعده إلا أنه واصل نضاله في إطار اللجنة الولائية لكتابة تاريخ الثورة وكان كل حلمه أن يصدر كتابا أو سلسلة من الكتب على الأحداث والوقائع التاريخية التي شهدتها الولاية الرابعة، ولكن شاء القدر أن يلتحق بالرفيق الأعلى قبل تحقيق حلمه.
وحتى لا أطيل على القارئ في ذكر مناقب هذا الرجل المخلص المتواضع الذي كان قدوتي يوم التحقت بالصحافة الوطنية أترك القارئ يتابع ما كتبه "عمي محمد" عن نفسه يوم طلبت منه أن يكتب لنا شيئا بمناسبة تكرمه يوم 18 فيفري 2002حيث كتب يقول" إنه ليس من العادة أن يكتب الإنسان عن ذاته ليذكر بمناقبه أو يعدد مراحل حياته،لكن هذا المقام الجليل وهذه المناسبة العظيمة تحتم على المرئ فعل ذلك" أجل لقد كان المرحوم يعتبر عملية تكريمه المتواضعة بالمناسب العظيمة.
والمرحوم من مواليد 1940 بالمدية نشأ وسط عائلة متوسطة الحال بدأ مسيرته التعليمية على يد أبيه الشيخ "محمد بن جباس" المعروف في الأوساط المثقفة بالمدية بتفانيه في نشر العلم وتربية الأجيال حيث كان والده معلما بالمدرسة الزوبيرية، وبعد تحصله على قسط من التعليم حاول المرحوم "عمي محمود"الهجرة إلى تونس لمواصلة الدراسة ضمن الأفواج الأولى التي كانت توجه من المدرسة الزوبيرية إلا أن رغبته لم تتحقق بعد إغلاق الطريق نحو تونس وصعوبة المرور حيث كان لهيب الثورة قد تأجج سنة 1956م وبعدها واصل تعليمه بالمدية على يد والده والشيخ مصطفى فخار مفتي المالكية والشيخ عمر أقدندل هذا الأخير الذي تخرج على يده المئات من حفظة القرآن الكريم بالمدية وضواحيها. بعد الإستقلال مباشرة إلتحق " عمي محمد" بوكالة الأنباء الجزائرية وكان من الرعيل الأول من الشباب الذين التحقوا بهذه المؤسسة الإعلامية الرائدة التي كانت بتونس، من خلال عمله بهذه المؤسسة أدرك المرحوم أن تبليغ الرسالة الإعلامية والعمل الصحفي لا يتم إلا عن طريق مواصلة التكوين واكتساب المزيد من العلم والمعرفة، وفاتجه لمواصلة دراسته إلى جانب عمله اليومي في الوكالة حيث تحصل على شهادة البكالوريا ثم شهادة الليسانس في الحقوق والعلوم الإدارية سنة1976م.
وقد ساعده عمله في الوكالة بالإحتكاك بالعديد من الشخصيات الوطنية والأجنبية وأكسبه ذلك خبرة كبيرة في حياته المهنية ومع ذلك إختار مسقط رأسه بالمدية حيث عين على رأس المكتب الوكالة بالمدية إلى غاية سنة 1993 حيث أحيل على التقاعد ولكن لم يثنيه على مواصلة العمل التطوعي من أجل وطنه إذ واصل مهمته كعضو في اللجنة الولائية للكتابة وتسجيل وقائع ثورة التحرير إلى أن أصيب بمرض مفاجئ سنة 2002 لينتقل إلى الرفيق الأعلى 29/10/2002 تاركا وراءه مئات المقالات الصحفية التي أصبحت مرجعا للعديد من الباحثين وخاصة ما تعلق بثورة التحرير الكبرى عامة الأحداث التي عرفتها الولاية الرابعة خاصة، إلى جانب المئات من النقالات المتعلقة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية بالولاية.
1 commentaire:
شكرا على استضافتكم لي في عالم اصدقاء المدية اريد ان اسالكم على اصل كلمة او اسم (تاكبو) لانها موجودة تطلق على بعض المناطق بالمدية
Enregistrer un commentaire