المدية عبر التاريخ
أصل التسمية
رغم أن الدراسات التاريخية لم ترجح أي رواية من الروايات التي تنسب أصل المدينة إلى فترة دون أخرى إلا أننا سنورد التسميات المختلفة لها منها "لامبيديا :التي أطلقت على المنطقة في العهد الروماني نسبة إلى مدينة رومانية محاطة بأسوار ضخمة وسميت بمدياس أو أدمكس نسبة إلى نقطة تتوسط مدنيتين رومانيتين: البرواقية حاليا وعمورة أثناء حكم سبتم سفار سنة 210م.
كما اقترنت أيضا بالتيطري الإقليم الشاسع الذي تصل مساحته إلى 50ألف كلم 2 امتد حدوده إلى غاية الأطلس البليدي شمالا والأطلس الصحراوي جنوبا وإلى قصر الشلالة غربا والحضنة شرقا.
ينسب الاسم إما إلى المعنى الإغريقي التيس أو البرد والجليد أو إلى جبل التيطري الموجود بالمنطقة الذي تنتشر فيه قطعان الجديان البرية في القسم الجنوبي من الولاي الحالية.ة
كما يمكن إرجاع تسميتها إلى الكلمة البربرية الأرض المرتفعة مع العلم أن اسم المدية الإسلامية جاء ذكرها في كتب التاريخ العربية لكل من العلامة ابن خلدون البكري والحسن الوزان.
مرحلة ما قبل التاريخ:
أثبتت مختلف البحوث أن الإنسان الأول قد ظهر بالمنطقة قبل التاريخ والدليل على ذلك الحجر المنحوت والرسومات المنقوشة منذ العصر الحجري القديم بالإضافة إلى القبور القديمة كمقبرة المفاتحة والعظام والأدوات الحجرية التي تعود إلى الفترة القفصية كما أسفرت بعض الحفريات إلى اكتشاف أدوات تعود إلى العهد الأشولي عثر عليها في واد البسباس قرب سيدي شاكر جنوب دائرة العمارية.
مرحلة العهد الروماني والبيزنطي:
عرفت المدية امتدادا للنفوذ الروماني حيث شكلت جزءا هاما من مملكة نوميديا حيث أحيطت المنطقة حينها بأسوار ضخمة واعتبرت مديكس مدينة هامة بها يذكر المؤرخ اللاتيني كاسيت في حولياته أن الثورة التي قادها تاكفاريناس 17 -23 م تقاتل فيها البربر مع الرومان بين واد جر على طريق حمام ريغة وأوزيا سور الغزلان وتناراموزاكاسترا البرواقية وكير بيدي دراق . تكررت الثورات والهجمات على الرومان غلى أن جاء الهجوم الوندالي بقيادة جنسريك ابتدءا من 425م وطردهم فأضحت لامبيديا مستقلة وإن كانت تابعة للملك الوندالي فهي تبعية رمزية .
هاجم البيزنطيون الحاشية الساحلية من الشمال الإفريقي سنة 533م ليعيدوا بذلك أمجاد أجدادهم الرومان في المنطقة ولكنهم لم يستطيعوا التوغل جنوبا وبقيت المدن الداخلية ومنها لامبيديا مستقلة إلى أن سقط الحكم البيزنطي نهائيا سنة 698م
مرحلة الفتوحات الإسلامية
عرفت المدينة كغيرها من المدن توافد أولى جيوش الفتح الإسلامي منذ القرن السابع الميلادي بقيادة عقبة بن نافع الفهري أبو المهاجر الدينار وموسى بن نصير بعد أن جعلوا من القيروان عاصمة لهم.
أصبحت المدية بذلك تعيش بقيم سامية ومبادئ إسلامية تعاقبت عليها دويلات سلامية عديدة منها الرستمية سنة 787م إلى غاية 902م التي اشتهرت بالتجارة ثم الفاطمية الشيعية المتحالفة مع قبيلة صنهاجة .
دخلت المنطقة تحت حكم "زيري بن مناد "المعين من طرف الخليفة الفاطمي الذي أسس حصنا له عاصمته اشير التي تشرف على مجمل المغرب الأوسط من قمة الجبل الأخضر على بضعة أميال من دائرة عين بوسيف أذن لابنه بولوغين بتأسيس ثلاث مدن لتدعيم أشير وهي جزائر بني مزغنة مليانة والمدية سنة 355ه.
تميزت المدية أثناء الحكم الزيري بازدهار علمي واجتماعي إلا أنها وقعت تحت سلطة قبيلة مغرواة في القرن الثالث عشر ثم انتزعها عثمان بن يغمراسن ملك تلمسان من أولاد عزيز نظرا لموقعها الاستراتجي فشهت إعادة تخطيط و بناء قصبتها من جديد.
في مطلع القرن 15م دب الضعف في الدولة الزيانية ليصل إلى كل المناطق المشرفة عليها فخرج السكان عن طاعتهم ليميلوا إلى أمير تنس شهدت المدينة في هذه الفترة زيارة الرحالة الشهير الحسن بن محمد الوزاني الفاسي الذي أعجب بموقعها وحفاوة استقبال أهلها.
مرحلة العهد العثماني : بعد امتداد أطماع الأسبان إلى الجزائر واحتلالها المرسى الكبير سنة 1505 م ووهران سنة 1509م ومن تم بجاية سنة 1510 لجأ سالم التومي شيخ قبيلة بني مزغنة إلى طلب المساعدة من الأخوين التركيين عروج وخير الدين لطرد الإسبان وبهذه المباردة بسط العثمانيون نفوذهم على الجزائر وقسمت المناطق إلى بياليك منها بايلك التيتري وعاصمته المدية وعين على رأسها حسن باشا خير اليدن تعاقبت ما يقارب 17 بايا على حكم بايلك التيطري أشهرهم حسن رجب شعبان فرحات وسفطة وكان أخرهم مصطفى بومرزاق . عمل الأتراك على ازدهار الحياة الاجتماعية والثقافية مع تحصينات المنطقة ببناء أسوار لها خمسة أبواب باب الجزائر باب القرط باب الأقواس باب سيدي الصحراوي وباب البركاني.
مرحلة الاحتلال الفرنسي
: تعرضت المدية مابين 1830م و1840 م إلى اٍبع هجمات فرنسية تكبدت خلالها قوات الاحتلال خسائر فادحة نظرا لاستماتة أهلها في الدفاع عنها لكنها سقطت في أيدي الاحتلال يوم 17 ماي 1841م.
شهدت المدية بالمقابل مقاومة شعبية عنيفة كان على رأسها المجاهد محمد بن عيسى البركاني تحت لواء الأمير عبد القادر بعد أن نزل بها في 20 أفريل 1835م .
ومع اندلاع الشرارة الأولى لثورة أول نوفمبر كانت ولاية المدية سباقة لتلبية النداء وتركت المعارك والعمليات الثورية بصماتها على صفحات التاريخ حيث فاقت 1050 عملية تنوعت بين اشتباكات عمليات فدائية تخربيية كمائن وهجمات من بين أهم المعارك معركة بولقرون سنة 1958 موقرنو سنة 1958 جبل فورنة جبل اللوح أولاد أسنان وثمودة.
شددت الإدارة الفرنسية الخناق على السكان بإقامة مراكز تعذيب محتشدات ثكنات عسكرية أبراج مراقبة مع تحويل المعالم الدينية إلى كنائس كالمسجد الحنفي دفع السكان إثر هذا التنكيل النفس والنفيس للتخلص من المعاناة فبلغ عدد شهدائها أزيد من 10ألاف شهيد في سبيل تحرير الوطن.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire