خاصية تنفرد بها الولاية••• وتغنيها عن الحمامات المعدنية
تعرف المدية، منذ القدم، بوفرة المياه، فهي تزخر بخزاناتباطنية للمياه الطبيعية، لذا أطلق السكان القدامى
أسماء بربرية على منابعمياه، كعين تلاعيش وتبحيرين• كما أن سكان المدية كانوا ولا يزالوايتزوّدون بالمياه الصالحة للشرب من حنفيات وضعت خارج معظم الحمامات، فلايكاد يخلو حمام واحد منها، بالإضافة إلى الاستحمام الذي تخصص فيه الفترةالصباحية للنساء، أما المسائية فهي للرجال
خاصيةالحمامات الجماعية، التي يكاد ينفرد بها سكان المدية، جعلت الكثير منأغنياء المدينة يفضلون الاستثمار في هذه المشاريع المربحة، لذلك عددالحمامات في المدية ينافس عدد المقاهي والمطاعم•
العرسان وحكايتهم مع الحمام
لاتتممراسيم الزفاف بالنسبة للعريس والعروسة إلا بذهابهما إلى الحمام• فالعريسيذهب مع رفاقه ليلة العرس على وقع الزغاريد والطبول والغناء، وتخصص لهغرفة يقوم بتحميمه فيها شخص يسمى (الموتشو)• أما العروسة فتقصد الحمام معأهلها وزميلاتها قبل العرس بيوم أو يومين، وتجهز بجهاز خاص بالحمام وتوقدلها الشموع وتتولى تحميمهما امرأة تدعى ''الطيابة''، وبعد مرور أسبوعينعلى زواج الفتاة يذهب بها أهل العريس إلى الحمام، بحضور عائلتها، وتكونالعروس في أبهى حلة وتخصص لها غرفة مع مرافقيها تسمى ''بيت العرايس'' تستحم فيها العروس وتوزع فيها المشروبات والحلويات على الحضور، والتي تصنعخصيصا لهذا الموعد، ويطلق على هذه التحميمة ''أربعطاش'' نسبة إلى عددالأيام التي قضتها العروس في بيت زوجها 14 يوما•
والمؤسف أنمثل هذه العادات بدأت تتلاشي شيئا فشيئا لأسباب عدة، أبرزها الجانبالاقتصادي، فأهل العروسة هم من تقع على عاتقهم جميع المصاريف التي تفوققدراتهم المادية في غالب الأحيان• وبالإضافة إلى قصة العرسان مع الحمام،فكذلك الحال مع المولود الجديد وأمه فعند بلوغ الأربعين يوما تأخذ الأممولودها إلى الحمام لتطهره وتعوده عليه•
الحمامات تنافس المقاهي والمطاعم
ظاهرةبناء الحمامات في المجتمع المداني أصبحت تنافس بناء المقاهي والمطاعم التيتجدها في كل حي، وتشير الإحصائيات إلى أنه ما بني من حمامات في العشرالسنوات الأخيرة في المدية يفوق ما بني طيلة قرون• كما تمثل الحماماتالمتواجدة بعاصمة الولاية نسبة 50% من مجموع الحمامات المتواجدة بالولايةككل، فبالمدية وحدها أكثر من 30 حماما من أصل 61 المتواجدة عبر مناطقالولاية• والعدد في تزايد وبالرغم من أن الحمام المداني حافظ على شكلهالهندسي وطابعه العثماني، إلا أن الطابع المعماري عرف تطورا، فمن منبع فيالهواء الطلق إلى بيت مشيد بالحجارة الضخمة في العصر الروماني، وصولا إلىشكله الحالي العصري والمتمثل في الحمام البخاري، المسمى ''الحمام الشرعي'' فحمامات المدية اليوم مبنية بالإسمنت والرخام والسيراميك المحليوالمستورد، مجهز بنافورات وبكل أنواع الزينة والرفاهية، إذ في بعض الأوقاتلا تشعر بأنك داخل حمام، بل في أحد مراكز الراحة زيادة على هذا كله، فمبلغالاستحمام وبالرغم من أنه عرف زيادة في السنوات الأخيرة (60دج)، إلا أنهيبقى رمزيا مقارنة بالحمامات المتواجدة بمناطق الوطن، وكذا الساعات التيتقضيها داخل الحمام• فالحمام اليوم بالنسبة للعائلة المدانية هو المكانالذي تلتقي فيه كل الطبقات الاجتماعية وتتم فيه مختلف الصفقات من خطبةوزواج وبيع وشراء للمصوغات والموضات الحديثة للألبسة، كما تبقى للحمامالجماعي نكهة خاصة عند المدانية، لا تضاهيه في ذلك لا المرشات الفردية أوالحمامات المنزلية بل نافس حتى الحمامات المعدنية•
السكان ''يستبركوا'' بالحمامات الطبيعية
يقصدسكان المدية الحمامات الطبيعية للتبرك بها وجلب المياه منها والاستحمام فيفصول معينة، فهي في نظرهم رمز للطهارة من الأوساخ والأمراض الجسمانيةوالنفسية وفق طقوس معينة• والأكيد أن أغلب هذه الفضاءات تقصدها النساء علىوجه الخصوص، وهذا لأغراض كثيرة، كالترويح على النفس أو الاستبراك• ومن هذهالحمامات نذكر حمام العوينة، الذي يقصده النسوة رفقة الرضع، الذين يشكونمن الضعف الجسدي وتتكرر الزيارة لثلاث مرات متتالية، ويتم الشفاء فيها علىطريقة ''اسأل المجرب ولا تسأل الطبيب''•
وحمام سيدي سليمانالعتيق الذي يفتح أبوابه للرجال كل يوم ما عدا السبت، فهو مخصص للنساءوتقصده العوانس بكثرة، تمارس فيه الطقوس لجلب حظ الزواج، كما تقصدهالعاقرات من أجل الحمل•• ويشترط في ذلك تكرار الزيارة لتحقيق الغاية• ويعود وجود الحمامات إلى العهد الروماني بل أن هناك دلالات تاريخية تؤكدوجود حمامات بالمدية تعود إلى فترة ماقبل الرومان، ومن الحمامات الطبيعيةالتي يتبرك بها ويقصدها كثير من سكان المدية نجد حمام الصالحينبالبرواقية، حمام أولاد الديلمي بوامري وحمام سانق بقصر البخاري وسيديالحبشي ببني سليمان• معظم النساء اللواتي يقصدن الحمامات يجتمعن داخل هوينشدن المواويل والغناء الشعبي ويتبادلن أطراف الحديث في بهو الحمامعنالأحداث المهمة التي وقعت في الحمام أو من كان له الفضل في بنائه•••الخ• ما