mardi 29 décembre 2009

اصدار جديد في كتابات محمد بن شنب



بمناسبة مرور 140 سنة على ميلاد العلاّمة الدكتور محمد بن أبي شنب إبن مدينة المدية ، و بهدف إعادة إحياء الفكر الحداثي للعلامة و الحفاظ على التراث الوطني ، صدر هذا الشهر بالإضافة الى كتاب " كتابات محمد بن شنب " كتابين آخرين و هما:

1 – الكلمات التركية و الفارسية الباقية في العامية الجزائرية

صدر هذا الكتاب للمرة الأولى سنة 1922 بالجزائر ، و يعد رسالة الدكتوراه المكملة للشيخ بن شنب حيث يبقى هو الوحيد في هذا المجال الى اليوم من حيث الموضوع و النوعية. حيث يعد كجسر بين الماضي و الحاضر بطريقة مباشرة و غير مباشرة للقيم المكونة للشخصية الثقافية للجزائري الآن.

يحتوي الكتاب على أكثر من 600 كلمة تركية و فارسية لا تزال مستعملة في العامية الجزائرية.

حيث جمعت من مصادر مختلفة و رتّبت ترتيبا أبجديا وشرحت الى اللغة الفرنسية .

تخص هذه الكلمات مختلف مجالات الحياة اليومية كاللباس، الغذاء ومختلف المهن و الأدوات و حتى الألفاظ العسكرية و البحرية.

الكتاب من الحجم المتوسط ،96 صفحة ،من تقديم الدكتور الهادي بن شنب .

نشر'' دار فليتس للنشر'' المدية .

2 – تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب

يتناول الكتاب في مدخله تعريف شامل لعلم العروض ثم تحديد مفهوم الشعر، كما يعرف القصيدة ليصل إلى تركيب البيت الشعري و يختمه ببحور الشعر السبعة.

يمتاز هذا الكتاب بالبساطة في الطرح مع الذكاء في تناول بعض الآراء التي قام حولها الجدل .

لا تمر مناسبة يتحدث فيها الشيخ عبد الرحمن جيلالي عن الشيخ بن شنب إلا و يتكلم عن "تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب . حيث قال فيه " هو كتاب فريد في بابه و حيد في فنه ،لم يؤلف مثله من حيث الجمع و الإتقان و الضبط مع و فرة المادة و كثرة الأمثلة".

كتاب موجه لكل من الطلبة و الاساتذة و الباحثين لتسهيل دراسة الشعر و علم العروض و أوزان الشعر العقدة ، حيث يمتاز بالوضوح و المنهجية.

الكتاب من الحجم المتوسط ،160 صفحة ،من تقديم الدكتور محمد زوقاي.

ونشر'' دار فليتس للنشر'' المدية.

jeudi 17 décembre 2009

الامير عبد القادر


المولد والنشأة

يعتبر الأمير عبد القادر من كبار رجال الدولة الجزائريين في التاريخ المعاصر ، فهو مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ورائد مقاومتها ضد الاستعمار الفرنسي بين 1832 و 1847. كما يعد أيضا من كبار رجال التصوف والشعر وعلماء الدين . وفوق كل ذلك كان داعية سلام وتآخي بين مختلف الأجناس والديانات وهو ما فتح له باب صداقات وإعجاب كبار السياسيين في العالم.
هو عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى أشتهر باسم الأمير عبد القادر الجزائري .ولد يوم الجمعة 23 رجب 1222هـ/1807م بقرية القيطنة الواقعة على وادي الحمام غربي مدينة معسكر، وترعرع في كنف والديه حيث حظي بالعناية والرعاية .

2- المراحل

مرحلة النشأة والتكوين :1807-1832:،حيث تمثل السنة الأولى ميلاده بينما ترمز الثانية الى توليه إمارة الجهاد. قضى هذه المرحلة في طلب العلم سواء في مسقط رأسه بالقيطنة أين حفظ القرآن الكريم أو في آرزيو ووهران حيث تتلمذ على عدد من شيوخ المنطقة وأخذ عنهم مبادئ العلوم الشرعية واللغوية و التاريخ والشعر،فصقلت ملكاته الأدبية والفقهية والشعرية في سن مبكرة من حيـاتـه.
وفي عام 1823 زوجه والده من لالة خيرة وهي ابنة عم الأمير عبد القـــادر، سافر عبد القادر مع أبيه إلى البقاع المقدسة عبر تونس ،ثم انتقل بحرا إلى الاسكندرية و منــها إلى القاهرة حيث زار المعالم التاريخية وتعرف إلى بعض علمائها وشيوخها وأعجب بالإصلاحات والمنجزات التي تحققت في عهد محمد علي باشا والي مصر. ثم أدى فريضة الحج، ومنها انتقل إلى بلاد الشام لتلقي العلم على يد شيوخ جامع الأمويين. ومن دمشق سافر إلى بغداد أين تعرف على معالمها التاريخية واحتك بعلمائها ، ووقف على ضريح الولي الصالح عبد القادر الجيلاني مؤسس الطريقة القادرية، ليعود مرة ثانية إلى البقاع المقدسة عبر دمشق ليحج. وبعدها رجع مع والده إلى الجزائر عبر القاهرة ثم إلى برقة ومنها إلى درنة وبنغازي فطرابلس ثم القيروان والكاف إلى أن وصلا إلى القيطنة بسهل غريس في الغرب الجزائري .
المرحلة الثانية :1831 -1847
وهي المرحلة التي ميزت حياة الأمير عن بقية المراحل الأخرى لما عرفتــه من أحداث جسام وإنجازات وظف فيها قدراته العلمية وحنكته السياسية والعسكرية فلم تشغله المقاومة- رغم الظرف العصيب -عن وضع ركائز و معالم الدولة الحديثة لما رآه من تكامل بينهما .
فبعد سقوط وهران عام 1831 ،عمت الفوضى و اضطربت الأحوال مما دفع بشيوخ وعلماء ناحية وهران إلى البحث عن شخصية يولونها أمرهم، فوقع الاختيار على الشيخ محي الدين والد عبد القادر ،لما كان يتسم به من ورع وشجاعة ،فهو الذي قاد المقاومة الأولى ضد الفرنسيين سنة 1831- كما أبدى ابنه عبد القادر شجاعة وحنكة قتالية عند أسوار مدينة وهران منذ أول اشتباك له مع المحتلين - اعتذر الشيخ محي الدين لكبر سنه و بعد الحاح من العلماء و شيوخ المنطقة رشح ابنه عبد القادر قائلا: …ولدي عبد القادر شاب تقي ،فطن صالح لفصل الخصوم و مداومة الركوب مع كونه نشأ في عبادة ربه ،ولا تعتقدوا أني فديت به نفسي ،لأنه عضو مني وما أكرهه لنفسي أكرهه له …غير أني ارتكبت أخف الضررين حين تيقنت الحق فيما قلتموه ،مع تيقني أن قيامه به أشد من قيامي و أصلح …فسخوت لكم به…".رحب الجميع بهذا العرض ،وفي 27 نوفمبر 1832 اجتمع زعماء القبائل والعلماء في سهل غريس قرب معسكر وعقدوا لعبد القادر البيعة الأولى تحت شجرة الدردارة وأطلق عليه لقب ناصر الدين، ثم تلتـها البيعة العامة في 4 فبراير 1833.
في هذه الظروف تحمل الأمير مسؤولية الجهاد و الدفاع عن الرعيــة و ديار الإسلام وهو في عنفوان شبابه. وما يميز هذه المرحلة ،انتصاراته العسكرية و السياسية- التي جعلت العدو الفرنسي يتـــردد في انتهاج سياسة توسعية أمام استماتة المقاومة في الغرب و الوسط ، والشرق . أدرك الأمير عبد القادر منذ البداية أن المواجهة لن تتم إلا بإحداث جيش نظامي مواظب تحت نفقة الدولة .لهذا أصدر بلاغا إلى المواطنين باسمه يطلب فيه بضرورة تجنيد الأجناد وتنظيم العساكر في البلاد كافة.فاستجابت له قبائل المنطقة الغربية و الجهة الوسطى، و التف الجميع حوله بالطاعة كون منهم جيشا نظاميا سرعان ما تكيف مع الظروف السائدة و استطاع أن يحرز عدة انتصارات عسكرية أهمها معركة المقطع التي أطاحت بالجنرال تريزيل و الحاكم العام ديرليون من منصبيهما.
أما سياسيا فقد افتك من العدو الاعتراف به ،والتعامل معه من موقع سيادة يستشف ذلك من معاهدتي ديميشال 26 فبراير 1834، والتافنة في 30 ماي 1837.إلا أن تغيرت موازين القوى، داخليا وإقليميا أثر سلبا على مجريات مقاومة الأمير فلم يعد ينازل الفرنسيين فحسب بل انشغل أيضا بأولئك الذين قصرت أنظارهم، فتوالت النكسات خاصة بعد أن انتهج الفرنسيون أسلوب الأرض المحروقة، كما هي مفهومة من عبارة الحاكم العام الماريشال بيجو: "لن تحرثوا الأرض، وإذا حرثتموها فلن تزرعوها ،وإذا زرعتموها فلن تحصدوها..."
كان لهذه السياسة أثرها الواضح في تراجع قوة الأمير، لاسيما بعد أن فقد قواعده الخلفية في المغرب الأقصى، بعد أن ضيق عليه مولاي عبد الرحمن سلطان المغرب الخناق متحججا بالتزامه بنصوص معاهدة "لالا مغنية" وأمر جنده بمطاردة الأمير وأتباعه بما فيه القبائل التي فرت إلى المغرب من بطش جيش الإحتلال.
مرحلة المعاناة والعمل الإنساني : 1848 - 1883
تبدأ هذه المرحلة من استسلام الأمير عبد القادر إلى غاية وفاته. ففي 23 ديسمبر 1847 سلّم نفسه بعد قبول القائد الفرنسي لامورسير بشروطه،ونقله إلى مدينة طولون، وكان الأمير يأمل أن يذهب إلى الإسكندرية أو عكا كما هو متفق عليه مع القادة الفرنسين، ولكن أمله خاب ولم يف الفرنسيون بوعدهم ككل مرة، عندها تمنى الأمير الموت في ساحة الوغى على أن يحدث له ذلك وقد عبّر عن أسفه هذا بهذه الكلمات "لو كنا نعلم أن الحال يؤدي إلى ما آل إليه، لم نترك القتال حتى ينقضي الأجل". وبعدها نقل الأمير وعائلته إلى الإقامة في "لازاريت" ومنها إلى حصن "لامالغ" بتاريخ 10 جانفي 1848 ولما اكتمل عدد المعتقلين من أفراد عائلته وأعوانه نقل الأمير إلى مدينة "بو" PAU في نهاية شهر أفريل من نفس العام، ليستقر بها إلى حين نقل إلى آمبواز . في 16 أكتوبر 1852 ، وهي السنة التي أطلق فيها نابليون الثالث صراحه.
استقر الأمير في استانبول ، وخلال إقامته زار ضريح أبي أيوب الأنصاري و وقف في جامع آيا صوفيا، الا أنه فضل الإقامة في مدينة بورصة لتاريخها العريق ومناظرها الجميلة ومعالمها الأثرية، لكنه لم يبق فيها طويلا نتيجة الهزات الأرضية التي كانت تضرب المنطقة من حين لآخر ،فانتقل إلى دمشق عام 1855 بتفويض من السلطان العثماني وفيها تفرغ للقراءة والتصوف والفقه والحديث والتفسير. وأهم المواقف الإنسانية التي سجلت للأمير، تصديه للفتنة الطائفية التي وقعت بين المسلمين والمسحيين في الشام عام 1860. و تحول الأمير إلى شخصية عالمية تحظى بالتقدير و الاحترام في كل مكان يذهب إليه حيث دعي لحضور احتفال تدشين قناة السويس عام 1869. توفي يوم 26 ماي 1883 في دمر ضواحي دمشق عن عمر يناهز 76 سنة، دفن بجوار ضريح الشيخ محي الدين بن عربي الأندلسي، نقل جثمانه إلى الجزائر في عام 1966.
من مؤلفاته :
1/
ذكرى العاقل وتنبيه الغافل.
2/
المقراض الحاد (لقطع اللسان منتقص دين الإسلام بالباطل والإلحاد.
3/
مذكرات الأمير عبد القادر.
4/
المواقف في التصوف والوعظ والإرشاد

vendredi 4 décembre 2009

المدية بعد 1830 :


كانت المدن الجزائرية منذ القرن 18م في انحطاط مستمر ، فقدت نشاطها وحضارتها وخلت من عدد كبير من سكانها ، فالجزائر مثلا كانت من أعظم الأمصار في القرن 17 (100000) نسمة ولم يبق فيها إلا 30 ألف نسمة حوالي سنة 1830م ، وافتقرت وهران واقفرت من أهلها وأصبح هؤلاء 900 ن . وكذلك شأن تلمسان منذ استيلاء الأتراك عليها (155) ، أما المدية فإنها مع قلة عدد سكانها (يتراوحون بين 400 و500 ن) فقد حافظت على أهميتها وعلى دورها السياسي والإقتصادي ، فهي عاصمة بايلك التطري ، وهي قاعدة عدد كبير من الأتراك والكلغان ، وهي في طريق تجاري بين الجنوب والشمال .

الحملة الفرنسية الأولى على المدية :

من نتائج ثورة جوليت 1830 في فرنسا أن جيشها هنا أصبح يشعر بعدم مبالاة القادة والساسة بشؤونه وأصبح الجزائريون بعد سقوط شارل العاشر (charles X) يتوقعون انسحاب الفرنسيين من أرضهم ، وتساءل الجنود ما فائدة احتلال الجزائر العاصمة وحدها .

وعين كلوزيل clauzel في سبتمبر 1830 إلى فيفري 1831م ، فكانت سياسته ترمي إلى أهداف ثلاثة :

*بقاء الفرنسيين في الجزائر العاصمة.

*إنشاء إدارة فرنسية للأماكن المحتلة.

*التوغل داخل البلاد حتى يكون للمعمرين قواعد ثابتة لا ينازعهم فيها أحد ، لاسيما وأن الرأي العام الجزائري بدأ يميل ألى المقاومة مثلا :

استمال بومزراق الأتراك ،وهاجم ابنه القوافل الفرنسية عدة مرات.

وهاهو بن مزمون قائد فليسة يعلن عن عدم رضوخه للفرنسيين.

فقرر كلوزيل clauzel حملة على المدية (التي هي في نفس الوقت حملة استطلاع) ، لماذا ؟ ليتخلى المسلمون عن كل أمل في انسحاب فرنسا من الجزائر ولرفع معنوية الجيوش ولمعاقبة باي المدية الذي كان في نظرهم رمز المقاومة ، وأخيرا لأن المدية تحكم مع البرواقية طريق الجنوب ،فخرج الفرنسيس من الجزائر في 17/11/1830 في 10000 جندي ودخلوا البليدة ونهبوها نهبا وكانت المقاومة شديدة ، ثم استولوا على ثنية مُزايا Mouzai ثم دخلوا المدية في 22/11/1830 فعزلوا بومزراق وعينوا بايا آخر هو مصطفى بن الحاج عمر ، ثم عادوا إلى الجزائر .

وكان سلطان المغرب مولاي عبد الرحمان قد احتل تلمسان وجعل على رأسها مولاي علي ،إلا أن الأهالي ثاروا على السلطان وطردوا ممثله فبعث مولاي عبد الرحمان قائدين للدوائر كانا معتقلين بفاس فجمعا جيوشا ونصبا ممثلين للسلطان العلوي ، أحدهما في مليانة والآخر في المدية ، ولم يطل نفوذ السلطان هنا وعاد برتوزين Berthezene إلى المدية ودخلها في 29 جوان 1831م.

عهد الأمير عبد القادر:

كان الأمير بعد تأهبه للمعركة (بعد 1834) يفكر في ضرورة توسيع دولته من الناحية الشرقية بضم التطري والمدية وبالاستيلاء على مليانة حتى يتمكن من محاربة الأجانب .

ففي 1835 دخل مليانة ونصب أخاه الحاج محي الدين الصغير على رأسها ثم فكر في المدية وكان عالما بأهميتها الجغرافية والاستراتيجية (هي في طريق الجزائر والجنوب وهي قاعدة ستنطلق منها غارات على النواحي الشرقية ، وهي حصن يحمي الناحية الغربية) .وكانت نواحي المدية خاضعة لنفوذ ولي من أولياء درقاوة هو :

الحاج موسى الدرقاوي : الذي أعلن الجهاد على النصارى فقدم الى المدية في أفريل 1835 وطلب من سكانها أن يسلموا له يهود المدية وأباضييها فامتنع السكان ، ثم صالحوا هذا الشيخ وسمحوا له بدخول المدية ومنها انطلق على حماره لقتال الفرنسيس (فسمي "بوحمار") ولم يرض الأمير بغيره ليتزعم الجهاد ، ونزل عبد القادر من مليانة في 20 أفريل 1835م واصطدم بالحاج موسى في حوش عمورة على 12 كيلومتر من لربعة بني جندل ، وانهزم الحاج موسى فمكنه هذا النصر من فتح المدية وعين خليفة له بها :محمد بن عيسى البركاني ، وأعدم أنصار الحاج موسى ثم عاد إلى معسكر ، وقبل مغادرته المدية استقبل الأمير مبعوثا فرنسيا وهو القبطان Capitaine St Hippolyte الذي جاء ليهنئه ويسلمه بعض الهدايا .

وتعكر الجو بينه وبين الفرنسيس فكان الأمير يغزو القبائل المبايعة لفرنسا وكان كلوزيل clauzel يغزو القبائل المناصرة لعبد القادر وهكذا عاد كلوزيل مرة أخرى إلى المدية في مارس 1836 ليفرض على السكان الباي "محمد بن حسين" الذي عينته السلطة الفرنسية ، فكان رد فعل الأمي سريعا فهاجم أنصاره المدية واستولوا على المدينة وبعثوا الباي إلى وجدة حيث قتل ، لكن في 7 أفريل 1836 دخل دي ميشال Desmichelas المدية من جديد .

وتطور الوضع شيئا فشيئا وعاد الأمير إلى وادي شلف سنة 1837 ، ثم إلى المدية وألقى القبض على 80 من الكرغلان ، وبعث بهم إلى مليانة ، وفي أثناء إقامته بالمدية ، استقبل الأمير أعيان البليدة ثم نصب بعد ذلك أخاه "الحاج مصطفى" خليفة له على المدية .

ثم زحف أول ديسمبر 1837 إلى أولاد المختار جنوب المدية ، وكان يوجد بهم رجل يدعى "الحاج عبد الله " أتى من المغرب الأقصى وتنبأ وادعى أنه المهدي ، فوقع هذا في قبضة الأمير ، فبعثه إلى سلطان المغرب الذي كان في طلبه ، ولكن خصوم الأمير مثل الدواير والعبيد وناخة وأولاد نايل وأولاد المختار ، لا زالوا يتربصون الفرص واضطر الأمير إلى غزو زناجة جنوب بوغار مدو 3 أيام حتى النصر ، وفي المدية توجه الأمير لمحاربة الزواتنة وهم كرغلان نزلوا وادي الزيتون غرب يسر ثم عاد إلى المدية ، وبهذا استقبل مبعوث الوالي فالي valée لمباحثة موضوع معاهدة تافنة ، كما استقبل بها "الحاج عيسى الأغواطي" فعينه خليفة على الأغواط ، وكان كلاهما ضد زاوية التيجانيّة عين ماضي ، قبل نهوضه لمحاربة الشيخ التيجاني ، بعث الأمير كرغلان المدية إلى تاقدمت وكان بتوقع فيهم الميل إلى فرنسا ، وفي طريقه إلى عين ماضي ، اختط حصن تازا في الجنوب الغربي للمدية .

وعندما دخلت حكومة الامير في عصرها الذهبي وبلغت سلطته أقصى ما عرفه ، قرر أن تكون المدية مقر الخليفة ، وعين "البَرْكاني" فيها ، وأصبحت المدية مع تلمسان ومعسكر ومليانة ، عبارة عن جبهة تساير الساحل ، وتقف في وجه العدو . وفي نوفمبر 1839 رجع عبد القادر إلى المدية ليستأنف الحرب ، فكانت المدينة عاصمة دولته ، فتوجه إليها الأعيان والأنصار ، ونشبت الحرب ولعب خليفة مليانة (وهو بن علال ولد سيدي علي مبارك ) وخليفة المدية (وهو البَركاني) دورا هاما مثل تعطيل مواصلات العدو ، وقطع الماء على معسكر والبليدة .

الاحتلال الفرنسي للمدية :

قرر الوالي العام فالي valée احتلال المدية وليانة ، فدخل عاصمة التيطري في 17 ماي 1940 ، فوجدها خالية من أهلها الذين كانوا قد غادروها فعززها وحصنها ، وترك بها حامة بقيادة الجنرال "دو فيفي" Duvivier ، إلى أن قدم إليها "بوجو" Bugeaud في 1 أفريل 1841 ، ففر البَركاني إلى الجنوب بعد ما خانه أعوانه وفارقه جنوده (إلى ضواحي شرشال) وفي 1842 الدائرة العسكري بالمدية التي كلفت بالقبض على "زمالة الأمير " (تلك العاصمة المتنقلة في الجنوب) .

ثم كان دخول المعمرين إلى المدية وضواحيها ( في 1847 بلغ عددهم 2322 ن) وأصبحت المدية بعد 1850 تحت الحكم المدني ، فكان يتصرف بشؤونها مندوب مدني ، وبدأت الجاليات الزراعية تنزل بضواحي المدية كـ لودي lodi ودميات Damiette في جانفي 1853 ، وبسطت السلطات الفرنسية نفوذها شيئا فشيئا ، وهكذا قررت في جوان 1854 أن تكون المدية بلدية على رأسها شيخ منتخب ، كما قررت إحداث نيابة العمالة في 1858 ، واستمر عهد الاحتلال .