jeudi 24 septembre 2009

اعلام مدينة المدية الشيخ العربي طبال

ولد الشيخ العربي طبٌال سنة 1841 بمنطقة " تبحريــن " بالمديـة ، ينحدر من عائلة عريقة محافظة على القيم العربية الإسلامية ، ألحقه أبوه بأحد الكتاتيب كباقي أبناء المديبة ، وبعد ذلك قام أبوه بإرساله إلى إحدى الزوايا بغرب البلاد ، فانكبٌ على الدراسة و المطالعة تحت إشراف الشيخ الفاضل " المجٌاوي " الذي كان حريصا على أداء رسالته المقدسة الممثلة في تعليم القرءان اكريم لأبناء وطنه في فترة كان الإستعمار الفرنسي حديث العهد في هذه البلاد ، وما كان يقوم به من استئصال للهوية العربية الإسلاميـة لأبناء الشعب الجزائري ، فتخرجت على يد هذا الشيخ كوكبو من حملة القرءان الكريم ، وكان شيخنا " العربي طبٌال " ضمن هذه الكوكبة التي تشبٌعت بالعلوم الدينية و الشرعيـة ، وبعد إنهاء فترة دراسته بهذه الزاوية عاد إلى مسقط رأسه بالمديـة ، وعيٌن كمعلم بمسجد " سيدي رمضان " بالقصبة بالعاصمة ، وبعد ذلك انتقل إلأى مدينة " تنــس " ليصبح مفتيا بها .

- و مع حنينه المفرط إلى مسقط رأسـه المديـة ، جعله يعود إليها ليصبح إماما بمسجد " المالكي " قبل الشيخ " حميدة فخٌار " و ذلك في سنة 1917 ، فاستبشرت به أهالي المديـة خيرا لشهرته و مركزه العلمي آنذاك ، حيث كان خطيبا و مفتيا و قاضيــا ، وتجنٌبا لخلاف كان قد وقع حول وظيفة إمامة المسجد و تواضعا منه ، شدٌ الرحال إلى مدينة " البرواقيـة " لواصل عمله بالمسجد العتيق بها مع أفراد أسرته إلى أن توفٌٌي رحمه الله سنة 1919 ، ودفن بمسقط رأسه بـ " تبحريــن " بالمديـة بجوار ضريح " سيدي خانــوش " رحمه الله .

اعلام مدينة المدية الشيخ امنور بن حدة

بسم الله الرحمن الرحيـــم

نبذة عن حياة الشيــــخ " امنـــــــــوٌر بن حــــدٌة "

الحمد لله وحده القهار ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطيبين الطاهريـن إلى يوم الدين .

قال تعالى : " من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا " الآية 23 الأحزاب .

ولد الشيخ " امنوٌر بن حدٌة يوم 25 ماي 1925 في عائلة من أحد عشر فردا ، زاول دراسته في كتٌاب الحي على يد الشيخ " عبد القادر باشن " رحمه الله ، وقد حفظ القرءان الكريم سنة 1937 و عمره آنذاك أحد عسر عشر سنة ، انتقل بعدها في الأربعينيات إلى قرية " لاأولاد خليفة " بولاية المدية أيم مارس مهنة التعليم القرءاني لأبناء القرية ليعود بعدها إلى حي " عين الذهب لمسك إمامة مسجد الحي ، وذلك سنة 11952 بعد أن أوقف والده قطعة أرض لبناء مسجد ، وبعد سنتين أي سنة 1954 ذهب لتأدية مناسك الحج لأول مرة ، انتدب مرتين من قبل وزارة الشؤون الدينية ضمن البعثة الوزارية للحج ، وذلك لمكانته و سمعته الطيٌبة ، حيث يشهد له بتبليغ الرسالة بأمانـة و إخلاص ، ومع التسعينيات ، بدأ المرض يتبعه إلى أن وافته المنيـة يوم 21 ماي 2002 .

رحم الله الشيخ و أسكنه فسيح جنانـه ، وأبدله درا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهلــه .

آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن .

اعلام مدينة المدية (الشيخ رويس احمد بن يوسف

بسم الله الرحمن الرحيـــم

الشيــــخ " رويــــــــس أحمد بن يوســـف "

الحمد لله وحده القهار ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطيبين الطاهريـن إلى يوم الدين .

قال تعالى : " من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا " الآية 23 الأحزاب .

الشيــــخ " رويـس أحمد بن يوســـف " من مواليد 1918 بالمدية بحي " الروايسية" لما بلغ سن التعليم

ألحقه والده بأحد كتاتيب الحي لحفظ القرءان الكريم على يد الشيخ " رويس عبد العزيز " ، وإلى جانب هذا كان يقوم بمساعدة أبيه في فلاحة الأرض و تربية المواشي و بتوجيه و إرشاد أحد الأسرة الكبار السيد الحاج " رويس عبد القادر " الملقب بـ : " سي بحبح " الذي تميز بحبه الإسلام و غيرته عليه ، فكان بما انعم الله عليه من المال يقوم بإنفاقه في تعليم الأطفال النجباء من أبناء المديـة اللغة وعلومها ، فطلب من شيخنا " رويس أحمد بن يوسف " الإنضمام إلى مجموعةالطلبة الذاهبين إلى " قسنطينة " لمتابعة ومواصلة دراسته في اجامع الأخضر عند العلامة الشيخ " عبد الحميد ابن باديس " (1) ، و عند وصولهم إلى قسنطينة ، حضوا بترحاب لدى الشيخ ، وأصبحوا من المقربين لديه ، بحيث جعل كلا من شيخنا " رويس أحمد " و " محمد الصغير بن حفــري " من حراسه الدائمين يلازمانه أثناء قيامه بالدروس لحراسته من بعض المشاغبين و الأشرار.

و لاستحسان الشيخ عبد الحميد ابن باديس لطريقة تلاوتهم للقرءان الكريم ، كان يقول للطلبة : " رتٌلوا القرءان مع جماعة المديـة" لأنه أعجب بهم في الأداء و النطق .

بعد عودة الشيخ " أحمد بن يوسف " من قسنطينة ، عمل خبٌازا لعدع إيجاده عملا في الميدان الذي يناسب تعلٌمه ، و بعد ذلك طلب منه التدريس بالمدرسة الزوبيرية لتعليم اللغة العربية ، فعمل بها لمدة أربع سنوات ثم غادرها بعد ذلك ، عائدا لتربية المواشي ، و عند اندلاع الثورة التحريرية أصبح من الممولين لها صحبة اخيه " قدور " ، وعند اعتقال هذا الأخير ، من قبل الجيش الإستعماري ذهب إلى " بوغار " بقصر البخاري حيث كان ابنه الأكبر يعمل خيٌاطا في ثكنة الجيش الإستعماري و كان يقوم بتهريب بعض الملابس العسكريـة للمجاهدين ، و عند اكتشتف أمره لدى الإستعمار ، هرب و التحق بصفوف المجاهدين و استشهد بإحدى المعارك بمنطقة " أولاد بوعشرة " و رجع الوالد إلى المدية و بقي يعمل بالفلاحة و تربية المواشي إلى غاية سنة 1965 ، و للإحتياج الماس للإطارات في ميدان التربية و التعليم بعد الإستقلال ، التحق الشيخ بسلك التعليم ، فكان اول تعيين له في دار الطفولة بـ " بن شكاو " ثم انتقل إلى مدرسة " تيحبريـن " حيث عمل بها لعدة سنوات ثم أصيب بمرض ألزمه اإبتعاد عن التدريس ، وبقي يصارع المرض إلى أن توفي سنة 2003 في شهر نوفمبر رحمة الله عليـه و طيٌب ثراه .

(1) الجماعة التي رافقها الشيخ أحمد بن يوسف إلى قسنطينة تتكون من السادة : " محمد الصغير بن حفري – سي أحمد رويس الخيٌاط – علي بن خاوة – محمد دراجي.-

اعلام مدينة المدية (الشيخ احسن التهامي

بسم الله الرحمن الرحيـــم

الشيــــخ " أحســـــــــن التهامــــي "

الحمد لله وحده القهار ، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطيبين الطاهريـن إلى يوم الدين .

قال تعالى : " من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا " الآية 23 الأحزاب .

ولد بمدينة المديـة بتاريخ الرابع جانفي 1903 م من أسرة محافظة ، وعند بلوغه الخامسة من عمره ، التحق بأحد كتاتيبها بحي " مرجاشكير " لتلقي حفظ القرءان الكريم، كما كان معتادا آنذاك في مثل هذا السن عند أهالي المدينة ، فبدأ حفظه على يد الشيخ " بن يلس " ثم الشيخ " الضيف بوشـو " الذي أتم على يديه حفظ للقرءان الكريم .

- خلال هذه الفترة المبكرة من حياته التي انكب فيها على حفظ القرءان الكريم ، لوحظ ما لديه من استعداد فطري و ذكاء مفرط و ذاكرة قوية ، وحب لطلب العلم ، الشيئ الذي جعل من أسرته تقوم بكفايته للتفرغ طالبا لعلم و استغلالا لما لديه من قدرات لمواصلة التحصيل و التعلم ، فكان قد تعهده كل من الشيخ " بغداد " و الشيخ " الحسينــــي " المعروف بـ : " بالحصينـــي " ليأخذ عنهما ما تيسر من علوم العربية من نحو وصرف و بلاغة بالإضافة إلى علوم التوحيد و الفقه و التفسير و ما تيسر من علم الفلك ، وهو لم يتجاوز سن العشرين ربيعا من عمره .

- ما حظي به شيخنا " أحسن التهامي " رحمه الله تعالى من علم و أخلاق تربوية ، جعل أعيان أهالي المدية ينتخبونه معلما لتحفيظ القرءان الكريم بالكتٌاب الذي كان قد تخرٌج منع طالبا خلفا للشيخ " الضيف بوشو " إثر وفاته .

و الجدير بالملاحظة ، أنٌ كتٌابه لم يقتصر على عملية تحفيظ الصبية للقرءان ، بل تعداهم إلى تعليم الكبار في حصص مسائية خاصة مشاركا بذلك في محو الأميـة التي كانت ضاربة أطنابها آنذاك عند عامة الناس .

و أثناء عمله التعليمي هذا ، اعتمد على تكوينه الذاتي ، وذلك باعتكافه على مطالعة كتب التفسير و الفقه و المنطق ... كما كان يجالس العلماء و يأخذ عنهم ، وكان ما يطالعه من كتب ، يقوم بتعقيبات و إضافات على توصل قراءته على هوامش هذه الكتب و تسجيل ما وجده من خلافقات في نفس الموضوع و ما يستحسنه من آراء و أفكار .

و بحكم تكوينه الذاتي ، و تحصيله المعرفي في هذا الميدان ، لم يقتصر نشاطه التعليمي على تحفيظ القرءان الكريم فحسب ، بل تعداه إلى تدريس الفقه و التوحيد و القصص القرءاني و السيرة النبويـة الشريفة ، بالإضافة إلى علوم العربيـة .

و بفضل من الله عز وجل ، و عمل شيخنا و نشاطه الدؤوب ، تخرجت على يديه نخبة من الطلبة الشباب الذين كان لأغلبهم شرف التعيين في المدارس الإبتدائية بعد الإستقلال مباشرة لتعليم اللغة العربية ، وبذلك التحقوا بوازرة التربية و التعليم ، كما كان منهم من التحق بوزارة الشؤون الدينية في الستينيات .

و من نشاطاته كذلك ، أنه بحلول شهر رمضان المعظم من كل سنة يفتح كتٌابه بحي " مرجاشكير " ليحيي ليايه بتقديم دروس و مواعظ و إرشادات للمصلين يختمها بإقامة صلاة التراويح ، الشيئ الذي جعل سكان هذا الحي يقبلون عليه و يواضبون على الحضور و بخاصة الكبار و المسنون منهم إلى آخر يوم منه.

بعد الإستقلال كان له شرف تأطير جمعية بأحد مساجد العاصمة رفقة الشيخ " محمد الحسيني " المعروف بـ " محمد بلحصيني " لكن تأطيره هذا لم يدم طويلا ( سنة واحدة )لعقد العزم على العودة إلى تعليم الأطفال حفظ القرءان الكريم ، وتكريس حياته لهذه المهمة النبيلة الشريفة ، وبعد عودته لم يكتف بتحفيظ القرءان فحسب ، بل كان يخصص لطلبته المتفوقين في عملية الحفظ حصصا مسائية يدرسهم فيها متن الأجروميـة ، وشرح الكفاوي ، وكان يدعوهم دائما إلى تجنب التدوين و يدعوهم إلى الإعتماد على الذاكرة .

إضافة إلى ما تقدم ، أنه كان يتقن الخط و يجيده ، فقام بنسخ مصحف بيده بمساعدة الشيخ " قدور المستغالمي " الذي قام بإهدائه شخصيا للرئيس الراحل " هواري بو مدين " إثر زيارته لولاية المديـة سنة 1969 ، كما كان قد اتصل به صاحب مكتبة البلدة لنسخ مصحف و طبعه بلبنـان .

و في آخر أيام حياته ، ابتلي بمرض الحصر البولي ، فكان صابرا لقضاء الله و قدره ، وبقي على تلك الحال إلى أن وافته المنية بتاريخ 25 فيفري 1987 ، وأثناء تشييع جنازته قلم طلبته الشيخ " محمد بلحسن اليعقوبي " بإلقاء كلمة تأبين على روحه قبل أن يوارى جثمانه التراب .

- و الشيخ أحسن التهامـــي رحمه الله إلى جانب كونه معلم تحفيظ القرءان الكريم ، كان يتمتع بأخلاق فاضلة و مواقف و مبادئ حسنة جعلت منه مضرب الأمثال في التربية الدينية النابعة عن العقيدة الصحيحة و القدوة الحسنة ، و يكفيه شرفا ، أنٌ جل طلبته ساروا على نهجه ، نذكر من جملتهم الشيخ " محمد اليعقوبي " قد شهد بجدارته و تمكنه من عمله التعليمي في حفظ القرءان و تدريسه المرحوم الشيخ " محمد بلجباس " .

كما لقٌبوه من درسوا معه ، أمثال الشيخ " بن عيسى بن دالي " رحمه الله بـ ( جامع المتون " لكثرة حفظه للمتون ، كمتن الأجرومية ، وألفية ابن مالك ، ولامية مختصر خليل ، متن ابن عاشر ... ، وهذا ماجعله موسوعة في هذا الميدان ، متضلعا في المسائل الفقهية و مرجعا يلجأ إليه في الفتاوي ، وكان من رفاقه الذين لازموه يوميا كل من الســـــــادة :

" بن يوسف بن يرقي – محمد الحسيني " بلحصيني " – الطاهر بودلــة – الطاهر بن يرقي ) رحمهم الله جميعا ، و بهذا تحقق فيه قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " خيركم من تعلم القرءان و علٌمه "

رحم الله شيخنا الفاضل و طيٌب ثراه ، وأسكنه فسيح جناته ، وحشره مع النبيين و الصدٌيقين و الشهداء و الصالحين ، وألحقنا بهم مومنين لا مبدلين و لا مغيٌرين

آميـــــــــــــــــــن ، آميـــــــــــــــــــــــن .

lundi 21 septembre 2009

مدينة المدية


إن تاريخ تأسيس مدينة المدية ما يزال يثير جدلا كبيرا من خلا ل الآثار و آراء الكثير من الباحثين في مجال التاريخ و علم الآثار، حيث تنسب هذه المدينة إلى قرية قديمة لامباديا بل و قبلها كانت تسمى ألمغاراو حسب الروايات التاريخية أن ميلاد هذه المدينة يعود إلى ألف سنة. حيث تأسست سنة ثلاث مائة و خمسون (350) هـ مع مدن مليانة، بجاية، الجزائر العاصمة، تلمسان و هذا ما ذكره المؤرخون أمثال البكري أن المدية عتيقة قديمة و أن المدية سبقت بني زيري و أنها أقدم من أشير.

عرفت المدينة الكثير من الحضارات مرورا بالعهد الروماني إلى الفتوحات الإسلامية وصولا إلى العهد العثماني، فكانت التسمية التي أطلقت عليها سنة ألف و خمس مائة و ثمانية و سبعين (1578) م ببايلك التيطري. و لو غصنا في عمق التاريخ لما استطعنا أن ننفذ من هذه الفسيفساء التاريخية التي نسجت مجد هذه المدينة العريقة. و المدية اليوم من بين ولايات القطر الجزائري تتوفر على منتوج ثقافي سياحي و تاريخي، و هي تتقاطع مع مدينة تلمسان في عدة تقاليد لتشابه أنماط المعيشة لدى سكانها، و أسلوب حياتهم حتى قيل أنها شقيقة تلمسان، و مع ذلك تبقى المدية تلك المدينة المترامية الجذور في قلب الجزائر الغالية، والتي أنجبت العظماء أمثال الشيخ ابن شنب و فضيل اسكندر، فخار مصطفى و غيرهم و يكفيها أنها كانت عاصمة الولاية الرابعة حيث لعبت دورا ثوريا بارزا خلال فترة الإحتلال.

تاريخ الجزائر في العهد العثماني 1518م /1830م


المبحث الأول: مدينة الجزائر خلال الحكم العثماني.
كانت مدينة الجزائر أيام الاحتلال الروماني تعرف باسم "ايكسيوم" ثم خرجت
أثناء هجمات الوندال وثورات البربر وأصبحت مقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" وفي القرن العاشر ميلادي، الرابع هجري أسس بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي مدينة لقبها "بجزائر بني مزغنة".
وأخذ نمو الجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية سهول متيجة فاستولت
قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولما وضعت الدولة الزيانية تكالب الإسبان على سواحل إفريقيا واحتلوا الجزائر وأسسوا حصنا على إحدى صخورها "البينون" .
ونتيجة للضغوطات الإنسانية على سكان الجزائر استنجدوها بالأخوين عروج وخير
الدين بربروس للتخلص من الخطر الاسباني المحدق بهم، لأنهم على علم بعدم قدرتهم على مواجهة الجيوش المسيحية، وذلك بسبب ضعفهم وصراعاتهم الداخلية . وعندما نجح عروج في القضاء على شيخ المدينة سالم التومي ونصب نفسه حاكما عليها، حرض الإسبان أنصاره للتخلص من عروج وأتباعه، وشنوا بدورهم حملة عليهم 1516م باءت بالفشل. وحملة أخرى في 1518 نجحت في القضاء عليه، كما وجهوا حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519 للقضاء على خير الدين ورفاقه باءت هي الأخرى بالفشل. قام أهل الجزائر في أثرها بتحريض من خير الدين بطلب الحماية من السلطان العثماني في مقابل الانطواء تحت لواء الدولة العثمانية وهو ما لقي القبول عنده، وقام بمساعدة الجزائر بألفي من الجند الانكشاري وبمثلها من المتطوعين وتعيين خير الدين بايلربايا على الجزائر وذلك أواخر 1519م .
قد اتخذ خير الدين مدينة الجزائر عاصمة له، وفي عهده وعهد خلفائه اتخذت
مركزا منبعا، تحطمت أمامه كل الهجومات الاسبانية وغيرها، حتى أطلق عليها المدينة التي تقهر، أو المدينة المحروسة، ودار الجهاد، ودار السلطان ولم تنجح سوى الحملة الفرنسية في سنة 1830م في احتلالها .
أولا: موقع مدينة الجزائر
.
تقع مدينة الجزائر بين خطي عرض 36.46 شمالا وخط طول 3.3 شرقا، وبالتالي
تقع في إقليم وسط البلاد، جناحها الغربي الإقليم الوهراني، وجناحها الشرقي الإقليم القسنطيني .وهي مدينة بحرية مبنية على شاطئ البحر على قاعدة واسعة نسبيا في شكل نصف دائرة على هضبة سريعة الانحدار .
ويمتد إقليم مدينة الجزائر من دلس شرقا، إلا تنس غربا، ومن ساحل البحر
شمالا، إلى سفوح الأطلس البلدي جنوبا، وتضم إقليمي الساحل ومتيجة مع بعض الامتدادات في بلاد القبائل والتيطري . وقد تحولت من مرسى صغير، يلجأ إليه الصيادون ويؤوى إليه المسافرون كمحطة ثانوية عند هبوب العواصف إلى مرسى كبير يستقبل مختلف السفن والبضائع، ويقصده التجار من الداخل والخارج.
كما تحولت من قرية مجهولة وعرة المسالك معلقة على صدر الجبل، إلى عاصمة البلاد، كثيرة العمران وافرة السكان
.
وقد كان للمدينة خمسة أبواب هي
:

ثانيا: أبواب مدينة الجزائر
:
أ- باب عزون
:
نسبة إلى أحد الثوار من الأهالي اسمه عزون، ثار ضد الحاكم التركي، وحاصر
المدينة لكنه قتل من طرف الأتراك. وباب عزون من أهم أبواب المدينة، ومنه كان يدخل القادمون من الجنوب والشرق ومن السهل المتيجي. وكان له جسر يرفع أثناء الخطر .
ب- باب الجديد
:
يقع في الجهة الجنوبية الغربية يدخل منه القادمون من البليدة والغرب
.
ج- باب الوادي
:
نسبة إلى الواد الذي يمر بجانب المدينة، يفتح هذا الباب على الشمال أو
الطريق التي تمر بجبل بوزريعة، وهو أقل الأبواب أهمية، ينتهي بجسر يرفع وقت الخطر .
د- باب الجزيرة
:
وسمي بباب الجهاد، لأنه الباب الذي كان مخصصا لدخول وخروج القراصنة. وهو
أشد الأبواب متانة ومناعة، تقع بجانبه عدة ثكنات للانكشارية البحرية .
و- باب الديوانة
:
ويسمى أيضا باب البحر، أو باب السردين كان مخصصا للتجارة البحرية، ولقد
علقت بهذا الباب خمسة أجراس، قيل بأنه جيء بها من مدينة وهران سنة 1708م وعلقت على باب الديوانة تخليدا لذكرى الإنتصار على الإسبان واسترجاع مدينة وهران .
كل هذه الأبواب كانت كبيرة الحجم متقنة الصنع، مرصعة بالحديد، تغلق قبل
غروب الشمس بقليل وتفتح بعد طلوع الشمس بقليل، يكثر بها الحراس، وتشتد بها الحراسة حتى لا ينسل منها إلى المدينة مشبوه فيه وتحاديها القلاع والثكنات، وكان داخل هذه الأبواب أبواب أخرى ثانوية مثل البابين الداخليين بالقصبة العليا والباب الداخلية فيما وراء باب الجزيرة أو الدزيرة .(انظر الملحق رقم:01).
ثالثا: مراحل الحكم العثماني
.
وكما ذكرنا سابقا أن مدينة الجزائر قد دخلت تحت الراية العثمانية هذا ما
اكسبها نوعا من الحماية، وأبعدها عنها الكثير من الأطماع خاصة الاسبانية، واستمر الحكم العثماني للجزائر من عام 1509م الى غاية الاحتلال الفرنسي عام 1830م. حيث اجمع المؤرخون على تقسيم هذه الفترة الطويلة من الحكم إلى أربعة عهود وهي كالتالي:
أ- عهد البايلربايات (1519م-1587م
)
وبدأ حكام مدينة الجزائر يطلق عليهم هذا اللقب ابتداء من 1519م، وهو
التاريخ الذي دخلت فيه مدينة الجزائر تحت راية الحكم العثماني بصفة رسمية، وكان أول من حمل هذا اللقب هو "خير الدين" استنادا إلى الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني "سليم الأول"، أن يكون التعيين رسميا من طرف السلطان .
كما لمعت في هذه الفترة عدة شخصيات نذكر منها: "صالح رايس" الذي قام
باسترجاع وتحرير بجاية، ووضعوا حدا لأطماع الإسبان، وطردوا منها بصفة نهائية سنة 1555م .
ولقد تولى هذا المنصب (منصب بايلرباي) ثمانية عشر شخصا من الأتراك أولهم
كما ذكرنا سابقا خير الدين (1519م-1534م) وآخرهم حسن فنزيانو (1583م-1587م) ، وتميزت هذه المرحلة من الحكم أن معظم من شغل هذا المنصب هم من طائفة رياس البحر الذين كان ابلغهم من رفاق خير الدين .
ب- عهد الباشاوات (1587م-1659م
)
في سنة 1587 تم إلغاء نظام البايلربايات، واستبدله بنظام الباشاوات وهذا
التغيير عين من قبل السلطان العثماني "مراد الثاني"، حيث اصدر فارمان إلغاء نظام البايلربايات واستبداله بهذا النظام، فاخذ الباب العالي بإرسال الباشاوات لحكم مدينة الجزائر ابتداء من 1587م ، وكان هؤلاء الحكام يديرون شؤون الدولة بمعاونة اللجنة الاستشارية مؤلفة من: وكيل الخرج، الخزناجي، خوج الخيل والأغا، وفي هذه المرحلة كان الباشاوات يعينون لثلاث سنوات .
وأول باشا عين طبقا لهذا التنظيم الجديد هو "دالي احمد باشا" (1587-1589م
) وتداول على هذا المنصب أربعة وثلاثون حاكم منهم من شغل المنصب لمرتين مثل "حسين الشيخ" (1613م-1616م)، وكان آخرهم الباشا "إبراهيم" (1656م-1659م) .
ج- عهد الأغاوات: (1659م-1671م
)
انتقل النظام من الباشاوات إلى الآغاوات، وكان هذا عام 1659م، وكان
الأغاوات ينتخبون من الفرق الانكشارية لمدة شهرين قمريين لهذا كانوا يعرفون ب "أغا المقريين"
ولكي لا يستأثر بالأغا بالسلطة فقد تقرر أن يستعين الحاكم بالديوان العالي
. وقد تميز هذا العصر بمحاولة انفصال الجزائر عن الدولة العثمانية ، ضف إلى ذلك النظام لم يدم طويلا، فالأغا يتولى الحكم كما اشرنا سابقا لمدة شهرين ثم يعزل، لذا تشبث الأغا بهذا المنصب ورفضوا التنازل عنه مما أدى إلى عزلهم بطريقة غير طبيعية كالقتل وأول من تولى هذا المنصب هو "خليل أغا" (1659-1660م) وجاء بعده ثلاثة أغوات كان آخرهم "علي أغا" (1665م-1671م) .
د- عهد الدايات (1671م-1830م
):
نتيجة الأوضاع التي شهدها عهد الأغوات من النزاعات الشخصية والمؤامرات
والانقلابات ضد بعضهم البعض والاغتيال حتى أن كثيرا من ولاة هذا العهد عزلوا أو قتلوا أو ابعدوا بعد شهرين أو أقل من تعيينهم في مناصبهم، وأدت هذه الحالة إلى ظهور طبقة الرياس واختفاء نظام الأغاوات وظهور عهد الدايات 1671م، والذي دام طويلا واندمج فيه الجنود الانكشارية بطائفة الرياس واختفى الصراع بينهما. وتمكن بعض الدايات من الاستقرار في الحكم مدة طويلة خاصة في القرن الثامن عشر، وكانت هناك بعض التنظيمات تحد من سلطة الداي في أوائل هذا العصر، ولكن في العصور المتأخرة حكموا حكما مطلقا وأصبح للداي الحرية المطلقة في الحكم والإدارة والتفاوض مع الدول الاجنبية وعقد المعاهدات السلمية والتجارية، ويعلن الحرب والسلم ويستقبل الممثلين الدبلوماسيين الأجانب، ومنه يعد عهد الدايات بداية لعهد الاستقلال الكامل للدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية ولم تبقى إلا بعض الشكليات ، وأول من تولى هذا المنصب هو الداي الحاج باشا (1671م-1682م) وجاء يعده أربعة وعشرون دايا كان آخرهم الدي حسين باشا (1818م-1830م) والتي كانت فترة حكمه أطول من الفترات في عهد الدايات .
رابعا: أوضاع مدينة الجزائر قبيل حكم الداي حسين
.
تميزت أوضاع مدينة الجزائر قبيل الداي حسين الاضطرابات وتجاوزات الأتراك
على مستويات متعددة، فسياسيا كان نظام الحكم متوترا فالدايات يتعرضون للانقلابات والقتل منذ بداية حكمهم سنة 1671م وقتل منهم ستة عشر داي، كما أنها لم تسلم من الاضطرابات الداخلية المتكررة من فترة إلى أخرى ففي غضون سنة (1813م-1814م) قام بأي وهران بثورة على مدينة الجزائر وزحف على رأس جيشه شرقا حتى وصل إلى مكان لا يبعد عن المدينة بأكثر من ثلاثة فراسخ، وبعد انتصارات وهزائم تمكن الداي "عمر باشا" الذي كان يشغل منصب الأغا في تلك الفترة من قمعها واسر بأي وهران وإعدامه .
إضافة إلى سخط الأتراك، فثارت فرق الجيش المتواجدة بقسنيطنة وقررت إسقاط
الداي، وفي 30 نوفمبر 1817 وصل إلى المدينة الجزائر جيش يتكون من أربعة آلاف أو خمسة آلاف جندي فاستقبلوا بنيران المدافع فاضطر الثورات إلى التراجع وإقامة معسكرهم بعيدا عن المدينة، ولكن هذا المعسكر اختفى في اليوم التالي ، ونتيجة لهذه الاضطرابات أمر الداي علي خوجة (1817-1818) بان ينقل مقر إقامته من القصر السابق إلى القصبة، أعلى نقطة في المدينة في سرية تامة، وفي الليل، أيضا عمل علي باشا على الزيادة في تحصين القصبة وتزويدها بمئة مدفع آخر وبالإضافة إلى حرسه التركي كون فرقة قوية من الكراغلة والحضر وأخرى من الزنوج، وحرص على أن تكون الفرقة التركيبة اضعف الفرق في الجيش والحاميات على حد سوى، حتى لا تستطيع أن تقوم بأي حركة ضده ، ولم يغفل عليه أن جعل بينهم جواسيس يلتقطون له إخبارهم .
أما على الصعيد الاجتماعي فكانت مدينة الجزائر تعاني من اجتياح الطاعون
منذ 1817م هذا الوباء الذي لم تبتلى به منذ عشرين سنة، واستمر في الفتك بحياة الناس، ففي شهري أوت وسبتمبر 1817 كان يؤدي بحياة مائتين شخص يوميا من مدينة الجزائر .
وشهدت هذه الفترة تناقصا في عدد الأتراك يوميا وهذا بسبب الإعدام والطرد
وغير ذلك فمنهم من عاد إلى وطنه تلقائيا ، كما أن الداي علي خوجة وضع خطة تقضي على الانكشارية نهائيا من المدينة وعمل على اخذ أطفال اليهود من دويهم وإرغامهم على اعتناق الإسلام والقيام بالحراسة في القصبة، وترسل البنات إلى خدمة حريمه، وقد أثار هذا اشمئزاز جميع المسلمين لأن دينهم لا يرضى بأعمال من هذا النوع .
وفي عام 1816 حصرت غارة اللورد ايكسموث على مدينة لجزائر التي دمرت جزءا
من مباني المدينة وخربت عددا من الراكب البحرية من ضمنها "البورتقيزية" التي أسرها الرايس حميدو من البرتغال عام 1802، واضطر الداي عمر باشا على إمضاء صلح مهين مع انجليزا، فأطلق جميع الأسرى المسيحيين بالمدينة وأعاد المبالغ المالية التي تم بها شراء الأسرى قبل دلك وتنازل عن المطالبة بالاتاوات .
وقدر محتوى الخزينة في الفترة التي سبقت عهد الداي حسين (1817م) بخمسين
دولار اسباني وهو مبلغ ضخم لأن الدولار الاسباني كان يساوي في تلك الفترة 3.4 فرنك فرنسي ، وتم تحويل هذه الخزينة بما فيها إلى مقر السلطة الجديدة .
أما الأوضاع الخارجية لمدينة الجزائر قبيل عهد الداي حسين خاصة مع جيرانها
تونس والمغرب وطرابلس كانت على حال حسنة، فعلاقة مدينة الجزائر مع تونس تحسنت بعدما كانت في اشد توترها وانطفأت نار الفتنة في عهد علي خوجة الذي عمل على تحسين العلاقة ونسيان الماضي وأحقاده، وكذلك مع المغرب وطرابلس وهذا ما تدل عليه التبرعات التي بعث بها مولاي سليمان سلطان المغرب، والمراكب الذي بعث به يوسف باشا من طرابلس، وهي التبرعات التي جاءت إلى مدينة الجزائر بعد المعركة المؤلمة مع الانجليز . أما مع الدول الأجنبية فكانت الأوضاع تتأرجح من دولة إلى أخرى، فمع الانجليز فقد بناهج من خلال حملة اكسموث على المدينة 1816م، أما اسبانيا فمند سنة 1815 وهي تبدل جهودا مستمرة من اجل تسوية معقولة لقضية الديون ولكن دون جدوى نظرا لتحفظ الجزائر بحقها في تسديد هذه الديون ولو بالالتجاء إلى القوة، لذلك طلبت الحكومة الاسبانية من قنصلها بمغادرة المدينة ، وكانت الدولة الأحسن حظا هي الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تحظى بالاحترام من الحكومة الجزائرية، وهذا ما يفسر احترام البحارة الجزائريين للسفن الأمريكية التي كانت تتجول في مناطقها بعكس السفن الأخرى التابعة للدول الأجنبية والتي كانت تعرض للتفتيش .
المبحث الثاني: الداي حسين باشا

قبل أن نبدأ في استعراض تفاصيل حياة الداي حسين باشا، يجدر بنا الإشارة
إلى نقص المصادر التي تتحدث عن هذه الشخصية بالذات، إذ قلما نجد كتابا تناول هذا الموضوع بالتفصيل، إذ نكتفي بتقديم خطوط عريضة وعامة على هذه الشخصية، لا تكفي للوصول إلى تعريف واف وكاف.
أ- حياته
:
هو حسين خوجة بن علي، وقيل ابن الحسن، آخر دايات الجزائر ، ولد بقرية
فورلا "vurla" الواقعة على الشاطئ الجنوبي لازمير ، أما عن سنة ولادته فهناك تضارب في التواريخ، فهناك من يقولانه كان في 1764 ، 1767م أو 1773م ، وهو من عائلة تركية أصلية، نشأ باسطنبول حيت تلقى مبادئ القراءة والكتابة واكتسب تدريبا عسكريا في المدارس العسكرية أهله لأن يصبح من رجال المدفعية بالجيش العثماني ، وأكتسب مهارة في تلقي المدافع وتصويبها، فأصبح بذلك طبجيا ماهرا وقد اكتسب هذه المهارة من أبيه الذي كان ضابطا في الفرقة المدفعية (الطبجية).
وقد وصفه المؤرخ الفرنسي "اغسطين جال" في الحديث الذي دار بينه وبين الداي
حسين في الفندق الذي كان يقيم فيه عند زيارة الداي حسين لباريس في سنة 1831م على النحو التالي: "...قامة متوسطة يميل إلى السمنة...، وله هامة عظيمة وواضحة المعالم، وله لحية بيضاء طويلة ذات تموجات ذهبية، يعلوها شارب أكثر سوادا وكأنه يشكل قوسين للحية، وكل ذلك يضيف وسامة إلى ملامح وجهه.
وللباشا عينان هادئتان، نصفهما مختبئ وراء نظارات، ولم يكن حسين متجهما
ولا جامدا، فهو يحب الضحك والحكاية، وله طيبة يمكن أن تكون ساذجة تجعله محبوبا أكثر لدى الناس وكانت ملامحه لطيفة وجذابة" . (انظر الملحق رقم:02).
أما احمد الشريف الزهار فقال عنه "كان قوي النفس لا يتزعزع لعظام الأمور،
ولا يتضعضع لنواب الدهور، أما سرية في أهل البلد، وأهل مملكته فقد سار فيهم سيرة حسنة لأهل الجزائر، فقد كان يعفو عن الجرائم، ويصفح عن الزلات" .
كما كان يتميز بالوفاء في القيام بالالتزامات، وكان معروفا في كامل أنحاء
أوربا وانه لا يوجد بلاط واحد اشتكى من أن حسين قد خرق المعاهدات التي ابرمها سواء مع القوى أو الضعيف .
وقد ظل أثناء ذلك منتظما في حياته مقتصدا في معيشته متواضعا في مظهره
متقيدا بأحكام الشريعة الإسلامية ميالا إلى القضايا الأدبية والمسائل الشعرية محبا لاستظهار القرآن ساهرا على أحوال أسرته وراعيا لأخيه الذي كان يقيم معه، معتنيا ببناته الثلاثة (عائشة، حفيظة، أمينة) .

ب- وصوله إلى الحكم
:
سمح له عمله بالجيش أن يترقى في سلك الاوجاق إلى عضو بالديوان، مما سمح له
أن يصبح وكيل حوش ، ثم تولى منصب خوجة الخيل في عهد عمر باشا (1814م-1817م) وظل محتفظا بهذا المنصب واستطاع أن يكسب ثقة الداي علي خوجة (1817م-1818م) وأصبح محل ثقته ولما أنهى وظيفته العسكرية تعاطي مهنة التجارة ونجح فيها نجاحا باهرا، فأصبح غنيا في مدة قصيرة، ثم اسند إليه الداي علي باشا منصب كانت الدولة وكلفه بتسيير ممتلكاتها .
اسند إليه منصب الداي في أول مارس 1818م بوصية علي خوجة الذي وافته المنية
بسب مرض الطاعون الذي أصاب المدنية في أواخر شهر فيفري 1818م وذلك لمهارته في معالجة الأمور وخبرته الإدارية ومعرفته بتصريف أمور الدولة أثناء توليه منصب خوجة الخيل في عهده . كما أن الانكشارية انتخبوه بالإجماع دايا على الجزائر، فرفض حسين باشا هذا التشريف ولكن إلحاح الانكشارية جعله يقبل ذلك كرها فخاف على نفسه .
وقد نال رضى رجال الديوان واكتسب ثقة الموظفين بالدولة وضباط الجيش وقد
وجد المساعدة في ذلك من صهره الحاج مصطفى بن مالك، هذا وقد توجه وفد من الشخصيات من بينهم أعضاء الديوان لحمل خطاب توليته لسلطان باسطنبول.
مع الهدايا التقليدية المعتادة، وعادوا بفرنان التولية والخلعة فأقيمت
الأفراح بالجزائر، ونال رضى عامة الناس ، واختار هو الآخر القصبة مقرا له، حيث توفرت الشروط الأمنية ، حيث كان يقوم على حراسته مع مساعديه فرصة من الجند الانسكندري وجماعة من رجال زواوة .
وبعد مبايعته قام بعزل وزراء على خوجة وطردهم من البلاد، كما أعاد أطفال
اليهود إلى آبائهم وأعاد أيضا قسما من الأموال التي أخذت من الأتراك الذين كانوا قد هربوا إلى المناطق الأخرى، وفي عهده رجعت الأمور إلى عهدها السابقة ، وعمل منذ توليه منصب الداي لمدة اثني عشر سنة (1818م-1830م) على تنظيم أمور الدولة والسهر على إقرار النظام وتصريف شؤون البلاد ومن مقر إقامته الدائم بحصن القصبة .
وكانت نهاية حكم الداي حسين باشا بتوقيع معاهدة التسليم 05 جويلية 1830م،
غادر الداي حسين بمقتضى نص التسليم مدينة الجزائر، فاستقل سفينة جان دارك بعد غروب الشمس يوم 10 جويلية 1830م برفقة 108 من إفراد أسرته وحاشيته واستقر "بلييفون" بايطاليا في 24 أكتوبر 1830م. التي أقام بها ثلاث سنوات، ثم تحول إلى الإسكندرية بمصر على نية أداء فريضة الحج، فأقام بها في 23 سبتمبر 1833 معتزلا السياسة في أحد القصور التي خصصت له مع حاشيته، إلى أن وافته المنية عندما كان خارجا من المسجد في 30 أكتوبر 1838م عن سن يناهز الثلاثة والسبعين سنة .

حكم ونوادر



ــ أراد رجلٌ تطليق زوجته، فقيل: ما يسوؤك منها؟ قال: العاقل لا يهتك ستر زوجته. فلما طلقها قيل له: لِـمَ طلقتها؟ قال ما لي و للكلام فيمن صارت أجنبية؟

ــ قال احد الحكماء: لا يغرنك اربعة: إكرام الملوك، و ضحك العدو، و تملُّـق النساء، و حـرُّ الشتاء.
ــ كتمان الأسرار يدل على جواهر الرجال، و كما انه لا خير في آنية لا تمسك ما فيها، فلا خير في إنسان لا يكتم سراً.

ــ قال الفضيل ابن عياض: ثلاثة لا تلومهم عند الغضب: المريض و الصائم و المسافر.

ــ قال احد الظرفاء: إني اخاف من النساء اكثر من الشيطان ! لأنه سبحانه يقول في سورة النساء (( أنَ كَـيْـدَ الشيطانِ كان ضعيفاً )) و في سورة يوسف (( إن كيدَكُـن عظـيم)).
ِ
ــ إحسانك للحرِّ يحركه على المكافأة، و إحسانك إلى الخسيس يبعثه إلى معاودة المسأ لة

ــ جاء رجلٌ إلى احد الحكماء و قال له: إني تزوجت امرأة وجدتها عرجاء، فهل لي ان أردها؟ فقال له: إن كنت تريدُ أن تسابق بها.. فردها..!!

ــ قال إبليس: العجب لبني آدم! يحبون الله و يعصونه، و يبغضونني و يطيعونني!!

ــ تشاجر زوجان و امتنعا عن الكلام. و قبل ان يصعد الزوج للنوم، قدَّم لزوجته ورقة مكتوب عليها: ايقظيني الساعة الخامسة صباحاً.
وفي اليوم التالي استيقظ الزوج، ونظر الساعة فوجدها الثامنة! فاغتاظ، ثم لبس ثيابه، ولما اراد الخروج، نظر فرأى ورقة مكتوب عليها: استيقظ، الساعة الآن الخامسة!

[ــ من التناقضات العجيبة ان يكون اول ما يهتم به الإنسان أن يعلم الطفل الكلام، ثم بعد ذلك يعلمه كيف يسكت!!